بالرغم من ارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية، بما فيها الخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء مع بداية شهر رمضان لهذا العام، إلا أن جشع التجار من جهة ولهفة المواطنين من جهة أخرى، وإقبالهم على اقتناء ما يحتاجونه من القصابات، وداخل الأسواق والمحلات، جعل نكهة شهر الصيام تتغير، والذي من المفروض أن يكون شهر الرحمة وليس فرصة للربح وملء البطون مواطنون: لو يترك كل واحد منا ما ارتفع سعره لتأدب التجار والمضاربون ككل سنة، يحل شهر رمضان الكريم على الجزائريين الذين ينتظرونه مدة 11 شهرا كاملا، لكن بطريقتهم الخاصة، تجعلهم مميزين قبل يوم أو يومين لدى تسوقهم وتوجههم لشراء واقتناء ما يحتاجونه لتزيين مائدة الفطور، فالنهم واللهفة غيرت أسمى معاني شهر الصيام، وجعلته فرصة للربح السريع والتفكير في ملء البطون والتلذذ بمختلف الأطباق والمأكولات، وهو ما يفسر ككل عام تسارع التجار وأشباههم إلى فرض منطق رفع الأسعار والمضاربة فيها لمواجهة الإقبال الشديد للمواطنين الذين حتى ولو عرفت أثمان المواد الاستهلاكية بما فيها الخضر والفواكه، اللحوم الحمراء والبيضاء زيادات قياسية تجد من يقتنيها ويشتريها. البطاطا للجميع ب40 دينارا والليمون لمن استطاع ب300 دينار قادتنا جولتنا الاستطلاعية أمس إلى بعض الأسواق في العاصمة، وسمحت لنا بجس نبض المستهلكين والتجار. ففي “مارشي 12” بحي بلكور الشعبي ومن المدخل السفلي له أين يعرض بعض بائعي الخضر والفواكه سلعهم تزينت الطاولات بها لكن ميزتها الأسعار المرتفعة فهذه الطماطم التي كانت منذ يومين فقط ب 45 و50 دينارا قفزت إلى 75 و80 و100 دينار وكأنها تتضمن امتيازات في الشكل والمذاق، أما اللفت التي يستغني عنها معظم الجزائريين في تحضير الأطباق تصدرت القائمة بسعر مابين 100 و110 دينار للكلغ مع الكوسة التي تراوح ثمنها مابين 110 و120 دينار للكلغ، وهي التي كانت قبل شهر تباع بسعر 35 دينارا للكلغ. أما الفلفل الحلو، فقد بلغ ثمنه 80 دينارا مع الجزر ذي النوعية المتوسطة والحجم الصغير الذي وصل سعره إلى 80 دينارا للكلغ كذلك، أما البطاطا فاستقرت في حدود 35 و40 دينارا للكلغ، بينما عرف سعر الليمون ارتفاعا مذهلا بلغ 300 دينار ذو النوعية الجيدة والحجم الكبير و150 دينار للكلغ لم ينضج بعد. وحتى الخيار حجز مكانه ضمن هذه القائمة ووصل ثمنه إلى 80 دينارا للكلغ. أما بداخل السوق المغطى بحي بلكور، وقفت “الفجر” على أسعار الخضر والفواكه وأمام إحدى الطاولات التي عرض عليها التاجر التمور بمختلف أنواعها ف”تمر العرجون” بلغ سعره 420 دينار في حين قدر ثمن التمر المعلب ب50 دينارا ل250 غرام، و100 دينار للرطل. الباعة المتجولون وجهة مفضلة للمستهلكين وال“404 باشي” مقصدهم “أسعار معقولة ونوعية جيدة”.. بهذه العبارات قابلتنا إحدى السيدات رفقة ابنتها بحي بلكور الشعبي وغير بعيد عن “مارشي 12” حيث تجد العديد من أصحاب سيارات “بيجو 404 المغطاة” ركنوها بمحاذاة الشوارع، وقالت ذات السيدة أن باعة الخضر المتجولين تجد لديهم خضرا ذات نوعية جيدة نفسها التي تراها معروضة على الطاولات بالسوق، ولكن أسعار معقولة حيث يمكن أن تقتصد بين 15 و20 دينارا في ثمن الكلغ الواحد من الخضر فالفلفل الحلو ب60 دينارا، والطماطم ب55 دينارا، والخيار كذلك ب40 دينارا، والخس ب70 دينارا، في حين تجده في “مارشي 12” ب95 دينار، أما البطاطا فاستقر سعرها في 30 دينارا للكلغ. أما سيدة أخرى كانت تقتني بعض الخضر، عبرت عن ارتياحها للأسعار التي يبيع بها بائعو الخضر المتجولون سلعتهم، وأكدت أنه بإمكان المواطن ذو الدخل المتوسط أن يقتصد بعض الدنانير ويربحها مقارنة مع من يقصد الأسواق الأخرى. “الكبد” آخر ما يفكر فيه “الزوالية” والدجاج يعتلي العرش وداخل السوق المغطى ب”مارشي 12” وسوق علي ملاح على التوالي قفزت أسعار اللحوم الحمراء حيث وصل سعر لحم الغنم إلى حدود 900 دينار للكلغ الواحد وهناك من الجزارين من عرضه ب 1000 دينار للكلغ أما لحم “البقري” قدر سعره في حدود 750 و700 دينار، ومن ساعفه الحظ وقدر له أن يشتري الكبد عليه دفع 2000 دينار و1800 دينار للتلذذ بمذاقها. أما أسعار الدجاج فحطمت الرقم القياسي ووصل حتى 370 دينار للكلغ بينما الدجاج وهو ما خالف كل التوقعات وألغى كل التطمينات التي قدمتها الحكومة في وقت سابق بأن الأسعار تبقى مستقرة ولا ترتفع. هي إذن أولى بوادر ومظاهر التسوق لاستقبال الشهر الكريم، الذي اختير له النهم واللهفة والجشع ونفخ البطون التي تعود عليه الجزائريون ما تكشفه الأيام القليلة القادمة منه في المزابل العمومية وأكياس القمامات بالقرب من العمارات أصدق تعبيرا “ما عافته البطون تلتهمه المزابل”.