أكبر جريمة خلّفها الإرهاب فينا طيلة السنوات التي ابتليت بها الجزائر، هو افتقارنا للأفكار وللمشاريع التي من شأنها أن تنهض بالاقتصاد الوطني وفك أزمة البطالة والحرڤة والجريمة المنظمة، التي احتلت المكان الذي خلفه الإرهاب، إلى جانب الفساد الذي غرقت فيه البلاد، خاصة في السنوات الأخيرة، والذي صاحب البحبوحة المالية التي توفرت للبلاد بارتفاع سعر النفط سنوات مضت. مشكلتنا لم تعد مشكلة إرادة سياسية أو إمكانيات بقدر ما هي مشكلة عجز عن إيجاد الأفكار الخلاقة التي تعمل على خلق فرص العمل والثروة، وتخرج البلاد من سلسلة الأزمات التي مرّت بها. لمست ذلك، وأنا أستمع إلى تدخلات المتحدثين، أول أمس، بنادي الصنوبر، حيث تتابع شباب وكهول على منصة المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي نظم جلسات للمجتمع المدني، بحثا عن أفكار وحلول تثري مسعى الإصلاحات. ولم ينجح محمد الصغير باباس في الوصول إلى مبتغاه. فكان الجميع يدورون في حلقة مفرغة، يجترون نفس الكلام ويطرحون نفس المشاكل التي كانت تتكرر على مسامعنا باستمرار منذ عشرات السنين. وباستثناء بعض التدخلات التي يطرح أصحابها جملة من الحلول، كان كلام الآخرين مجرد جعجعة، ربما لأن أغلب تنظيمات المجتمع المدني يسيطر عليها الانتهازيون والراغبون في الإثراء بأسرع وبكل الطرق. الأكيد أننا نفتقر للأفكار وتنوعها أكثر من افتقارنا للإرادة وللإمكانيات التي من شأنها أن تقضي على أزمة البطالة والأزمات التي تنجم عنها، من ظاهرة الحرڤة إلى الإدمان على المخدرات مرورا بالجريمة وتضاعفها في البلاد. وربما لهذا لم تنجح مشاريع مكافحة البطالة التي طبقت في البلاد منذ برنامج حكومة حمروش للقضاء على ظاهرة ال”حيطيست”، مثلما كان يطلق على الشباب البطال عندما كان يسند ظهره للحائط قبل أن يلجأ إلى قوارب الموت كأخطر طريقة للتغلب على الملل والحاجة. تصوروا، قال شاب في تدخله إن من بين 20 ألف ملف تقدم للاستفادة من قروض أنساج، 12 ألفا منها مشروع نقل ؟ كيف لهؤلاء الاقتراض والاستدانة في مشاريع غير مربحة ولا تمكنهم من تسديد القروض ؟ ألم يحن الوقت لوضع بنك أفكار لمشاريع متنوعة تقدم للشباب كمقترحات مع القروض، حتى نتمكن بالفعل من التغلب على الأزمة ويستفيد الجميع من مشاريع دائمة تخلق ثروة وفرص عمل ؟