أخذت قضية منح عقارات فلاحية وتحويلها لصالح مجمع ''لابال'' للمواد الغذائية- لصاحبه رجل الأعمال دحماني ، وهو مشروع يعود إلى سنة 2004- أبعادا خطيرة، بعد أن قام والي ولاية بومرداس بإنهاء مهام الأمين العام للولاية ومدير التنظيم والشؤون القانونية ومتابعتهما قضائيا بتهمة التحضير لعملية التوقيع على قرارات تخص تحويل 30 هكتارا من الأراضي الفلاحية بطرق غير قانونية، حيث كشف مصدر مسؤول بوزارة الداخلية ل''النهار''، أن التحقيقات كشفت أنه تم تزوير محررات رسمية تتعلق بالإخطار عن قرارات لمجالس وزارية لم تنعقد، كما تم تحرير عقد منح بالإمتياز بدون ترخيص من مجلس الوزراء والتلاعب بالقانون في إطار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة. أين تقع مساحة 30 هكتارا التي تم منحها لمجمع ''لابال''؟ كشفت وثيقة رسمية تحصلت عليها ''النهار''، من مصالح أملاك الدولة لولاية بومرداس، أن القطعة الأرضية التي تم اختيارها من طرف بلدية أولاد موسى لإقامة سوق للبيع بالجملة، هي مستثمرة فلاحية تسمى مزرعة عمر بومدين تقع بالضبط بأولاد هداج في أولاد موسى، هي مستثمرة يستغلها أربعة فلاحين بأقسام متساوية.وتشير الوثيقة -وهي عقد إداري رقمه 277 من سجل العقود لسنة 1998، يثبت الحقوق العقارية لفائدة مستثمرة فلاحية- إلى أن المستغلين للمستثمرة ينتفعون منها بشكل دائم مقابل دفع إتاوات، كما هو معمول به في المستثمرات الفلاحية العادية، حيث يمكنهم بيع كافة الممتلكات الموجودة في المستثمرة ما عدا الأرض التي يجب المحافظة على طابعها الفلاحي وهذا بموجب عقد إداري حررته مصالح أملاك الدولة يعود إلى سنوات التسعينات. وزارة الفلاحة تعطي الموافقة في 2007 بناء على مجلس وزاري وهمي والولاية تفضحها! وتشير وثائق تحصلت عليها ''النهار'' أيضا من مجمع ''لابال''؛ الذي يؤكد أنّه تحصل على عقد امتياز في 2010 لإستغلال الأرض الفلاحية المتواجدة بأولاد موسى، وتتربع على مساحة 30 هكتارا بطرق قانونية، إلى أن استغلال هذه المستثمرة الفلاحية وتحويلها إلى سوق تجاري، كان بمباركة من المجلس الشعبي البلدي لأولاد موسى في بومرداس، الذي قرر إنشاء سوق الجملة للمواد الغذائية وشبه الغذائية وكذا القرار الوزاري المشترك المؤرخ في أفريل 2006، والذي أبلغت به الولاية من طرف مدير التنظيم العقاري بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، من خلال مراسلة حملت الرقم 494 ومؤرخة في 18 جوان 2007، ووقعها مدير التنظيم العقاري وحماية الأملاك بن حبيلس جمال، وقد قام رئيس المجلس الشعبي الولائي قبل ذلك بسنة بعقد اجتماع لاختيار الأرضية التي ستحتضن مقر سوق الجملة للمواد الغذائية، حيث وقع الإختيار على المستثمرة الفلاحية المذكورة، كما قام هذا الأخير بمراسلة وزير التجارة يوم 25 سبتمبر 2005 مباشرة لاقتراح المشروع، وكان الرد من طرف الوزير السابق الهاشمي جعبوب الذي تلقت مصالحه المراسلة رقم 1245 /2005، ''أنه لا يرى مانعا في إقامة السوق''، وهذا في مراسلة تحت رقم 545 مؤرخة في 19 أكتوبر 2005، وجهت للوالي السابق لولاية بومرداس. وفي ذات السياق، تشير ذات الوثائق التي تحصلت عليها ''النهار'' من مجمع ''لابال''، إلى أن الوالي السابق لولاية بومرداس علي بدرسي، عند اطلاعه على مراسلة الوزير جعبوب، قام بتقديم توضيحات -كان لابد منها- إلى وزير التجارة، لإطلاعه على بعض الجوانب القانونية لهذا المشروع، حيث جاء في المراسلة المؤرخة في 7 أفريل 2007 تحت رقم 1057 ، ''أن أرضية السوق هي أرضية فلاحية وتحتاج إلى موافقة من طرف المجلس الوزاري المشترك الذي يحدد قراره بالرفض أو الموافقة، بناء على رأي اللجنة الوزارية المشتركة التي تترأسها وزارة الفلاحة، وبذلك كذبت الولاية وزارة الفلاحة التي أكدت في مراسلتها الرسمية؛ أن الموافقة تمت في سنة 2006 وبالضبط في دورة رسمية لمجلس وزاري مشترك بتاريخ 15 أفريل. مصالح البيئة رفضت المشروع والأمين العام للولاية أدرجه كمشروع تنموي عمومي! كانت المديرية الولائية للبيئة ببومرداس الوحيدة التي رفضت مشروع إقامة سوق لبيع المواد الغذائية بالجملة، مبررة ذلك بأن الأرضية التي سيقام عليها المشروع، هي أرض فلاحية غير قابلة لتحويل نشاطها حسب محضر الإجتماع المؤرخ في 21نوفمبر2005 الذي تحصلت عليه ''النهار'' من البلدية، وجمع ممثلي المديريات الولائية بدائرة خميس الخشنة، غير أن ممثل المصالح الفلاحية آنذاك وافق على المشروع. وحسب المجلس الشعبي الولائي في ومرداس، فإن مشروع ''لابال'' صنف كمشروع عمومي في إطار البرنامج الخماسي 2009/2005، حيث أن اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة الذي انعقد في سنة 2007 وبالضبط في شهر أفريل وممثلين عن وزارات الفلاحة والداخلية لدراسة المشاريع التنموية في الولاية برئاسة الأمين العام للولاية، وافقت على المشروع باعتبار أنه عمومي، إضافة إلى مشاريع أخرى مثل الحي الإداري والمركب الرياضي، وهذا بحضور ممثلين عن عدة هيئات وزارية أخرى باركوا المشروع. أملاك الدولة تخرق القانون..نزع ملكية عمومية من أجل منفعة عمومية! وحسب وثائق تحصلت عيها ''النهار'' من مديرية أملاك الدولة لولاية بومرداس، فإن هذه الأخيرة راسلت مديرية الشؤون القانونية والتنظيم بولاية بومرداس في سنة 2009، تبعا لقرارات اللجنة الوزارية المشتركة التي اجتمعت تحت رئاسة الأمين العام لولاية بومرداس، من أجل تطبيق القانون الذي يسمح بنزع الملكية، من أجل منفعة عمومية، باعتبار أن مشروع إقامة سوق الجملة صنف كمشروع لفائدة المصلحة العمومية، ويقع خارج المحيط العمراني، وقد اتخذت مصالح أملاك الدولة هذا الإجراء من خلال المراسلة 264 /2009 التي وقّعها رئيس مصلحة العمليات العقارية بمصالح أملاك الدولة لولاية بومرداس، رغم أن النصوص القانونية في هذا الإطار جد واضحة.وفي هذا الشأن؛ معروف حسب التنظيم الذي تعمل به مديرية العمليات العقارية بوزارة المالية تبعا لتعليمة المدير السابق محمد بن ميرادي في 2006، أنّه إذا تعلق الأمر بأراض فلاحية تقع بالقرب من المحيط العمراني، يتم التنازل بالتراضي عن الأرض الفلاحية مقابل تعويضات من طرف الخزينة للمستغلين، غير أن الطريقة التي تم بها التنازل عن هذه الأرضية كانت مخالفة لذلك، حيث تم أخذ القرار بتعويض مستغليها على أساس أنها ملكية خاصة، وتم تقييم قيمة التعويض بأكثر من 180 مليون دينار؛ أي أكثر من 18 مليار سنتيم. المصالح الولائية للفلاحة تخطر الوزارة.. مشروع ''لابال''غير قانوني أكدت مصالح الفلاحة لولاية بومرداس؛ أنها راسلت الوزارة الوصية في هذه القضية، حيث أخطرتها بأن مشروع إقامة سوق للجملة على أرض فلاحية قد وافقت عليه اللجنة الوزارية المشتركة التي انعقدت برئاسة الأمين العام لولاية بومرداس في أفريل 2007 وحضر فيها مدير التنظيم العقاري بوزارة الفلاحة. وعلمت ''النهار'' من مصادر موثقة؛ أن مديرية المصالح الفلاحية لولاية بومرداس، قد أخطرت وزارة الفلاحة بأن مصالح البلدية شرعت في أشغال التهيئة للمشروع بدون توفر الإجراءات القانونية اللازمة منها موافقة المجلس الوزاري المشترك. ويأتي موقف مصالح الفلاحة الولائية مخالفا تماما لقرار وزارة الفلاحة التي أكدت من خلال مديرية التنظيم العقاري؛ أن مجلسا وزاريا مشتركا انعقد في ماي 2006 قد أعطى الموافقة على تحويل الأراض الفلاحية المذكورة. وتثبت مراسلة لمصالح الفلاحة في هذا الشأن، مؤرخة في 16 ديسمبر 2008، أن مدير المصالح الفلاحية أخطر والي ولاية بومرداس من خلال أمينه العام، بأن تحويل العقار الفلاحي يتطلب موافقة من مجلس وزاري مشترك، وهو الأمر الذي لم يحدث، رغم أن البلدية شرعت في أشغال التهيئة ورغم أن وزارة الفلاحة من خلال مديرية التنظيم العقاري وحماية الأملاك، أكدت مرة أخرى في مراسلة حملت الرقم 818 ومؤرخة في 15 جوان 2008، بأن المشروع قانوني وأن مجلسا وزاريا مشتركا عقد في 21 أفريل 2008 منح الموافقة على تحويل العقار الفلاحي إلى سوق للجملة في إطار استغلال العقار الفلاحي لإنجاز برامج ذات منفعة عمومية. استغلال عطلة الوالي..للتوقيع على ''قرارات الحسم'' المزورة استغل الأمين العام لولاية بومرداس استفادة والي الولاية الحالي من عطلة استثنائية في ماي 2009، للتوقيع على قرارات هامة تخص منح تعويض بأكثر من 18 مليار سنتيم، في إطار حق الإنتفاع لمستغلي مزرعة عمر بومدين بأولاد موسى، لتحول إلى سوق لبيع المواد الغذائية بالجملة تابعة لمجمع ''لابال''. وكشف عضو بالمجلس الشعبي الولائي، أن هذا القرار تم اتخاذه بناء على القرار الوزاري المشترك الذي انعقد في ماي 2006، الذي أخطر به والي الولاية السابق في أفريل سنة 2007 من طرف مدير التنظيم العقاري وحماية الأملاك بوزارة الفلاحة، وهذا رغم أن الوالي السابق علي بدريسي قد أكد في مراسلة بعث بها إلى وزير التجارة الهاشمي جعبوب في 2007، أنه لا يوجد أي قرار بالموافقة من طرف المجلس الوزاري المشترك، ورغم أن الحالة لا تتطلب تطبيق صيغة حق الإنتفاع، بل صيغة التراضي حسب ما تنص عليه تعليمات أملاك الدولة، وهذا في الوقت الذي تحفظت مصالح الفلاحة على القرار، لعدم وجود قرار وزاري مشترك. وكشف مصدر مسؤول بوزارة الداخلية ل''النهار''؛ أن والي ولاية بومرداس ابراهيم مراد، أوقف عملية تحويل العقار الفلاحي، بعد أن اطلع على مشاريع توقيع لمشاريع عمومية بالولاية، من ضمنها مشروع إنشاء سوق بيع المواد الغذائية بالجملة، اكتشف أن صاحبه ليست البلدية التي تشرف عليه، بل مجمع ''لابال''. أملاك الدولة تمنح عقد امتياز مزور دون موافقة مجلس الوزراء و ''لابال'' باع المحلات التجارية بأكثر من 1128مليار! سارعت مصلحة التنظيم برئاسة مديرها الذي رفعت ضده دعوى قضائية هو الآخر من طرف والي بومرداس، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء إشهار عقاري لقرار نزع حق الملكية، باقتراح من الأمين العام للولاية، بعد التوقيع على قرارات مما اعتبر أنه ''حق للإنتفاع''، حيث تم تسوية الإشهار العقاري في ظرف شهرين فقط، رغم أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك، إذا تعلق الأمر بباقي المواطنين والمستثمرين، وقد وقعت مديرية أملاك الدولة على عقد يتضمن منحا بالإمتياز لفائدة الشركة ذات المسؤولية المحدودة ''جي أم دي مين'' في مارس 2010. ويشير عقد منح بالإمتياز رقم93 من العقود الإدارية المحررة في سنة 2010، الذي تحصلت عليه ''النهار'' من مجمع ''لابال''، أنه تم تحريره بناء على القرار الذي وقعه الأمين العام لولاية بومرداس والمتضمن نزع الملكية، من أجل المنفعة العمومية لبناء السوق على مستثمرة فلاحية والمؤرخ في 16 ماي 2009. ووقع مدير أملاك الدولة لولاية بومرداس على العقد المتضمن منح الإمتياز بالتراضي لمجمع ''لابال''، في إطار المرسوم رقم 152-09 المؤرخ في 2 ماي 2009، الذي يحدد شروط وكيفيات منح الإمتياز على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة والموجهة لإنجاز مشاريع إستثمارية، هذا الأخير ينص في المادة 13 منه صراحة: ''على أنّ عقود منح إمتياز بالتراضي، يجب أن تكون بترخيص أو موافقة من طرف مجلس الوزراء، بعد اقتراح يرفعه المجلس الوطني للإستثمار''. غير أنّ المادة 18 من دفتر الشروط الذي يتضمنه العقد المشهر من طرف مصالح أملاك الدولة لولاية بومرداس، تشير صراحة إلى أن عملية منح الإمتياز تمت بدون رخصة من طرف مجلس الوزراء، باعتبار عدم وجود أي تاريخ يبرز الرخصة ودورة مجلس الوزراء التي تم فيها منح الترخيص في الوثيقة الموقعة من طرف مديرية أملاك الدولة، رغم أن ذات المصالح طالبت مسير الشركة ذات المسؤولية المحدودة ''المطاحن الكبرى دحماني لابال''، بترخيص مجلس الوزراء حتى يتسنى لها تحرير عقد منح بالإمتياز، وذلك عبر مراسلة مؤرخة في 8 مارس وتحمل رقم 870. قام صاحب مجمع ''لابال'' الذي شرع في إنجاز سوق الجملة على مستوى المستثمرة الفلاحية بأولاد موسى ببيع كل المحلات التي تقرر بناؤها حسب مخطط السوق منذ سنة 2006، وقد كان الإقبال على المحلات التي عرضها المستثمر كبيرا، حيث دفع الراغبون في امتلاك محلات بالسوق مبالغ مالية ضخمة وصلت إلى 1100 مليار، وكانت هذه الأموال عبارة عن دفع أولي في انتظار الإنتهاء من الأشغال. مدير مجمع لابال متواجد بالخارج اتصلت ''النهار'' أمس بمقر الشركة ذات المسؤولية المحدودة، المطاحن الكبرى التابعة لمجمع ''لابال'' الذي يمتلكه رجل الأعمال دحماني المتواجدة بشارع الورود فيلا 44 بالمحمدية بالعاصمة، عبر الرقم 021820791، في محاولة لأخذ تصريحاته بشأن عقد الإمتياز بالتراضي الذي تحصل عليه من طرف مديرية أملاك الدولة بولاية بومرداس، غير أنه تم إخبارنا بأن السيد دحماني متواجد بالخارج في إطار مهمة عمل. والي بومرداس يرفض الخوض في الموضوع حاولت ''النهار'' أمس الإتصال بوالي ولاية بومرداس غير أنّه تعذر علينا أخذ موقفه بشأن القضية، وحسب ديوان الوالي؛ فإن براهيم مراد يرفض تماما الخوض في موضوع قضية مجمع ''لابال'' مع الصحافة، نظرا إلى أنّ القضية قد أحيلت على العدالة، وإلى أن التصريحات التي كان قد أدلى بها من قبل كانت موجهة للمنتخبين، بعد أن طرح عليه أعضاء من المجلس الشعبي الولائي أسئلة حول الموضوع وتزامن ذلك مع حضور بعض الصحافيين الذين نشروا تصريحاته.