اشتكت حكومات دول الساحل للجزائر تعرضها لضغوطات وابتزاز من طرف فرنسا التي ترغب في تواجدها على أراضي هذه الدول، وقد وجدت باريس لكل من موريتانيا ومالي والنيجر ما تساومها به وما تمارس به عليها سياسة “لي الذراع” فرنسا تهدد مالي والنجير وموريتانيا بقطع المساعدات ودفع الطوارق إلى التمرد لجرها إلى قبول التواجد الأجنبي كشفت مصادر أمنية ودبلوماسية من الجزائر وموريتانيا ل”الفجر” أن حكومات دول الساحل الثلاث سلمت الجزائر تقارير في إطار التنسيق والتعاون المشترك بينها، حول تعرضها للمساومة والابتزاز من طرف فرنسا التي تسعى إلى “تفجير” التنسيق حول مكافحة الإرهاب في المنطقة بين الدول الأربع. وأوضحت ذات المصادر، في تصريح ل”الفجر”، أن موريتانيا تتعرض لضغوط كبيرة ومساومة من طرف فرنسا، التي تلعب على وتر تحريض المعارضة ضد النظام الحاكم، والضغط على الاتحاد الأوروبي من أجل “قطع” المساعدات المالية على نواكشوط، كطريقة لدفع موريتانيا إلى “التراجع” عن فكرة التكفل الذاتي بالتنسيق مع دول الساحل في مكافحة الإرهاب، وتسهيل التواجد الفرنسي على أراضيها. وقد حذر عديد الخبراء من خطورة التدخل الأجنبي ورأوا فيه “تقوية” غير مباشرة للجماعات الإرهابية ولتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتحويله من عصابة إرهابيين إلى “حركة مقاومة”، وكان آخر المحذرين، الوزير الأول أحمد أويحيى. وذكرت المصادر أن التقارير التي سلمت عن طريق سفراء الدول المعنية ونقلت شكاوى دول الساحل من “تصرفات” باريس ومساوماتها، تضمنت أيضا تعرض الحكومة المالية لضغط فرنسي ولعب هذه الأخيرة على جبهة الانتخابات الرئاسية المقبلة وتهديد الرئيس المالي، أمادو توماني توري، بإنهاء عهده وتقديم مرشح آخر، وكذا محاولة تأليب الطوارق ودفعهم إلى التعامل مجددا بلغة التمرد في شمال مالي، والتي كلفت تدخل الجزائر لإنهاء أزمة الطوارق وتحقيق المصالحة بينهم وبين الحكومة في إطار اتفاقية الجزائر، حيث عملت باريس على تهديد توماني توري بإعادة إحياء حركة التمرد القديمة. وفي ذات السياق، ذكرت مصادرنا أن الرئيس أمادو توماني توري، كان حقيقة يجهل العملية العسكرية الموريتانية الفرنسية التي نفذت على أراضيه شهر جويلية المنصرم تحت ذريعة إنقاذ الرهينة الفرنسي، ميشال جيرمانو، ولكنه “اضطر” إلى السكوت بعدها عن عملية جاءت بضغط فرنسي وليس بطلب موريتاني حسب نفس المصادر. أما النيجر فقد تضمن تقرير الشكوى المسلم للجزائر أن باريس تضغط عليها في ملف محاربة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتساومها بمنع المساعدات المالية عنها لعلمها بالحاجة الشديدة إليها بسبب الجوع والجفاف، بالإضافة إلى ملف الانتخابات الرئاسية في النيجر. ويبدو أن باريس قد وضعت نصب عينها هدف “نسف” التنسيق حول مكافحة الإرهاب في الساحل، خاصة بعد إنشاء قيادة الأركان المشتركة بتمنراست، وعندما رأت تمسك الجزائر بمبدأ التكفل الذاتي لدول المنطقة بالملف لجأت إلى ممارسة سياسة “لي الذراع” على الحكومات الأخرى، سعيا إلى تحقيق هدف التواجد بمنطقة الساحل بمبرر محاربة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي تضعه باريس غطاء لمطامع أكبر بكثير من مجرد محاربة الإرهابيين. وقد يكون في التصريح الأخير للوزير الأول، أحمد أويحيى، ردا غير مباشر من الجزائر للدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا، حول الضغوط التي تمارسها على حكومات دول الساحل، حيث أكد أحمد أويحيى أن دول منطقة الساحل الإفريقي بحاجة للمساعدة والاحترام لتحقيق التنمية وضمان أمنها واستقرارها. وقال أويحيى “ما نقوله لأصدقائنا في العالم أن دول الساحل في حاجة إلى المساعدة والاحترام من أجل تحقيق التنمية”، وأن دول الساحل تحتاج أيضا إلى “إمكانيات وأموال لتطوير إدارة مناطقها الشمالية”، وأنها “ليست في حاجة إلى تواجد أجنبي”. واعتبر الوزير الأول أن “التواجد الأجنبي بمنطقة الساحل وإن حدث سيحول الإرهابيين إلى مجاهدين”. وجدد التزام الجزائر بتحمل مسؤوليتها بأداء واجبها على أراضيها وتجاه جيرانها من ميكانيزمات رؤساء الأركان وقوات الأمن ومجموعة من اللقاءات، وهو ما يشكل طمأنة حكومات دول الساحل بالتزام الجزائر بدعمها ومساعدتها.