تعرف مختلف مراكز البريد بولاية الوادي حالة من الغليان والاحتجاج وسط زبائنها نتيجة انعدام السيولة المالية منذ شهور متتالية ولّدت شعورا بالسخط والقلق لدى عامة السكان الذين لم يستسيغوا انعدام السيولة أو عدم توفرها لأشهر متتالية في الجولة التي قادت “الفجر” إلى عدد من المراكز البريدية ببلديات ولاية الوادي لاحظنا القلق المتجلي على زبائن بريد الجزائر حيال عدم قدرتهم على سحب أموالهم المودعة لدى بريد الجزائر، واستغرب بعضهم، في حديثهم ل”الفجر”، كيف يعقل لمواطن لديه مال في رصيده ويذهب للاستدانة من أصدقائه؟ حالة قال عنها شاب آخر إنها لا تحدث إلا في الجزائر بلد الغرائب والمستحيلات. وفي مركز بريدي آخر، بوسط مدينة الوادي، لاحظنا مشادات كلامية عنيفة بين المواطنين والأعوان المكلفين بمكاتب البريد، والسبب طبعا، حسب قول هؤلاء، عدم وجود السيولة. هؤلاء ثارت ثائرتهم لأنهم يترددون يوميا على مركز البريد لسحب “الشهرية” لكن دون جدوى. وحدثنا آخر بحسرة كبيرة قائلا: “انظروا، ألا يحزنكم مظهر الطوابير الطويلة اليومية بهذا الشكل، انظروا، عجائز وشيوخ ونساء ولا أدري كل من هؤلاء لديه مصالح وتركها للاصطفاف على جنبات المركز البريدي بغرض سحب جزء يسير من المال بغرض تسديد ديونه المتراكمة لدى المحلات التجارية”. تنقلنا إلى عدد من المراكز البريدية بالبلديات المجاورة والمناطق النائية لعلنا نجد وضعا مغايرا، باعتبار أن هذه المناطق عدد سكانها قليل واحتياجاتهم المالية أقل، غير أننا تفاجأنا بمكاتب خاوية على عروشها ولا يوجد عدا ورقة كتب عليها “لا يوجد السيولة”. استفسرنا من المواطنين الجالسين بجوار المكاتب البريدية، فقالوا لنا بكل حسرة “الأموال مفقودة منذ أشهر، والسكان يئسوا من الحصول على أموالهم. إنهم في رحلة يومية نحو المكاتب البريدية ببلدية عاصمة الولاية أو الولايات القريبة”، وأضاف آخر أنه اضطر للتنقل لولاية بسكرة لسحب ماله. الوضع المذكور دفع بالكثير من المواطنين، خاصة الموظفين، إلى تنظيم حركات احتجاجية متباعدة، فأساتذة التعليم الثانوي نظموا احتجاجا داخل مؤسساتهم التربوية وامتنعوا عن التدريس ليوم واحد لتحسيس السلطات الولائية بمعاناتهم، وطالب هؤلاء بتدخل والي الولاية الذي اجتمع بممثلين عنهم ووعدهم بحلّ المشكل قريبا. كما سارع عدد من الشباب إلى التوجه نحو مراكز البريد أمام الضغط وهددوا بحرقها ما لم تتحرك السلطات الوصية لإنهاء معاناتهم، خاصة وأنهم سئموا هذا الوضع وتعطّلت مصالحهم بسببه نتيجة عدم امتلاكهم للمال الكافي للعيش وتسديد مستحقات عيشهم ومصاريفهم اليومية. يذكر أن إدارة بريد لجزائر بالوادي كانت أرجعت السبب إلى نقص السيولة الموجّهة لهم من البنك المركزي، مضيفين أنه يتمّ توزيعها بالتساوي بين المراكز البريدية بالولاية.