كشف مصدر محلي بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية أم البواقي ل "الفجر"، أن عددا معتبرا من أئمة مساجد الولاية التي يفوق عددها ال300 مسجد يتخلفون عن الصلاة، وهو الشيء الذي يؤخر تأدية جموع المصلين ومرتادي المساجد لصلاتهم في وقتها المحدد والمضبوط، فيما يقوم بعض المتطوعون بإمامة الناس دون الإمام الرسمي للمسجد ورغم تأكيد محدثنا أنه لا يحوز رقما تقريبيا لعدد الأئمة الذين يتغيبون عن الصلاة، إلا أنه قال إن العدد كبير ويستدعي تدخلا عاجلا. وأوضح مصدرنا أن هذه المعلومات جاءت بناء على شكاوي عديدة من المواطنين، الذين يتهمون الأئمة صراحة بالتقاعس عن تأدية الصلاة، وذكر أن حوالي 85 إمامًا تمت إحالتهم على لجنة التأديب وتم توقيف آخرين كإجراء تحفظي، وهناك إمكانية واردة لإقصائهم نهائيًا من مهنة الإمامة. وأشار ذات المصدر إلى أن التقارير الأمنية الدورية التي ترد المديرية من جميع مناطق ولاية أم البواقي حول المساجد أكدت ضمنيا شكاوي المواطنين، وقد تم توجيه تعليمات صارمة للأئمة بأداء جميع الصلوات في وقتها المحدد من طرف الأئمة المؤهلين لذلك. أئمة "ألّهوا" أنفسهم وآخرون يتعالون على المصلين حسب نفس المصدر دائما، فإن مجموعة من أئمة مساجد ولاية أم البواقي يتعالون على المصلين، و يعاملونهم بازدراء وعنجهية زائدة على اللزوم، و هو ما يتنافى تماما وأخلاق الإمام الذي من المفروض أن يكون متواضعا، فيما عبّر بعض المواطنين ل"الفجر" عن تذمرهم الكبير من بعض الأئمة الذين ألّهوا أنفسهم وعلى الجميع احترامهم حد التقديس..! مساجد بدون صلاة..! إذا حدث أن ساقتك الأقدار ذات يوم من الأيام إلى ولاية أم البواقي وحان موعد الصلاة، وبدأت تبحث عن أقرب مسجد لتأدية الفريضة، فلا تندهش أو تصاب بالاستغراب و الذهول عندما تجد بعض المساجد مغلقة أوهي مفتوحة ولكن لا صلاة فيها ولا هم يحزنون، والسبب يعود إلى الغيابات المتكررة وغير المبررة للأئمة الذين يعملون أي شيء غير الصلاة، وهنا لا بد أن نسوق هذه الحادثة التي كانت مدينة عين مليلة مسرحا لها، حيث في إحدى المرات ألغيت صلاة الجمعة بسبب غياب الإمام وعدم تعويضه ببديل له، وهو ما جعل جموع المصلين المتوافدين على المسجد المعني يشتاطون غضبا، فيما البعض منهم من كثرة السب والشتم نقض وضوءه..! مساجد أم ملكية خاصة؟ وتضمنت شكاوي المواطنين الكثيرة المرسلة إلى الجهات المعنية أنه تم تسجيل عدد كبير من حالات لأئمة يعتبرون المساجد التي يشرفون عليها ملكية خاصة لهم يفعلون بها ما يريدون، فهم يغلقونها ويفتحونها مثلما يشاءون، كما أنهم يؤدون الصلاة كما يرغبون دون رادع قانوني أو وازع أخلاقي، وذلك مثلما حدث بإحدى مساجد عين مليلة، فأحد الأئمة قام بغلق أبواب المسجد وأخذ معه مفاتيحه وسافر إلى تونس في زيارة عائلية لمدة أسبوع كامل، وإمام بمسجد بئر بن عياد بعين مليلة يشرف بنفسه على إدخال المصلين الذين يرغب فيهم ويمنع الآخرين. أما إمام بإحدى مساجد بئر الشهداء فقد أصبح معتادا على غلق المسجد وعدم الإشراف على الصلاة وإمامة المصلين لأن الطقس بارد، وبالتالي فهو يصلي "صلاة النفحة". الإمام بشر يخطئ ويصيب عن ظاهرة تغيب الأئمة عن الصلاة عبر عدد كبير من مساجد أم البواقي، قال أحد المسؤولين بالمديرية الولائية للشؤون الدينية والأوقاف:"الإمام بشر يخطأ ويصيب، وله ظروفه الخاصة التي قد تجبره على الغياب القسري أو الاضطراري كالمرض، وإن غاب لمدة زمنية محدودة فليس ذلك عيبا، ولكن غير المقبول هو الغياب غير المبرر أو باختلاقه لأعذار هي أقبح من الذنوب، فهناك فعلا مجموعة من شكاوي المواطنين وتقارير الأمن جد متطابقة تشير بوضوح إلى وجود عدد معتبر من الأئمة عبر مختلف مساجد وجوامع ولاية أم البواقي يتخلفون عن الصلوات الخمس، والبعض الآخر يتعالون على المصلين ويرفضون الالتقاء بالمواطنين الذين يرغبون في طرح انشغالاتهم الدينية والدنيوية، وذلك من صميم عمل الإمام القانوني والشرعي. يقول الحاسن بخوش، أستاذ العلوم الإسلامية:"المسجد بيت الله يؤدي فيه المسلمون صلواتهم اليومية المفروضة عليهم. والمسجد عبر التاريخ الإسلامي لم يكن مكانا للعبادة فحسب، بل كان مركزا للعلم والثقافة تعقد فيه حلقات الدرس ويتخرج فيه طلاب العلم. وكل موضع يتعبد فيه فهو مسجد، وقد جاء في حديث الرسول: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا". وقال الله تعالى: "ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خَرابها"، وقال تعالى:"إنّما يعمر مَساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقَام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين". أما الجامع فهو نعت للمسجد، وقد نعت بذلك لأنه علامة الاجتماع، وما كانوا في الصدر الأول يفردون كلمة الجامع وإنما كانوا تارة يقتصرون على كلمة المسجد، وتارة يصفونها فيقولون المسجد الجامع، ومرة يضيفونها إلى الصفة فيقولون مسجد الجامع. ثم تجوّز الناس بعد ذلك واقتصروا على الصفة فقالوا للمسجد الكبير الذي تُصلى فيه الجمعة وإن كان صغيرا الجامع، لأنه يجمع الناس لوقت معلوم. وقد حث الإسلام على بناء المساجد والعناية بها، ومن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله يقول:"من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتا في الجنة". وقد أخبر رسول الله فيما رواه أبو هريرة:"أحب البلاد إلى الله مساجدها". وعن دور المساجد في خدمة المجتمع يقول الإمام بمسجد التوبة ببئر الشهداء: "المسجد بيت الله، وهو أيضًا بيت الجماعة وبيت كل واحد منها على حدة، وهو المكان الوحيد الذي كان وما زال تملكه الجماعة مشتركة، وإن كان الذي بناه السلطان أو الخليفة أو الدولة. وعلى ذلك، لم يكن المسجد في يوم من الأيام ملكية خاصة لأفراد أو لفئة دون فئة. وأوضح مثلا على ذلك الدور الذي كان يؤديه المسجد في خدمة المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام، حيث كانت مساجد المسلمين دورًا للقضاء تُعقد فيها مجالس القضاء علنًا بين أفراد الجماعة، وتُعلن أحكام القضاة داخل المسجد ويُترك للدولة موضوع تنفيذ الأحكام عن طريق أعوان يقفون خارج المسجد تحت تصرف القاضي. كما استُخدمت المساجد معاهد للتعليم، لأن العلم كان دائمًا من اختصاص الجماعة، وعلى ذلك فلم تقتصر المساجد على وظيفة الصلاة بل كانت مراكز للحكم والإدارة والدعوة والتشاور، كما كانت محلاً للقضاء والإفتاء والعلم والإعلان وغير ذلك من أمور الدين والدولة.