لا عزاء لعائلة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ولا لنظيره التونسي الهارب بن علي، هذا هو الجزء الأبرز الذي يعكس حالة الفزع العام التي تحيط بمبارك وأسرته بعد أن استطاعت إرادة الشعب المصري أن تقول كلمتها الأخيرة في وجه نظام مبارك بعد أن عجز عن قولها منذ أزيد من 30 سنة، والأمر ذاته بالنسبة للرئيس التونسي الذي فر في مشهد كوميدي إلى جدة بعد أن ظل لأزيد من 8 ساعات يتوسل من فوق السماء زعماء العرب لاستضافته بصفة لاجئ “الفجر” حاولت رصد آراء الخبراء حول حقيقة مرض مبارك وبن علي وموجة الأخبار التي أضحت تعصف بالرأي العام العربي بعيدا نحو كسب استعطاف الشارع المنتصر على زعيميه والدفع به نحو عدم محاسبتهما دوليا على جرائمهما. تزامن هذه الأخبار مع دعوات لبعض من قالوا إنهم أنصار مبارك للخروج في مسيرات للاعتذار، وتصريحات نجل مبارك، علاء، بأنه يرتب لجنازة عسكرية لوالده الذي يكون في صراع مع الموت. كما ترددت أخبار صادرة من زنزانة كل من الأمين العام السابق للحزب الوطني أحمد عز، ووزير الداخلية المصري السابق حبيب العدلي، ووزير الإسكان المصري السابق، قالت بأن حالتهم الصحية في انهيار شديد وأن أحمد عز يبكي، بينما وزير الإسكان في حالة انهيار نفسي والعدلي يعاني حالة من الانهيار دفعته إلى توجيه إهانات لفظية إلى الحراس. هكذا ولم تتوقف موجة الأخبار حول مزاعم أن مبارك قد يفارق الحياة في أي لحظة، وهو الذي قال في آخر خطاباته للأمة إنه لن يقبل إلا بأن يموت في مصر. في هذا الصدد يقول الكاتب والصحفي المصري علاء وائل، مدير تحرير صحيفة أخبار العالم البريطانية، ل”الفجر”: “توجد علامة استفهام كبيرة حول حقيقة مرض مبارك”. وأضاف: “أعتقد أنه نوع من تهدئة للشعب الذي لا يزال ناقما على مبارك لما ارتكبه نظامه من فساد وظلم”. وقال: “إنها مجرد شائعات لكسب نوع من التعاطف لمبارك وعائلته التي أصبحت مرفوضة بكل الطرق”. وشكك محدثنا في صحة الأخبار التي تناولت مرض مبارك وقال: “إن النظام السابق يحاول تحويل مبارك إلى رمز من رموز مصر وتجهيز الشعب لعمل حفل تكريم في المستقبل وعدم ملاحقته في قضايا الفساد”. وقال: “الشعوب العربية بطبيعتها عاطفية، ومبارك يعلم ذلك جيدا، وبالحديث عن مرض مبارك سوف يمنحه تعاطفا إنسانيا محليا ودوليا”. ويتفق الدكتور ماجد الخواجا، الكاتب والأكاديمي الأردني، مع كلام ولاء، حيث في تصريحات حول الموضوع ل”الفجر”:”بداية، كلاهما يعاني صحيا وبالتحديد فإن مبارك أمضى فترة لا بأس بها في المصحات الألمانية”. وأضاف: “أعتقد أن المنطقة بحسب المخططات المرسومة تدلل على انتهاء أدوار العديد من الحكام العرب الذين أمضوا فترات طويلة واستهلكوا ولم يعد لديهم ما يقدمونه”. وقال: “إن مؤسسة الفساد والإفساد الناشئة عن طول فترة حكم هؤلاء تفشت واستبدت وتوحشت إلى درجة لم يعد فيها الشعب قادرا على تحمّل تبعاتها”. وقال: “الآن ستحاول القوى المعنية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة إعادة رسم المنطقة للسنوات العشرين أو الثلاثين القادمة ضمن العمل على المواءمة بين رغبات الشعوب وبين مصالح تلك القوى”. و قال: “إن قصة مرض بن علي وحسني تحقق أغراضا مهمة، من بينها إمكانية التخلّص منهما بإعلان وفاتهما.. أو بالتملّص من المحاكمات والمساءلة..”. هذا وحاول الكاتب صلاح صابر الكشف عن سيناريو حقيقة الأخبار، وقال ل”الفجر”: “إن مرض بن علي صحيح وليس خدعة، ولكن الكلام عن مرض مبارك هو ما قد يكون خدعة من جانب بقايا النظام السابق بغرض كسب ود الشعب المصري تجاهه”. وأضافك “إن الغرض النهائي هو إفلات بقايا نظامه من المحاكمات أو حتى الاستمرار في أماكنهم”. وقال: “نظام مبارك لا يفكر الآن إلا في أمر واحد بعد اعتقال أحمد عز ووزير الداخلية السابق ككبش فداء”. وأوضح: “النظام يهدف من وراء نشر الشائعات إلى تدعيم موقفه بدلا من محاكمتهم وطردهم من أماكنهم”. وقال: “النظام المصري يراهن على طبيعة الشعب المصري العاطفي”. وقال: “الشعوب لا ترغب في إيذاء رجل عسكري قدم شيئا لبلاده يوما ما أو حارب إسرائيل يوما ما”. وأوضح أن هذا السيناريو لا ينطبق على شخص الرئيس التونسي الهارب، وقال: “الأمر لا ينطبق على شعب تونس ولا على بن علي، فتاريخ بن علي ليس فيه ما يدفع شعبه للتعاطف معه”.