علقت فرنسا على الإعتذار الإيطالي الرسمي لليبيا على الحقبة الإستعمارية، بأنه " شأن خاص " ، وأنه لا نية لباريس في السير على نفس خطا روما. بمعنى أنها لا تنوي الإعتذار للجزائريين على جرائمها الإستعمارية المتعددة والمتنوعة طوال 132 سنة كاملة. ومقابل الإصرار على عدم الإعتذار، ذهبت فرنسا منذ عام 2005 إلى تقديس الإستعمار، وتمجيد " جرائمها " في شمال إفريقيا، وعلى رأسها الجزائر طبعا. وفي سياق آخر نصبت فرنسا نفسها على رأس المطالبين من تركيا بالإعتذار على جرائمها في حق الأرمن كشرط لفتح ملف انضمامها للإتحاد الأوروبي. لكن الإعتذار للجزائريين لا يكون. ومقابل ذلك هناك توجه آخر يسير في اتجاه معاكس تماما يعيد النظر من الأساس في استقلال الجزائر. ويتمثل في مطالبة المعمرين باسترجاع أملاكهم في الجزائر، تلك الأملاك التي بنوها فوق الأرض الجزائرية التي انتزعوها من " الأهالي " بالقوة والقتل والتشريد . وقد كانت مفاجأة كبيرة للجزائريين عندما سمعوا الأخبار التي تقول بعودة الحركى، وعودة المعمرين، والأقدام السوداء، ورفعهم دعاوى قضائية لاسترجاع ممتلكاتهم في الجزائر خلال الحقبة الإستعمارية. لكن المفاجأة الكبيرة تتمثل في الخبر الذي نشرته الصحافة الجزائرية يوم 28 أوت الماضي، ومفاده أن شركة فرنسية غادرت الجزائر عام 1964 رفعت دعوة قضائية ضد شركة " سوناكوم الجزائر " تطالب باسترجاع أملاكها في وهران، وربحت القضية. هذا الحكم سيكون مشجعا بدون شك لشركات أخرى وربما لأشخاص برفع دعاوي مماثلة. وهناك تخوف فعلى من أن يسير التاريخ سيرا معاكسا، ويطالب المعمرون الجزائريون من الجزائر الرسمية أن تعتذر لهم، وربما تعوضهم على سنوات الاستقلال مقابل استغلال " أحفاد عميروش وبن مهيدي وعلي لابوانت " لتلك الأملاك.!؟ ولكن لماذا تعتذر فرنسا للجزائر، بل لماذا رفضت الإعتذار أصلا ؟ بل لماذا تصر على تمجيد الإستعمار عندما يتعلق الأمر بالجزائر وتتمسك بالإعتذار من تركيا عندما بتعلق الأمر بالأرمن مثلا ؟ بدون شك أن فرنسا لم تجد في الجزائر قوة ضاغطة إلى درجة تهديد مصالحها، فرنسا تدرك جيدا أن لها في الجزائر مكانة " أفضلية وامتياز " ، وفرنسا لم تلمس جدية من قبل الجزائريين بخصوص قضايا التاريخ. فوزير دبلوماسيتها كوشنار تحامل على وزير المجاهدين من داخل الجزائر وفي زيارة رسمية، بدون أي تنبيه جزائري " مدوي " ، والسفير الفرنسي السابق في الجزائر السيد باجولي قال بلغة مفهومة وواضحة وصريحة أن لا أحد طلب من فرنسا اعتذار أو تعويض بخصوص التجارب النووية في الصحراء الجزائرية. وهناك أمثلة عديدة تجعل فرنسا في وضع المرتاح.