الأوركسترا الوطنية، هذه الأيام، على وقع الطبعة الثانية للمهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية.. الجمهور مميز وهادئ يجعلك تنتبه للإختلافات الواضحة بين مختلف جماهير الأنواع الإبداعية. تجمع الطبعة 18 دولة، ستقف جميعها على مسرح محي الدين بشطارزي لتؤدي معزوفة الإتحاد العالمي للمحبة الموسيقية. الأوركسترا.. الدعوة خاصة يقف عبد القادر بوعزارة على رأس الأوركسترا السيمفونية منذ عام 2001، التاريخ الذي غير التوجه العام للإدارة الموسيقية في الجزائر، وكذا الذائقة الموسيقية التي يحاول في كل مرة أن يهذبها. لكن هل يستغل الجزائري هذه الفرصة؟؟ هل يستمتع بمختلف المواعيد التي يقدمها بوعزارة سواء في العاصمة أو في الولايات الداخلية؟ هناك قاعدة تقول إن الموسيقى الكلاسيكية والسيمفونية ليست شعبية، وإنما هي خاصية النخبة والطبقة الراقية من المجتمع، عندنا حتى المثقف يتخلف عن هذه المواعيد ولا ندري ما السبب؟ المواعيد مجانية.. ولا تحتاج إلا لخاطر موسيقي سيضيف لا محالة للمبدع خيالا أرحب. إسبانيا.. ضيف شرف الطبعة الثانية عندما نقول إسبانيا بالتأكيد ستمطرنا الذاكرة بكل ذلك الترابط التاريخي والموسيقي حتى بين زمان الوصل بالأندلس والفلامنكو الحار كوصلة مغاربية عزفها التاريخ بطريقته الخاصة. وبذات الثقل جاءت إسبانيا رفقة مجموعة "أرتاريا" التي تميزت كثيراً بفضل عازف القيثار خايوم تورينت ريوس، الذي قدم موسيقى كلاسيكية راقية إلى جانب عازفي الكمان والكمان ألتو، رغم أن القيثارة هي آلة شعبية بامتياز، لكن خايوم تمكن من نحت النوتات الكلاسيكية باحتراف عالي، خاصة أنه بروفيسور في آلة القيتارة ومدير المعهد العالي للموسيقى ببرشلونة، لاسيما عندما قدم الرائعة العالمية كونسيرتاو دينوخواز. بالموزاة قدم البروفيسور خايوم تورينت ريوس، مداخلة خاصة بتاريخ آلة القيثارة ضمن الملتقى الموسيقى الموازي لسهرات المهرجان، أين أكد فيها البعد العربي للآلات الموسيقية خصوصا القيثارة التي كانت في البداية عبارة عن آلة البويلا، ثم تدرجت بفضل عدد من الموسيقيين وأخذت الشكل الحالي، ويؤكد خوان أن الموجة الرومانطيقية التي شهدتها أوروبا كانت وراء شعبية القيثارة لأنها آلة تترجم التفاؤل والمحبة. أوكرانيا... والموسيقى الروحية الأمر الذي خطف الآذان في هذه الطبعة هو الرباعي الأوكراني لفرقة ركوتشي، هذه الفرقة التي تعد مختبرا حقيقيا للتأليف الموسيقي، إذ أتحفت الحضور بقطعة موسيقية مميزة جدا تجلى فيها المعنى الروحي والصوفي للموسيقى على الرغم من اعتماد الفرقة على الآلات الكلاسيكية، لكنهم استطاعوا أن يخلقوا الدهشة ويخلقوا عوالم ساحرة تؤكد فعلا على الانتماء الشرقي. مجموعة الأوبرا كاميروبير درسدن الألمانية الموجع في الأمر أن الجمهور الجزائري لا يعرف الأوبرا، وبالتالي لا يعرف الربيرتوار العالمي، كما لا يعرف تقاليد الاستماع إلى الأوبرا، حيث كان يصفق في كل مرة ويقطع المنحنى العام للحكي الأوبرالي كما حدث أول أمس في السهرة الثالثة من المهرجان. وعلى الرغم من ذلك قدمت المجموعة عرضا ممتعا سمح للجمهور من اكتشاف الجانب الكوميدي للأوبرا، خاصة أن هدف الفرقة الأساسي هو تقريب الفن الأوبرالي من الطفل وخلق تواصل موسيقي بين مختلف الشرائح. العروض متواصلة، والإختتام الذي سيكون يوم غد سيضرب موعدا متجددا السنة القادمة.. شكرا بوعزارة لأنك أهديتنا عروضا عالمية.