أظهرت تقارير سرية عسكرية أمريكية أن عدد القتلى المدنيين في العراق أعلى بكثير مما أعلن عنه حتى الآن، وكان للقوة الجوية نصيب وافر في هذه الخسائر البشرية الهائلة. وتتحدث الوثائق عن 285 ألف ضحية سقطت منذ بداية الغزو الأمريكي في 2003 بينها 109 ألف قتيل على الأقل، 63 بالمائة منهم مدنيون، و15 ألفا منهم مجهولو الهوية وتظهر الوثائق أن شهر ديسمبر 2006 كان الأكثر دموية في العراق، وقتل فيه 5183 شخص، صنف 4000 منهم على أنهم مدنيون، وقد كان للقوة الجوية دور رئيسي في وقوع هذا العدد الكبير من القتلى المدنيين. وتظهر مثلا برقية عسكرية سرية أن طائرة أف 15 ألقت في 9 سبتمبر 2005 قنبلتين على هدف وألحقت به إصابات بالغة، واكتفت الوثيقة بالقول إن الأضرار في ساحة المعركة حيث استهدف مسلحي القاعدة غير معروفة، لكن برقيات لاحقة تحدثت عن ثمانية قتلوا، بينهم أربعة أطفال وامرأتان، ما جعل الجيش الأمريكي يصدر بيانا يتحدث عن عدد غير معروف من القتلى المدنيين سقطوا في الغارة. ولم تدون المعلومات السرية الأمريكية عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجمات الجوية على الفلوجة في 2004، لكن موقع إحصاء الضحايا العراقيين بودي كاونت تحدث عن 600 مدني على الأقل قتلوا في المدينة، وقال إن دور الهجمات الجوية كان غاية في الأهمية. وبعد أن كانت أرقام القوة الجوية تظهر أن التحالف كان يلقي أربع قنابل أسبوعيا في العراق في 2006، ارتفع الرقم في العام الموالي إلى أربع قنابل يوميا. وفي 2009 اعترف القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفد بترايوس بالخسائر البشرية الهائلة التي ألحقتها الغارات الجوية في العراق. كلينتون تدين نشر الوثائق وتعتبرها مساسا بالسيادة الأمريكية أدانت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، عزم موقع ”ويكيليكس” الإلكتروني نشر ما يبدو أنه مئات الآلاف من الوثائق السرية المتعلقة بالحرب في العراق. وقالت كلينتون إنه ينبغي إدانة تسريب الوثائق ب”أوضح لهجة”، نظرا لأنه قد يعرض الجنود والعاملين الأمريكيين للخطر ويهدد الأمن القومي الأمريكي وأمن ”أولئك الذين نعمل معهم”. من جانبه، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، بي. جيه كراولي، استمرار ”ويكيليكس” في نشر معلومات سرية من شأنها تعريض الجنود الأميركيين والمصالح الأمريكية للخطر. أما وزارة الدفاع الأمريكية ”البنتاغون” فاستبعدت أية مفاجآت كبيرة من التسريب لما يصل إلى 500 ألف وثيقة عن حرب العراق عبر موقع ويكيليكس، لكنها حذرت من أن جنودا أميركيين ومواطنين عراقيين قد يتعرضون للخطر جراء ذلك. وقال المتحدث باسم البنتاغون، العقيد ديف لابان، للصحفيين إن فريقا من الوزارة راجع ملفات حرب العراق التي يعتقد أنها لدى ويكيليكس والتي تغطي فترة من 2003 حتى 2010، ووصفها بأنها تقارير ميدانية سطحية إلى حد كبير قد تكشف أسماء عراقيين يعملون مع الولاياتالمتحدة وتعطي للمسلحين العراقيين فكرة نافذة إزاء العمليات الأميركية كما حدث مع ملفات حرب أفغانستان. وأضاف لابان أن قلق البنتاغون في الأغلب بشأن التهديد الموجه للأفراد والتهديد الموجه للشعب الأمريكي والمعدات الأمريكية، مشيرا إلى أن بقية أنواع الحوادث المسجلة في تلك التقارير حيث قتل عراقيون أبرياء وحيث توجد مزاعم عن انتهاك حقوق محتجزين فكلها سجلت بصورة جيدة جدا على مر الزمن. وقال لابان إنه لا يتوقع أن تتضمن الوثائق التي سيسربها ويكيليكس صورا أو تسجيلات فيديو، وفي برلين حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ”الناتو” أندرس راسموسن من تبعات الكشف عن ألوف الوثائق السرية الأمريكية المتعلقة بالحرب على العراق. وقال راسموسن بعد اجتماع مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن تسريب هذه الوثائق مؤسف للغاية وربما يؤدي إلى نتائج سلبية على أمن المعنيين بها. وكان ويكيليكس نشر على صفحته في موقع ”تويتر” أنه يعتزم إصدار إعلان ”مهم” صباح أمس في أوروبا، غير أنه سمح لبعض وسائل الإعلام ومنها قناة الجزيرة الفضائية وصحيفة الغارديان البريطانية ونيويورك تايمز بالاطلاع على الوثائق السرية التي يعتزم نشرها. وأشار الموقع إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية هددت بتطبيق قانون التجسس واتخاذ إجراءات قانونية ضد وسائل الإعلام العالمية في حال تسرعها في نشر الوثائق السرية حول الحرب في العراق. وكانت ”الجزيرة” عرضت الليلة برنامجا تحقيقيا يستند إلى هذه الوثائق السرية من بين ما تكشفت عنها تقارير للجيش الأمريكي تتحدث عن احتمال تورط رئيس الوزراء العراقي نوري المالِكي في إدارة فرق للاعتقال، وكذلك تستر الجيش الأمريكي على التعذيب داخل السجون العراقية. وتكشف الوثائق عن حالات من القتل والتعذيب والإساءة للمدنيين على أيدي القوات العراقية. وتشير الوثائق أيضا إلى أن عدد القتلى من المدنيين العراقيين أعلى بكثير مما هو معلن، هذا إضافة إلى كشفها معلومات جديدة عن ضحايا شركة ”بلاك ووتر” من المدنيين. إلى جانب معلومات عن دور سري لإيران في تمويل وتسليح المليشيات الشيعية، يذكر أن ”ويكيليكس” أثار غضب البنتاغون في جويلية الماضي بنشره أكثر من 90 ألف وثيقة تتعلق بالحرب في أفغانستان كان قد حصل عليها، وكان هذا أكبر خرق أمني من نوعه في تاريخ الولاياتالمتحدة العسكري.