صفعة مراكش أول أمس لم ولن ينساها الجمهور الجزائري لسنوات عديدة، كيف لا و”الخضر” نجوا من هزيمة تاريخية كانت ستمحيهم من الخارطة الرياضية على يد المنتخب المغربي، الذي لم يكن قويا بل استغل هشاشة أشبال بن شيخة في هذه المواجهة التي انتهت بنتيجة ساحقة لم يتوقعها أشد المغاربة تفاؤلا وأكبر الجزائريين تشاؤما. المرحلة الأولى كان الجميع يعتقد أن المنتخب الوطني قادر على فعلها في مراكش، من خلال التقدم نحو الهجوم ولعب الكرات القصيرة التي كادت تأتي بالجديد، لو عرف جبور كيف يستغل الكرات المدققة التي كانت تصله من يبدة، زياني وحتى قادير في الرواق الأيمن، الشيء الذي جعل الاعتقاد بإمكانية العودة بنتيجة إيجابية يزداد عند عشاق الألوان الوطنية. لكن الواقع الميداني أثبت عجز كل لاعبي الخضر عن الصمود طيلة التسعين دقيقة وهو ما استغله المغاربة أحسن استغلال. الخضر وكأنهم فريق ما بين الأحياء مهمة تحقيق نتيجة إيجابية انتهت في العشرين دقيقة الأولى بالنسبة للعناصر الوطنية التي بدت غير قادرة على مواكبة الريتم العالي الذي فرضه المغاربة، حيث تاه لاعبو الوسط وفتحوا المساحات تاركين الدفاع يتحمل عبء المواجهة لوحده ، بدليل الثنائية التي سجلت بطريقة ساذجة أمام حيرة الجميع على هذا التراجع الرهيب. الجنرال... اسم على غير مسمى تغييرات الجنرال بن شيخة لم يفهمها أحد بدخول قادير منذ البداية، وهو الذي كان يعاني من نقص المنافسة مقارنة ببودبوز، ثم سارع إلى إخراجه في الشوط الثاني، في حين يتواجد ڤديورة في أوج عطائه وإقحامه إلى جانب لموشية كان قادرا على قلب الموازين، أما الإبقاء على جبور وحده في الهجوم لم يفهمها إلا بن شيخة الذي برهن مرة أخرى أن قيادة المنتخب الأول مازالت بعيدة كل البعد عنه. عنتر، زياني، جبور... انتهت صلاحيتهم أصابع الاتهام وجهت بالدرجة الأولى إلى العناصر القديمة التي شاركت في التصفيات والنهائيات السابقة على غرار القائد عنتر يحيى، زياني، جبور... والبقية ممن كانوا المثل الأول في الروح القتالية لكنهم أصبحوا كأنهم لاعبو الأشبال بتلك الأخطاء البدائية، ما يطرح علامة استفهام حول المنحى التنازلي لمستواهم الفني والبدني بمرور المواجهات، وإمكانية فتح المجال لعناصر أخرى بقيت على الهامش منذ مدة وتحتاج إلى مصباح الأمل لتأخذ حقها في الدفاع عن الألوان التي مرغت في تراب ملعب مراكش. سعدان كان محقا بتحصين الدفاع وكخلاصة لكل ما حدث، فقد أكدت مواجهة مراكش أن الشيخ سعدان “يفهم بالون” أكثر من غيره، وأن تركيزه على تحصين الدفاع لم يكن خوفا مثلما كان يوهمنا به بعض فلاسفة الكرة وإنما كان عملا بالإمكانيات المتوفرة، فعندما كان له من يحسن اللعب في الأمام فاز برباعية في المنزه ضد تونس، لكن مع هذه الدمى المتحركة خسر بالأربعة أيضا ضد مصر ومن حسن حظه أن وجد الحكم البينيني كوفي كوجيا عكس بن شيخة الذي لم يجد في من يسمح الموس فاستقال لكن هل تكفي استقالته...؟ سمير.ع روراوة أرغمه على الاستقالة الفورية قبل العودة للجزائر حليلوفيتش وأسماء فرنسية لخلافة بن شيخة رغم أن بن شيخة حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعته كمدرب بعدما افترستها أسود الأطلس، إلا أن مصادرنا المقربة من بيت الخضر أكدت لنا بأنه مباشرة عقب خروجه من قاعة الندوات الصحفية، طلب منه روراوة تقديم استقالته. ورغم أنه أكد له أنه سيقوم بذلك بعد عودته للجزائر، إلا أن الحاج رفض الانصياع لأمره هذه المرة، وطلب منه استقالة فورية قدمها على مضض، ليفتح المجال للاتحادية لتحضير البديل بأسرع وقت ليكون له متسع من الوقت لتضميد جراح “الخضر”، حيث تسربت من مفكرة “الفاف”الكثير من الأسماء المعروفة عالميا. قائمة المرشحين للالتحاق بالعارضة الفنية يتواجد على رأسها المدرب البوسني وحيد حليلوفيتش الذي قاد منتخب كوت ديفوار سابقا إلى تحقيق نتائج فاقت كل التوقعات، بالإضافة إلى خبرته الواسعة في أدغال إفريقيا جعلت روراوة يربط اتصالا أوليا معه لجس نبضه وتحضيره لخلافة بن شيخة منذ مدة، لكن المعني فضل الإجابة عن المقترح في حال سحب البساط من تحت قدمي الجنرال. ومع انسحاب هذا الأخير أصبحت الطريق معبدة لحليلوفيتش ليكون الربان الجديد للكرة الجزائرية، في حين تؤكد أطراف أخرى أن المدرب الفرنسي جيلي الأقرب لتولي المنصب المذكور بتدعيم من بعض الأطراف الفاعلة في الوزارة الوصية التي تريد مدربا يعرف خبايا الكرة الجزائرية، كما تسرب اسم كلود لوروا الذي أعلنها صراحة أنه يريد تسلم زمام الأمور إذا منحت له الفرصة من قبل القائمين على شؤون الرياضة في الجزائر بحكم معرفته لأدق التفاصيل عن العقلية الجزائرية، ويمكنه أن يقدم الكثير بخبرته الواسعة. لتبقى كل الاحتمالات واردة ما دام الرئيس روراوة لم يقرر بعد اجتماعه مع أعضاء “الفاف” للتشاور حول هوية المدرب الجديد الذي يحتاج للكثير من المواصفات التي يحتاجها المنتخب، ليحقق النتائج المرجوة التي تعيد حبل الوصال المتمزق بينه وبين عشاق الألوان الوطنية. سمير.ع كريم مطمور “استقالة بن شيخة ليست الحل الجيد” اعتبر المهاجم الدولي الجزائري، كريم مطمور، أمس، أن “قرار الناخب الوطني عبد الحق بن شيخة الاستقالة من منصبه بعد الهزيمة أمام المغرب في تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2012 لكرة القدم “لم يكن حلا جيدا”. “قرار مغادرته لمنصبه ليس حلا جيدا. شخصيا طلبت منه البقاء. لا يوجد أي مدرب في العالم يملك عصا سحرية. فبن شيخة لم يكن لديه الوقت الكافي ليعمل”، مثلما صرح به مطمور لوأج في مطار منارة الدولي لمراكش. وقدم بن شيخة استقالته لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة، ليعلن قراره للاعبي المنتخب الوطني الذين اجتمعوا في هذه الظروف ليلة السبت إلى الأحد. ولدى عودته إلى هذه الهزيمة الثقيلة ل”الخضر”، صرح مطمور الذي كان يتأهب للالتحاق بباريس، أن المنتخب الجزائري “كان يرى المنافس يلعب من دون أن يكون له رد فعل... لن أحمل أي طرف المسؤولية وإن كان الدفاع هو الذي ينتقد في مثل هذه الظروف ويتحمل مسؤولية تلقي الأهداف. وعندما لا يتم تسجيل الأهداف فإن خط الهجوم هو الذي يتعرض للنقد”. وأضاف لاعب بوريسيا مونشنغلادباخ الألماني “صحيح أن الخسارة بمثل هذه النتيجة تحز في نفس أي لاعب خاصة أنه تم تلقيها في مثل هذه المباريات وضد هكذا منافس. كان لقاء داربي وكنا من جهتنا خارج الإطار”. وبخصوص حظوظ التأهل إلى كأس إفريقيا، قال مطمور “ما دامت المنافسة مستمرة فالأمل يبقى قائما”. وحاول المهاجم الجزائري أن يرى الأمور بإيجابية عندما أشار “يقال أن المغرب سيعى إلى افتكاك ست نقاط في خرجاته المقبلة. ونحن بقي لنا لقا أن وكل شيء فيهما ممكن”. وفي هذا السياق ضرب مطمور المثل بفريقه الألماني الذي ظل ملتصقا بالمرتبة الأخيرة من البوندسليغا طيلة أكثر من ستة أشهر قبل أن ينجح في الخروج من منطقة الهبوط وضمان بقائه في مجموعة النخبة. وبخصوص مستقبله مع الفريق، صرح مطمور أنه يفضل عدم الحديث عن الانتقال، مشيرا “سأذهب في عطلة ومن ثم سأفكر في الأمر”. ق.ر كيف لعبوا رايس مبولحي رغم تلقيه لرباعية على مدار الشوطين لا يتحمل المسؤولية فيها، إلا أن مبولحي كان في الموعد في الكثير من الكرات الساخنة وجنب الجزائر هزيمة تاريخية بفضل تدخلاته الموفقة. مهدي مصطفى كان ممر عبور لمهاجمي المغرب حيث وجد مدافع “نيم” الفرنسي صعوبة في مواكبة الريتم، لكن بن شيخة فضل الإبقاء عليه ليكون أحد نقاط ضعف الخضر بفتحه لشوارع في هاته المباراة الكارثية. جمال مصباح أدى ما عليه في الرواق الأيسر وعمل المستحيل للحد من خطورة بلهندة والشماخ، بل وجاهد في تغطية عنتر يحيى عند صعوده وكان اقل العناصر الوطنية ارتكابا للأخطاء. عنتر يحيى كارثة على كامل المقاييس حيث بدا مسجل هدف التأهل للمونديال تائها ولم يجد ضالته تماما في هذا اللقاء، واعتبره الجميع النقطة الأضعف في المنتخب الوطني، لكنه بقي يحظى بثقة بن شيخة لأسباب غير مفهومة. مجيد بوڤرة هو الآخر لم يقدم ما كان منتظرا منه وتأثر سلبا بالكرات العالية التي يرسلها خرجة نحو المهاجمين، كما قام بلقطات غير مفهومة بالتحكم في الكرة الزائد عن اللزوم، الأمر الذي زاد من ثقة مهاجمي المغرب في اختراقه عدة مرات. خالد لموشية لعب مواجهة جيدة وحاول أن يكسر حملات المنتخب المغربي من خلال التنويع في اللعب، إلا أنه في الشوط الثاني نال منه التعب بسبب نقص الدعم من قبل زملائه في وسط الميدان. حسان يبدة لم يتعرف الجمهور الجزائري على يبدة تماما وكانت كل كراته عشوائية وأثر سلبا على الأداء الهجومي، الأمر الذي دفع بالطاقم الفني إلى تغييره في الشوط الثاني على أمل تحقيق التوازن في المنطقة الحساسة في الميدان. مدحي لحسن الغائب الأكبر عن هذه المواجهة حيث تاه في المستطيل الأخضر ولم يكن في المستوى، في وقت كانت الآمال معلقة عليه للحد من خطورة بلهندة، إلا أنه مر جانبا على غرار كل العناصر الوطنية. فؤاد قادير حاول تنشيط الرواق الأيمن للخضر من خلال تحركاته السريعة وتمريراته المدققة التي لم تستغل بصورة جيدة من قبل المهاجمين، قبل أن يستبدل من قبل بن شيخة دون أي مبرر، الشيء الذي زاد من متاعب الظهير الأيمن مهدي مصطفى. رفيق جبور لم يكن مهاجم أولمبياكوس في الموعد تماما ولم يستغل أي فرصة كانت متاحة له، وكأنه شارك من أجل المشاركة فقط، الأمر الذي دفع عشاق المنتخب إلى طرح الكثير من التساؤلات حول المردود السلبي لجبور طيلة الفترة التي لعبها. كريم زياني أقل اللاعبين سوء في هذه المواجهة حيث كان وراء كل الحملات الهجومية للمنتخب وقدم عدة كرات خطيرة لم تستغل. لكن اليد الواحدة لا تصفق كما يقول المثل، لأن زياني لا يملك العصا السحرية. بودبوز - مطمور دخولهما في الشوط الثاني كان متأخرا لأن الخلل كان في جميع الخطوط، ولم يكن بالإمكان فعل أي شيء، بالنظر إلى الأخطاء البدائية التي كان الدفاع يرتكبها بمرور الدقائق. هلال سوداني حتى هداف البطولة الوطنية لم يكن يملك أي شيء ليقدمه بالنظر إلى ثقل النتيجة، لكنه قدم مستوى مميزا ما لم يقدمه جبور في الوقت الذي لعبه. سمير.ع رئيس الفاف كان أول العارفين بمصير بن شيخة ظهر رئيس الفاف محمد روراوة بشكل عادي ودون أي تأثر عقب نهاية لقاء أول أمس، لأنه كان يعلم بمصير المدرب عبد الحق بن شيخة بعد خسارته الثقيلة أمام أسود الأطلس، حيث أفاد لمقربيه بأن بن شيخة حر في اتخاذ قراراته، وهو معنى واضح بأن بن شيخة لن يبقى على رأس الخضر بعد هذه المباراة.