المحكمة الدستورية تنظم ورشات تكوينية للمحامين المتربصين حول الدفع بعدم الدستورية    هاتف نقال: استثمارات "جازي" فاقت 4 مليارات دينار خلال الثلاثي الثالث من 2024    الطاقة النووية حل مستدام لمرافقة التحول الرقمي    جيجل: وضع شطر من منفذ الطريق السيار ميناء جن جن- قاوس حيز الخدمة قريبا    سيتم إغراق السوق بالقهوة وسنضرب بيد من حديد المتلاعبين    ما يقوم به الصهاينة من إبادة في غزة نتيجة هذا الوعد المشئوم    الجزائر العاصمة: مشاريع تخفيف الضغط المروري تشهد تقدما ملحوظا    الإطاحة بشبكة إجرامية منظمة مختصة في التهريب الدولي للمركبات    كلمة وفاء لأهل الوفاء .. للشهيد طيب الذكر الشيخ يوسف سلامة    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3013 شهيدا و13553 مصابا    الرئيس تبون يفتتح اليوم الطبعة 27 لصالون الجزائر الدولي للكتاب    مواصلة تطوير الشراكة بما يحقّق مصالح الشعبين    الرئيس تبون يستقبل وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلس    بوغالي يستقبل وفدا عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف الشمال الأطلسي    استثمارات فلاحية كبرى جديدة في الجنوب    "حلف الشيطان" يتمرد على قرارات الأمم المتحدة    الاحتلال الصهيوني يواصل تجويع سكان غزة    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة    كرة اليد/ مونديال- 2025: أربع اختبارات ودية في برنامج السباعي الجزائري بتربص بولونيا    الصحراء الغربية: 300 مراقب أجنبي طردهم المخزن من المدن المحتلة منذ 2014    بحث نتائج زيارة رئيس الجمهورية إلى سلطنة عمان    محرز يرفض الاحتفال ويوجّه رسالة قوية لبيتكوفيتش    بلومي يُحرج بيتكوفيتش وينافس حاج موسى وبوعناني    المنتخب الجزائري يظفر باللقب عن جدارة واستحقاق    تحديد قيمة 550 ملك عقاري    يوم إعلامي حول نظام الحماية الاجتماعية    18 ألف هكتار أراضٍ مسقية في عين تموشنت    37 مليارا لصيانة عمارات حي منتوري بقسنطينة    الإنارة غائبة واختناقٌ مروري داخل الحي    الانتخابات الرئاسية الأمريكية : فتح صناديق الاقتراع للتصويت    الحرب على غزة لا تعني الفلسطينيّين وحدهم    تظاهرة متطوعي التراث العالمي.. إطلاق أسبوع التراث بباتنة    بمشاركة 1007 دار نشر من 40 بلد.. صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتتح غدا    تندوف.. إفتتاح المهرجان الوطني للمونولوغ والفنون المسرحية    دعوة إلى الاهتمام بكتابة الثورة التحريرية    الاقتراب من تجربة واسيني الأعرج روائيّا وناقدا    بن ساسي يبدع في فلك الانطباعية    التسيير المدمج للنفايات: مرافقة خاصة للطلبة وأصحاب المشاريع المهتمين بالنشاط    دعا زبائنه الى عدم تقديم أي معلومات حول الحسابات البريدية أو البطاقة الذهبية..بريد الجزائر يحذر من صفحات ورسائل نصية احتيالية    للتعريف بالإنتاج الوطني على المستويات الوطنية والدولية..اتفاقية إطار للتعاون بين الهلال الأحمر الجزائري ومجمع "ديفنديس"    تتولى تسيير أرضية رقمية تابعة للصيدلية المركزية للمستشفيات..خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    تقديراً لنجاح المنتدى والدعم الذي يقدمه للشباب الجزائري والإفريقي : منتدى الشباب الإفريقي يكرّم الرئيس تبون    ينعقد في أكتوبر المقبل.. الجزائر ستحتضن ملتقى الشباب العالمي لمساندة القضية الصحراوية    مشروع قانون المالية 2025: النواب يعبرون عن ارتياحهم للتدابير الرامية لتنويع الاقتصاد الوطني    فوفينام فيات فو داو: إعادة انتخاب محمد جواج رئيسا للاتحاد الإفريقي لعهدة أولمبية جديدة    وزير الصحة: إنشاء خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    كأس إفريقيا للأمم: أشبال "الخضر" في آخر محطة تحضيرية قبل دورة "لوناف"    حوادث المرور: وفاة 52 شخصا وجرح 1472 آخرين خلال أسبوع    شبيبة القبائل تلتحق بكوكبة الصدارة    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    أين السعادة؟!    صلاح يصدم جماهير ليفربول    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    تدشين المخبر المركزي الجديد    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عن نهاية عام.. وبداية عام آخر
نشر في الفجر يوم 26 - 12 - 2010

لا أريد أن أكون متشائما كالعادة، رغم أن دواعي التشاؤم كثيرة ليس لأنه لا توجد إمكانات ثقافية يمكنها أن تحقق المطلوب وأكثر، بل وجود هذه الإمكانات، وتوفرها وغياب سياسة ثقافية واضحة المعلم تشركها في عملية صياغة رؤية مستقبلية للفعل الثقافي وليس رؤية ظرفية آنية مناسباتية
تزول بسرعة بزوال المناسبة التي أنتجتها ولا تترك أثرا يبقى هو الذي يجعلنا متشائمين ومتسائلين، مشككين وناقمين، ونريد عبر كل هذا الذهاب إلى أبعد من هذا الركود الحقيقي، وليس المتوهم.
قلت لا أرغب في التشاؤم رغم أنه منذ سنوات ونحن نعيش حالة ركود، كما لو أن ما يتحقق لا يتحقق إلا بشق الأنفس وبصعوبة مريرة، أو كما لو أن ما يحدث، يحدث بضريبة مُوجعة، وبفضل شجاعة مغامرات فردية لا غير، ويحدث لأن هناك من يرفض الإستسلام للأمر الواقع الذي يجبرنا على اللامبالاة الجماعية، على الإحساس بالفشل واليأس، على الخنوع وعدم رفع الرأس.
دائما نوجه اللوم للمؤسسة الرسمية بطبيعة الحال، لا لأننا نكره هذه المؤسسة، أولأنه توجد لنا حسابات نريد تصفيتها معها، ومع من يمثلونها، عادة ما ننتقد عندما ننقد بهذه التهمة السطحية والفارغة، مع أننا بريئون منها، أوعلى الأقل من ناحيتي الشخصية تعلمت أن "النقد" جوهر أي بناء، وأن حرية التعبير والفكر هي من أسس أي ثقافة ديمقراطية عقلانية جديرة بالاحترام والبقاء، وأنه في غياب "النقد" المسؤول طبعا، تفتقد المشاريع للمصداقية، وإن الخوف من ممارسة النقد يعني الوصاية على العقل، والضمير والروح.
إن نقد المؤسسة الرسمية ومطالبتها بالعمل أكثر بإشراك الفاعلين الأساسيين، يعني البحث عن شراكة نوعية لا تقوم على المدائح والتبجيلات وتبادل المصالح الشخصية والمنافع الذاتية، بل العمل الثقافي الذي يؤسس لقيام نهضة - التي أعرف أنها كلمة لم يعد لها شرعية اليوم - ثقافية حقيقية ببلادنا التي مللنا من تكرار أن لا تنمية ولا تقدم ولا تغيير حقيقي يمكن أن يحدث دون البدء من الثقافة ومن إصلاح الإنسان رأسمال أي تنمية جديرة بهذا الاسم.
أتساءل دائما لماذا لا توجد أذن صاغية عند هذه المؤسسة الرسمية للثقافة؟ لماذا تريدنا أن ندخل في لعبة الصمت المقيتة فنصمت وننتظر دورنا في التكريم أوالتسفير أوأي شيء مما يقبله بعضنا ويمتعض منه بعضنا الآخر. كثير من مواقف الكتاب عندنا - كما الفنانين بأطيافهم المختلفة - اشتريت بهذه الطريقة، أوأدمجت في هذه المسرحية الهزلية الساخرة. لقد شعرت بألم دائم أن ثمن المثقف عندنا هزيل جدا، وهو مستعد نتاج وضعية سوسيولوجية معقدة مليئة بالحرمان أن يرضخ ويقبل بتمثيل دوره على أكمل وجه. ماذا أفادنا المديح والتقريظ و"التشيات"؟ لقد أعطى للبعض منا بعض المكاسب وهي ليست هينة وبحسب أهمية الدور الذي قدمه لهذه المؤسسة فرضيت عنه، وأسكنته مؤقتا، أو لأجل قصير في جنانها الوارفة النخيل. ولا أريد أن أعود للصحف، وأعيد نشر التصريحات المعسولة التي كان يطلقها البعض عن هذا المسؤول أو ذاك، فقط لأنه استفاد من رحلة أو ملتقى، أوقبض مبلغا لأجل مهمة قام بها ضد غيره، ولكن أعرف أن ذاكرتنا مثقوبة، وأن ثقافة النسيان تجردنا من الغوص في داخل سراديب ثقافتنا الموحشة.
وطبعا لا يهمني ذلك كثيرا، وأحيانا أبرر حتى تلك التصرفات لا بمعنى أتقبلها، ولكن لنقل أن لكل واحد خياراته التي اختارها، وعليه أن يتحمل فقط مسؤولية كلماته وخياراته، وأنه فقط من قبل هذا الخيار أن لا يأتي بعدها ويصوغ لنا دروسا في النزاهة وقيمة الضمير.
إن المؤسسة الرسمية يجب أن تقوم بدور تسييري لا أقل ولا أكثر، وهذا يعني ببساطة أن تعمل عملا حقيقيا على تكريس ما تتوفر عليه من وسائل مادية كبيرة اليوم بالمقارنة مع أمس في خدمة مشروع ثقافي يكون في مكانة بلدنا بالفعل.
قلت في بداية حديثي أنني لا أريد أن أكون متشائما والسبب أنه رغم مشروعية التشاؤم اليوم، فإنه من الضروري التنبيه أن مشهدنا الثقافي يتعافى قليلا، ينهض بعض الشيء، ينهض بإيمان أفراده أو قلة من أفراده أنه يجب الاعتماد على النفس، إنني لا أستطيع الإيمان أن الفعل الثقافي يجب أن يكون خاضعا للدولة - التي لا يقلل أحد من دورها في المساعدة - أو المؤسسات الرسمية، إن العمل الثقافي ينبع من إيمان المثقفين بأنفسهم، وقدرتهم على التضحية من أجل ذلك، لكن كيف السبيل إلى ذلك في عصر البرغماتية التعيسة حيث ينطبق المثل الذي كتبه الراحل وطار "حوت يأكل حوت" على لحظتنا هذه.
كيف نخرج من "الأنانية" إلى كرم النفس والعمل الجماعي حتى لو تعارضت الأفكار وتعددت وجهات النظر، أو تخاصم الأشخاص وانقسموا فيما بينهم، فذلك شأن الخليقة أن لا يكونوا على قلب واحد ورأي واحد، ولكن الهدف المنشود حتما يجب أن يكون واحدا.
متفائل لأن هذا العام الذي مضى ذهب ولن يعود لقد خسرنا علمين بارزين، الطاهر وطار والمفكر محمد أركون، وقبلهما عبد القادر جغلول. ولكن بالمقابل، رغم كل هذا البؤس والإجحاف في حق العقل النقدي والنخبة المستقلة إلا أننا لو تأملنا جيدا لوجدنا أن جيلا روائيا بأكمله قد اصبح له موقع في الرواية الجزائرية، كما أن عشرات المفكرين والفلاسفة ينبتون عندنا، إنهم جميعهم لو أنصتنا لدقات المستقبل هم وطاريو ا وأركونيوا الغد ببصماتهم الشخصية طبعا.
ما أحلم به في الغد، أي مع مطلع العام الجديد، أن يفتح المجال للإعلام الثقافي أكثر فأكثر، لكم هو محزن ومؤسف أن لا نجد مجلات أدبية في بلادنا، فالمجلة مختبر للأسئلة الثقافية التي تفتح بابا للحلم والأمل، وما يزيدنا حسرة هو عزلتنا الثقافية. أذهب لبلدان عربية فأرى مكتباتها تعج بآخر الإصدارات الثقافية في كل الأنواع والفنون، والمجلات الشرقية والغربية بينما نحن نعيش عزلة رهيبة، فكيف يتطور كاتب في مناخ تغيب عنه الإصدارات الحديثة، والكتب الراقية؟ وكيف يبدع في مناخ مجفف، ومُصحر كالذي نعيشه الآن؟ بالله عليكم كيف نأمل ونحلم وننتظر؟
كم أشعر بتعاسة ولكن كم أحلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.