تعتمد الأنظمة العربية على اختلافها على عدة أبواق نفخ وقنوات صرف ان لزم الأمر ولا يهم من يؤدي هذا الدور القذر ، المهم هو نفث السموم وتبرير ما لايبرر من خلال فئة النخبة التي تحمل لقب المثقف رغم كل ماتحمله هذه العلاقة من تناقصات ، فعلى مدى التاريخ الإنساني قاد كثير من المثقفين ثورات وصنعوا التغيير وهدموا وبنو حضارات متعاقبة والدولة تدرك تماما أن لا سلطة سياسية لها ولا مشروعية ولا أخلاقية ولا إخضاع للمجتمع المدني ولا يمكن أن تكرس سيطرتها إلا بامتلاك السلطة الثقافية ، إلا أن الداخل اليوم لسوق نخاستنا الثقافية سيجد كل الواقف والقصائد واللوحات والأجساد معروضة للبيع بسعر بخس تتحكم فيه السلطة عكس أسعار السكر والزيت وغيرها من المواد الغذائية الأولية التي لها أربابها وعرابوها والتي انفلتت أسعارها منذ أيام وكادت أن تصنع ثورة كثورة الجيران التي كان للنخبة فيها دور البائعين للقيم السامية لا دور السلع التي تباع على أرصفة السلطة ودكاكينها، فأين يمكننا أن نصنف أنفسنا في بلد يدعي امتلاك الحرية بكل مفاهيمها في بلد فقد خيرة أبنائه في سبيل هذه الحرية ولازال يفقد في صمت ووجع ، ماذا قد نسمي أنفسنا ونحن لا يمكننا أن نبدع أو نفكر أو نكتب الا بتصريح فوقي يوقعه زيوس أو آرس أو هيرا وننتظر في الغد من كان أبلغنا في التهريج ودغدغة السلطة فلربما نمنح منصبا أسمى أو كأسا أخرى من كؤوس القرف والإستعباد اللامتناهي، كما هناك هذه الأيام حمى جديدة أصابت طبقتنا المثقفة وان صح التعبير قد نسميها نقدا محتشما لكل ما يحدث فحتى الدخلاء على حقلنا الثقافي والذين لم نسمع صوتهم منذ عصور دخلو مغامرة ركوب موجة الغصب الشعبي طامعين في التغيير – الذي لن يحدث – بأحاديث وخربشات هنا وهناك عسى أن تسقط عليهم حقيبة وزارية أو يجدون الطريق السحرية للتسلق الى فوق فان كان المثقف يحلم أنه سيصعد الى هذا الفوق عن طريق أيدي خفية تخرجه من سردابه وتخليه عن الملكة التي منحه الله واقتلاع جناحي إبداعه ومنحهما قربانا للسلطة فسيحيا ويموت وهو يحلم وينتظر ويتمنى.