يا سلام! سعيد سعدي، أو بالأحرى حزب سعيد سعدي لم تعجبه الزيارة التي قام بها وزير الخارجية مراد مدلسي إلى فرنسا، ووصفها بالزلزال في النظام الجزائري. والمضحك أن الأرسيدي انتقد الزيارة وقال كيف يستدعي برلمان بلد (فرنسا) يطالبه الجزائريون شعبا وحكومة بالاعتذار والتعويض عن جرائمه الاستعمارية؟! والغريب في الأمر، أنه لأول مرة يدافع الأرسيدي عن مبدإ مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض عن جرائمها الاستعمارية، فلا سعدي ولا حزبه أخطأ مرة ونطق كلاما كهذا. لماذا لم يقلها سعدي صراحة، أن اتركوا العلاقة مع فرنسا فهي محميتي الخاصة، لأن هذه هي حقيقة تذمر الحزب، وسبب تخوفه على مصالحه هناك. ففرنسا هي صديق الأرسيدي ورئيسه بدون منازع، وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعل حزب سعدي ينتقد زيارة مدلسي إلى هناك، وهو يرى أن لا أحد من حقه أن يتعامل رسميا مع فرنسا غير الأرسيدي. ومادام حزب سعدي محترقا على مسألة الاعتذار والتعويض لهذه الدرجة، لماذا ذهب هو نفسه السنة الماضية قبيل المسيرات التي دعت إليها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية في فيفري الماضي، إلى فرنسا وطلع عبر فضائياتها منتقدا الوضع في الجزائر والتضييق على الحريات؟! أم أنه يحق له ما لا يحق لمدلسي أو أي وزير جزائري آخر، فهو يخاف أن "يتجاوزه" الفرنسيون، ويتعاملوا مع "الصح"، مع من يملك القرار في الجزائر، وهو في أي حال من الأحوال لن يكون الأرسيدي، الذي تستعين به فرنسا عندما تكون في حاجة إلى ورقة ضغط وخلط الأوراق في الجزائر، لما تكون مصالحها مهددة هنا. تذكرت اللحظة، الانتقادات التي وجهها السنة الماضية زعيم الأرسيدي إلى شخص الرئيس بوتفليقة إثر زيارته إلى ألمانيا، وهي الزيارة التي انزعجت منها فرنسا، التي لا يعجبها تقارب جزائري ألماني، خوفا على مصالحها، فحركت أصدقاءها في الجزائر، وقتها لم يتذكر سعدي دماء الشهداء، ولا مطلب الاعتذار والتعويض الذي طرحته لجنة برلمانية ثم سحب قانونه الذي لم يلق أدنى مساندة من نواب الأرسيدي. مدلسي وزير خارجية الجزائر ومن حقه الذهاب إلى حيثما شاء، شريطة أن يرفع كلمة الجزائر عاليا، وأن يدافع عن مصالحها، وهو الشيء الذي من حقنا جميعا، ومن حق الأرسيدي وغير الأرسيدي انتقاده بشأنه، عندما لا يكون في مستوى طموح الجزائريين وفي مستوى مكانة الجزائر. لو أن الأرسيدي انتقد مدلسي حول تصريحه المشؤوم، عندما قال لو أن التاريخ كان مختلفا لكنا الآن عضوا حقيقيا في الاتحاد الأوربي، وهو ما نفهم منه أنه لو كان التاريخ مختلفا، لكنا الآن فرنسيين، وهو تصريح يحسب ضده، وليست الزيارة في حد ذاتها!