انتقد الحقوقي والمحامي، ميلود إبراهيمي، المساس بمبدأ “لا يضار الطاعن بطعنه” في القضايا الجنائية، والذي بسببه يتعرض المدان بارتكاب جناية إلى رفع العقوبة وتشديدها في حال لجوئه إلى الطعن لدى المحكمة العليا، فيما يحترم المبدأ في قضايا الجنح، التي غالبا ما تكون عقوبته بسيطة أو رمزية، داعيا إلى إعادة النظر في الأمر ومعالجة الخلل القانوني، مستدلا في ذلك بقضية المجاهد محمد غربي، الذي أدين بقتل إرهابي تائب، وحكم عليه 20 سنة سجنا، وبعد الطعن مرتين أمام المحكمة العليا، تم تشديد العقوبة من المؤبد إلى الإعدام. ولفت ميلود إبراهيمي إلى هذا الخلل القانوني، واعتبر أنه من غير المنطقي لجوء محكمة الجنايات إلى تشديد عقوبة المدانين بارتكاب جناية بعد الطعن لدى المحكمة العليا، و يشكل مساسا بمبدأ قانوني، يؤكد أنه من غير المعقول أن تشدد العقوبة إذا لجأ المدان إلى الطعن أمام هيئة قضائية أعلى، وهي المحكمة العليا التي لا تنظر في الحكم وإنما في مدى احترام القواعد القانونية، داعيا المحكمة إلى القيام باجتهادات قضائية في هذا الشأن. وقاسمه الرأي، الأستاذ بوسنة محمد، رئيس غرفة بالمحكمة العليا، أمس، خلال ندوة بمنتدى يومية “المجاهد” حول إصلاح محكمة الجنايات، وأكد أن المحكمة العليا غير مسؤولة عن تشديد العقوبات ولا تنظر في الحكم، وهي تكتفي بإعادة إحالة القضية على محكمة الجنايات في حال ثبت وجود خلل في الإجراءات المتعلقة بالقضية، مضيفا انه من غير المنطقي إقرار مبدأ “لا يضار الطاعن بطعنه” في الجنح وإهماله في الجنايات التي تكون عقوبتها اشد وأقسى . من جهة أخرى، أكد المحامي والأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين شامة، على ضرورة الإبقاء على المحلفين الشعبيين في تشكيلة محكمة الجنايات، حفاظا على خصوصية المحكمة الشعبية، فيما اعتبر أنه من الضروري إقرار الدرجة الثانية في التقاضي، أي منح حق الاستئناف للمدان، التي تشكل فرصة ثانية له للدفاع عن نفسه، وأشار إلى أن الإحصائيات المتعلقة باعتماد التقاضي على درجتين في فرنسا، أثبتت أن نصف القضايا المطروحة للاستئناف تغيرت أحكامها. وقد استمر الجدل، أمس، بخصوص إصلاح محكمة الجنايات، غير أن الحقوقيين اتفقوا على أهمية إقرار حق الاستئناف، مثلما هو معمول به في العديد من الدول، بالنظر إلى خطورة العقوبات التي تصدر عن محكمة الجنايات، فيما اختلفت الآراء حول إبقاء المحلفين الشعبيين ضمن تشكيلة المحكمة بين مؤيد ومعارض للفكرة، وبين من يشترط رفع عددهم بهدف جعلهم أغلبية في المحكمة .