العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم الواقع الإفتراضي ... بلا عقاب في الجزائر
تفنن في ابتزاز الفتيات وتخصص في قرصنة المواقع لسرقة الأموال دون حسيب

“قانون الوقاية من جرائم النّت جاء فضفاضا وإجراءاته لا تطبق على أرض الواقع”

حطمت الجريمة العنكبوتية كل القيم والمفاهيم التي تربى عليها الجزائريون، وعجّلت بتآكل أساسات المجتمع بعدما أباحت المحظورات وكسرت الحواجز الأخلاقية وفتحت النار على بقايا شخصية لطالما اعتبرت النخوة والشرف سر وجودها، وفشلت الأجهزة الردعية في ترجمة قوانين هشة لا تتوافق والرؤية العالمية لمفهوم الإجرام على الشبكة العنكبوتية، في وقت يتفاخر قراصنة النّت بتوقيع الأذية على الآخرين ويتباهون بإمساكهم لناصية العالم الافتراضي وتحكمهم بخبايا السياسات الدولية بمجرد الضغط على زر المفاتيح.
فتحت الجزائر الأبواب على مصراعيها لتلقي واستهلاك محتوى الأنترنت، وسمحت لمن عرّج عليها الغوص في شبكتها دون ترهيبه من نتائج ارتكاب المحظور الممثل خاصة في التهديد والابتزاز والتشهير بالآخرين في مواقع الأنترنت وإنشاء وارتياد المواقع الإرهابية والتزوير والسطو على المعطيات المحمية ومنها أسرار الدول الخطيرة التي تصبح متاحة بمجرد حركة ضغط واحدة على لوح المفاتيح.
واكتشفت بعدها أن الوقت كان لا يزال مبكرا على استهلاك هذا الكم الهائل من المعلومات وأن تشعب فضاءات الأنترنت أصعب من أن تتمكّن بسياستها التقليدية من السيطرة على مرتاديه في ظل عدم إنشاء منظومة ردعية ترافق هذه التقنية المتطورة والتي منحت المفتاح المفقود للمجرمين لتوقيع ضرباتهم التي كانت موجعة ونالت حتى من شرف الجزائريات اللائي يعشن وسط مجتمع محافظ ظل يفتخر بنسائه البعيدات عن الشبهة، وتأكدت أنها أمام نوع جديد من الإجرام لا تقابله ضوابط مانعة ويسبقها بأشواط تزداد اتساعا مرة بعد أخرى، فالمتورطون في جرائم الشرف الإلكترونية ومعهم محتالوها الذين يخدعون المغفلين وغيرهم لسرقة أموالهم بسهولة والأخطر منهم أولئك الذين يشيدون بالإرهاب ويستهلكون الرسائل المميتة القادمة من مشايخ مزيفين يدعون إلى الفتنة الكبرى، كل هؤلاء لا يتم اقتيادهم إلى السجون، وفي أحسن الأحوال يتم إيقافهم وإطلاق سراحهم لعدم إثبات التهم الموجهة إليهم، في حين يضطر القضاة إلى تبرئتهم وربما إخضاع المعنيين لعقوبات لا تتجاوز خمس سنوات سجنا فقط.
عندما تتورط “التكنولوجيا” في جرائم الشرف وهتك العرض
سجلت التكنولوجيا خيانتها العظمى للإنسان بعدما أخذت مكانها في صف الشيطان لتنصب له المكائد، واتحدت مع ضعاف النفوس لتنجب ما اصطلح على تسميته ب”الجريمة الإلكترونية”، فبعدما ابتكرها لتشد أزره وتخفف عنه المشقة، غدرت به وخانته مع المافيا بكل أنواعها لتفرز جرائم مختلفة غرست جذورها على أكثر من صعيد مستهدفة بذلك البشرية، ومحاصرة الإنسان في شتى مجالات حياته، حيث برعت في التجاوزات الأخلاقية التي زرعت القذارة في المجتمعات المحافظة، والاختلاسات المالية التي زعزعت القوى الاقتصادية، والتسريبات السياسية التي عصفت باستقرار الأوطان.
لعل الجانب الأخلاقي هو أخطر ما قد تستهدفه الجريمة الإلكترونية في المجتمع الجزائري الذي لطالما اعتز بمبادئه وقيمه الفاضلة، فجريمة من هذا النوع كفيلة بأن تنهي حياة فرد أو تفقد عائلة كرامتها وحتى انتماءها للمجتمع، فالكثير منها ألصقت “وصمة عار” بأولياء لم يتعرّفوا على آخر ما توصل إليه العلم إلا وقت إدانتهم من طرف المجتمع، ليلعنوا الساعة التي تطور فيها العلم وأوجد هذه المبتكرات التي عجّلت بآخرتهم وحرمتهم كرامتهم.
نتحدث عن الجرائم التي راحت ضحيتها فتيات اغتيلت براءتهن عن طريق عدسات خائنة نصبتها قلوب مريضة لابتزاز فتيات وقعن ضحية سذاجتهن وجهلهن بمعالم ما جادت به التكنولوجيات الحديثة. هي العديد من الجرائم تمكّنت مصالح الأمن من كشف الغطاء عن بعضها، لتبقى الكثير منها طي الكتمان حفاظا على شرف العائلات وتجنب الخوض فيما يمس أعراضهم بعدما طعنتهم التكنولوجيا في ظهورهم وعرّت المجتمع من عفته.
لعل أكثر الجرائم التي اقشعرت لها الأبدان قصة المراهقة “ع.ي” من إحدي ولايات الشرق الجزائري والتي استدرجت في علاقة حب أرادتها عفيفة ساذجة وأرادها الذئب ابتزازا حقيرا جعله يأخذ لها صور خليعة، نشرها عبر كافة المواقع الإلكترونية بعد أن رفضت مشاركته في قذارته، لتنشر الفضيحة بالصوت والصورة وتحكم بالإعدام على والد ارتكب غلطة حياته بإنجابه لفتاة جلبت له العار، وجعلته ينحني خجلا وسط كل من يعرفه.
كما أن التحقيق لم يفض إلى أية نتيجة ولم يدن الجاني، ليترك هذا الوحش البشري حرا طليقا يبحث عن فريسة أخرى. هي الصورة التي لا نبالغ إذا وصفناها بالنمطية بعد الانتشار المخيف لهذا النوع من الجرائم الإلكترونية في مجتمعنا، لتمس شرائحه المختلفة، حيث لم يسلم أحد من الجرائم الإلكترونية، فها هي جريمة أخرى وقع ضحيتها ضابط شرطة أدانه هؤلاء بتهمة حماية المجتمع من الجريمة، ولأن للشرف قيمة عظيمة في مجتمعنا لم يجد جماعة ممن ردع أعمالهم التخريبية وسيلة للانتقام منه سوى القيام بخطف أخته وتخديرها لتصويرها مجردة من ثيابها، مستعملين مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في نشر فضيحة الضابط الذي ارتكب أبشع جريمة في حق عائلته عندما قرر اختيار هذه المهنة، ونفس الشيء فإن السلطات المعنية لم تتمكّن من وضع حد لمرتكبي هذه الجريمة تحت طائلة الفراغات القانونية التي تحول في كل مرة دون إثبات التهم على مرتكبي الجرائم الإلكترونية.
قصة أخرى هزت إحدى الولايات الداخلية الأيام الأخيرة. فضيحة من العيار الثقيل راحت ضحيتها فتاة قاصر لا يتجاوز سنها 17 سنة، نشرت صورها الحميمة مع صديقها الكهل على الفايس بوك لتصبح حديث العام والخاص بولاية تدين حتى علاقات الصداقة بين الرجل والمرأة، فما بالك بصور لا نشاهدها إلا على القنوات الإباحية، الأدهى أن بطل القصة خرج هو وصديقه المتهم من السجن بعد ساعات قصيرة، لأن لا أدلة تدينه، لنجد أنفسنا محتارين، هل يعقل أن يفلت رجل حطم شرف فتاة وشهّر بها من العقاب؟ هل يعقل أن ينجو من طأطأ رأس عائلة في مدينة تصرخ في وجهك في اليوم آلاف المرات”شرفك رأس مالك” من المساءلة القانونية؟!
حاولنا إيجاد أجوبة عند أهل الاختصاص، ونعرف هل يمكن محاربة الجريمة الإلكترونية، خاصة في شقها الخاص بالشرف، والذي أخذ مناحي خطيرة في مجتمعنا؟ لا سيما وأن غالبية الفتيات متيقنات أن إدانة الجاني مستحيلة لأن “الأنترنت” شبكة دولية وسلطاتنا الأمنية ليست مؤهلة بعد لحمايتهن من مجرمي التكنولوجيا.
أجهزة ردعية تتخبط وسط ملايين الخيوط العنكبوتية
أكدت لنا مصادر أمنية بالدرك الوطني أن محاربة هذا النوع من الجرائم ممكن اليوم في الجزائر، لكن العراقيل كبيرة جدا لدرجة تزرع اليأس في نفس المحقق الأمني قبل الضحية، خاصة وأن التحقيق وحده يستغرق أحيانا سنوات. وقالت ذات المصادر إن الثقافة السائدة اليوم عند فتياتنا أن تجريم “إرهاب الشرف” عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة غير ممكن ما يجعلهن عرضة لمساومات “حيوانات بشرية”، لأجل الحصول على أموال أو لإشباع غرائزهم الجنسية بعد حصولهم على صور فاضحة أو خليعة لفتيات ربطتهم بهن علاقات عاطفية سابقة أو حصلوا على الصور بعد ضياع أجهزة المحمول من أصحابها، لكن الأمر كما يؤكد غير صحيح.وأكد مصدر “الفجر” أن المحقق بإمكانه الوصول إلى جهاز الحاسوب الذي أرسلت منه الصور أو المعطيات عن طريق رقم خاص موجود بالحاسوب وبالهاتف النقال أيضا، كما يمكن الوصول إلى العلبة الإلكترونية عن طريق هذا الرقم الخاص. وفي ردّه على الحيل التي يستعملها البعض بفتح علب إلكترونية أو حساب خاطئ على مواقع التواصل الاجتماعي بمعلومات خاطئة، أوضح ذات المتحدث أن هذا لا يهم كثيرا لأن ما يهم هو قاعدة المعطيات وبرنامج المعالجة الخاص الموجود على الحاسوب.وقالت مصادرنا إن السلطات الأمنية تحاول تذليل كل العقبات لإدانة “مجرمي الشرف” وتجتهد لسد جميع الثغرات التي يستغلها هؤلاء للعبث بأعراض الناس. ومن المشاكل المطروحة بحدة أن مشتركي “ويفي” أو الأنترنت اللاسلكي كثيرا ما يتعرضون للقرصنة من قبل أشخاص غرباء، ويحدث أن يستغلونها في أمور لا أخلاقية لإلحاق الضرر بالآخرين، معتقدين أن بإمكانهم الإفلات من الحساب والعقاب، لأنه حتى عبر “الويفي” يمكن الوصول إلى رقم الحاسوب وبالنسبة للأنترنت يتم حصر المسؤولية في البداية بصاحب الاشتراك ومحيطه وخلال التحقيق يتم التركيز على الأشخاص الذين لهم مصلحة بنشر تلك الصور أو ما ينافي الآداب والأخلاق. وكانت مصالح الدرك قد باشرت منذ فترة في ملاحقة المتورطين في مثل هذه الجرائم، وحرصت على تشديد الرقابة على مقاهي الأنترنت، ومنها منع القصّر من ارتيادها لحماية هذه الشريحة على الأقل من المحتوى العنكبوتي الذي يكون ملغما في أكثره، كما فعّلت جهازها الاستعلاماتي لتضييق الخناق على المواقع “الجهادية” التي يزورها المتورطون في العمليات الإرهابية، كما يعمد إليها عدد من الفضوليين لمجرد الاطلاع.
بين هشاشة النصوص القانونية وعدم تطبيقها.. “المحقق كونان” يرمي المنشفة
أكد مصدرنا الأمني أنه بحكم تجربته وعمله الميداني في التحقيقات، فإن العراقيل كبيرة جدا لدرجة “أن المحقق كونان سيفشل معها” لوجود كثير من الفراغات القانونية وعدم تطبيق النصوص القانونية الموجودة نتيجة استهتار البعض وتواطؤ البعض الآخر.
وأضافت ذات المصادر أن السلطات الأمنية في الجزائر لا تملك كل الصلاحيات في التحقيق كما هو عليه الحال في البلدان المتقدمة، حيث تفترض عليك الإجراءات الحصول على ترخيص وتعاون الجهات المختصة والذي قد يستغرق أسابيع، خاصة وأن بعض الأطراف تتعمد تعطيلك عن مهامك، لأغراض شخصية تختلف من شخص لآخر، “أحيانا نصدم عند الحاجة للحصول على ترخيص من وكيل الجمهورية بصفة مستعجلة بعدم وجوده في مكتبه أو أنه غائب ويجب الانتظار لحين دخوله المكتب، وأحيانا أخرى يقول لنا سنرسل الإذن في ما بعد”. وأثنى مصدرنا الأمني على اجتهاد بعض وكلاء الجمهورية، الذين يقدّرون المصلحة العامة و يمنحوننا في بعض الأحيان إذنا بالتفتيش أو المداهمة أو تمديد الاختصاص عبر الهاتف بحكم الثقة والتعامل المستمر ونباشر مهامنا في بعض الأحيان بتراخيص هاتفية دون وجود أدنى حماية”. كما أنهم يصدمون في بعض الأحيان بعدم تعاون موظفي المصالح، التي يقصدونها كمتعاملي الهاتف النقال ومزودي الأنترنت.
وأكدت ذات المصادر أن الجزائر تملك طاقات كبيرة جدا ومواهب فذّة في التحقيق “لأنه موهبة” لكن ظروف العمل في الجزائر والعراقيل الكبيرة تحبط أي مجتهد، داعيا السلطات الوصية لمنحهم المزيد من الصلاحيات لحماية المواطن، مؤكدا في ذات السياق ضرورة تحلي المواطنين بالفطنة والحذر والوقاية لتجنب جرائم الشرف، لأن الوقائع أثبتت أنه في كثير من الأحيان يحتفظ الزوج الشرعي أو غير الشرعي بصور حميمة، لتقع بعد ضياع الهاتف النقال في يد أشخاص لا ضمير لهم يتبادلونها عبر “بلوتوث” أو “نات”، مشيرا أن ممتهني الإجرام لا يتوانون أحيانا في استعمال تقنيات المونتاج” فوتو مونتاج” لأذية الناس وتدمير حياتهم باطلا وبهتانا.
تنسيق دولي بروتوكولي يخفي تجند جيوش هواة المواقع لحماية المصالح الغربية فقط
لطالما اعتبر مختلف المشرعين أن انتحال الشخصية جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن ماذا عن الانتحال الإلكتروني الذي أصبحت تشنّه القرصنة الإلكترونية على الحسابات الشخصية، لترتكب تجاوزات قانونية باسم الأشخاص، فضلا عن استيلائها على كل معلوماتهم وأسرارهم الشخصية بما في ذلك الأرقام السرية لحساباتهم المصرفية، وحتى صورهم وذكرياتهم الخاصة التي يخفونها عن الجميع. هذه الجرائم التي خلقت جوا من الاستنفار الإلكتروني لدى مستعملي الأنترنت في مختلف أقطاب العالم، وأعلنت عن مافيا إلكترونية تترصد متعاملي الأنترنت، فالكثير من الاختراقات طالت شخصيات مشهورة في المجتمع وارتكبت باسمها جرائم إلكترونية فظيعة، تفاوتت في درجة خطورتها حسب أهمية الأشخاص والمعلومات المخزنة في حساباتهم.
وعقّد اختلاف المفاهيم الدولية للجريمة الإلكترونية من إمكانية سن تشريعات تكون وقائية ورادعة لموجة الجرائم المرتكبة على أكثر من صعيد، فالخبراء الجزائريون عاجزون عن إيجاد تصور واضح عنها وعن تفرعاتها يحققون بها صيغة توافقية مع التشريعات الغربية، ومنه التمكّن من ملاحقة المتورط فيها أينما كان باعتباره ارتكب جريمة تعاقب عليها جميع الدول، كما تواجههم طبيعتها المعقدة والتي تتطلب تنسيقا بين العديد من الإطارات ومعها الدول للتمكن من السيطرة عليها خاصة وأن العالم الافتراضي لا يؤمن بالحدود الدولية ويتجاوز كل العوائق، فالأنترنت ساحة إجرام والثغرات القانونية الضخمة تعيق عمل الأجهزة الأمنية المختلفة مهما بلغت كفاءتها ومنها مشاكل الاختصاص القضائي والإثبات، وهو ما أثبتته النقائص الفاضحة في ما قيل إنه قانون تم المصادقة عليه من قبل الحكومة والهيئة التشريعية، وكلف على إثره الأجهزة الأمنية لتفعيله على أرض الواقع لتصطدم بالتناقضات المسجلة بين ما هو موجود وما هو مرتكب، خاصة وأن أغلب المتورطين في القضايا الكبرى يكونون خارج البلد ويصعب ملاحقتهم أو العثور على الأثر الذي على أساسه تسند إليهم التهمة.
وفي هذا السياق، يعتبر البرلماني عن حزب النهضة محمد حديبي أن الجزائر لم ترق بعد إلى مستوى تنسيق فعلي مع الدول الأجنبية خاصة منها دول الاتحاد الأوروبي للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وأن الموجود حاليا يبقى مجرد تنسيق بروتوكولي. وأضاف أن الضحايا الفعليين من انتشار هذه الجريمة هي الدول الضعيفة التي لا زالت لم تتحكم في تكنولوجيات الاتصال، لأن الدول الغربية حسبه تحظى بحماية من طرف جيوش من هواة المواقع الإلكترونية.
الجزائر ستفاجأ بعد سنوات بجيل “افتراضي” لا يعترف بأي شيء
انتقد البرلماني عن حزب النهضة محمد حديبي في اتصال مع “الفجر” قانون الجريمة الإلكترونية الذي قال إنه جاء فضفاضا في مواده وغير مدقق، مشيرا إلى أنه لم يأخذ حقه من الدراسة ومعه العناية والتدقيق التي تمكّنه من أن يكون قانونا رادعا لمختلف الجرائم المرتكبة ويواكب التطورات في عالم التكنولوجية والاتصال، معتبرا أن تحيين القوانين لا يفيد في شيء إذا لم تكن تتماشى وخصوصيات المرحلة ولا تراعي الواقع الاجتماعي الذي يطبق فيه.
وأوضح حديبي أن الجزائر ستفاجأ بعد خمس سنوات إلى عشر بتكون جيل لا يعترف بأي شيء، ولا تحكمه ضوابط معين ، حيث ستجد الدولة نفسها في مفترق طرق في مواجهة هذه التحديات الكبيرة خاصة وأنها لا تحظى في قاموسها بحلول جدية تكون نتائجها بعيدة المدى وتكتفي بالإجراءات الردعية التي لطالما ولّدت الانفجار، خاصة مع تعمدها إغلاق الفضاءات الأخرى كالتربوية وفتحت مقاهي الأنترنت “كأنها أغمضت عينيها كي تتحاشى رؤية السقوط وهي ذاهبة للانتحار” فهي لم تعالج القضية برؤية اجتماعية، ثقافية وتربوية، بل اتخذت من أسلوبها القديم وسيلة لكبت جماح الشباب.
الأخصائية الاجتماعية تيجاني ثريا
“لا بد من نشر ثقافة الوعي التكنولوجي في صفوف أبنائنا وبناتنا”
من جهتها، أرجعت الأخصائية الاجتماعية تيجاني ثريا هذه الظاهرة إلى قلة الوعي بمخاطر التكنولوجيا داخل المجتمع خاصة فيما يتعلق بالفتيات اللاتي يستعملنها باستهتار غير مباليات بالأخطار التي قد تنجم عنها، في حين تعتبر التربية الأسرية المفتاح الأساسي الذي يمكّننا من التحكم في التفشي المخيف لهذا النوع من الجرائم. كما دعت السلطات المعنية إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية من أجل توفير استعمال أمن للتكنولوجيا، فضلا عن توفير آخر الوسائل الحديثة المستعملة لفرض الرقابة الإلكترونية على مختلف المواقع والحسابات.
مجرمون يستغلون براءة الأطفال ويتسلون بإزعاج الأسر
أكد المحافظ بمديرية الشرطة القضائية، مصطفاوي، أن غياب قانون يمنع الأطفال من ارتياد فضاءات الأنترنت بمفردهم دون رقيب خطر في حد ذاته، لأن اختلاط الأطفال في مكان مثل مقهى الأنترنت بمن يتجاوزه سنا غير محبذ حسب رأيه، مشيرا إلى ضرورة مرافقة الأبناء ومراقبتهم أثناء تصفحهم لمواقع الأنترنت.. لأن المهمة تقع على عاتقهم بالدرجة الأولى.
فيما اعتبر نفس المتحدث أن الأطفال أكبر ضحية من خلال تعرضهم للتحرش الجنسي من قبل المنحرفين والشواذ الذين يصطادون فرائسهم من خلال انتحال شخصيات الصغار خلال الدردشات التي تتم في غياب الرقيب من أجل الإيقاع بهم، ومن ثم الاعتداء عليهم أو ابتزاز أهلهم بنشر صور صغارهم على صفحات الأنترنت.
أما قضايا الأزواج المعروضة في المحاكم فهي كثيرة، والتي يكون الدليل الذي يعتمده القاضي رسالة (أس أم أس) أو نسخة من رسالة إلكترونية تدين صاحبها بالخيانة الزوجية، وفي بعض الأحيان أرقام هواتف و ساعات المكالمات كفيلة بإثبات تهمة الخيانة الإلكترونية، والتي يؤكد المحافظ مصطفاوي أن عقابها مماثل للخيانة التقليدية، وبالرغم من تحجج هؤلاء بكون الأمر مجرد تسلية لا غير، مرجعين سبب ذلك إلى ملئ وقت الفراغ في ظل انشغال الطرف الآخر عنهم إلا أنها في نظر القانون تعتبر خيانة زوجية. كما يعمل البعض على إزعاج العائلات باقتحام حياتهم وإيهام أحد الزوجين بخيانة نصفه الآخر، وذلك أيضا لمجرد التسلية..!.
وحذر المحافظ عبد القادر مصطفاوي من مخاطر فتح التجارة الإلكترونية.. التي ستنجر عنها دون شك جرائم سرقة كثيرة، كما هو الحال في أوروبا وأمريكا.
75 بالمائة من الجرائم الإلكترونية المرتكبة في الجزائر متعلقة بالشرف
أكد محافظ الشرطة القضائية المتخصص في الجرائم الإلكترونية، مصطفاوي عبد القادر، أن مصالح الأمن التابعة لولاية الجزائر قامت بإحصاء 28 قضية خاصة بالجرائم الإلكترونية خلال سنة 2010، أما في السنة الجارية فقد تم تسجيل 25 قضية خلال السداسي الأول منها، فيما تبقى الحالات المسكوت عنها أكبر من ذلك إذا عرفنا أن 75 بالمائة من هذه الجرائم متعلقة بالشرف.. الأمر الذي يحول دون الإبلاغ.
وأوضح أنه مع كثرة انتشار المخالفات والتجاوزات المرتكبة في العالم الافتراضي، والتي تمس بسلامة الدولة وحرمة الأشخاص، توجب على مصالح الأمن الوطني التوفيق بين الجرائم التي أصبحت تعتبر تقليدية وبين تلك الجرائم المعلوماتية التي تتطلب تقنية وخبرة عالية للتوصل إلى الجاني و معاقبته، غير أن الموضوع ليس بهذه البساطة التي يظهر عليها، فأجهزة الأمن الجزائرية بالرغم من محاولاتها الجاهدة للسيطرة على الأمر غير أن التطور التكنولوجي والفراغ القانوني حالا دون تحقيق غايتها المرجوة بصورة مثالية.وأكد محافظ الشرطة القضائية، عبد القادر مصطفاوي، المختص في الجرائم الاقتصادية والمالية، أن الجرائم الإلكترونية في الجزائر تعرف تطورا خطيرا في السنوات الأخيرة، معتبرا التطور التكنولوجي سلاحا ذا حدين، وأشار إلى أن هذه الجرائم تندرج ضمن قسمين؛ الأول خاص بالجرائم المتصلة بتكنولوجيا الإعلام و الاتصال، أي أن أي جريمة مهما كانت إذا تمت بواسطة الأنترنت أوالهاتف النقال، وكأمثلة عن ذلك ذكر نفس المتحدث المساس بحرمة الأشخاص أوالهيئات العامة.. كنشر صور أشخاص أوتهديدهم بفعل ذلك، التحريض على الإخلال بالنظام العام، ونشر صور مخلة بالحياء خاصة إذا تعلقت بالأطفال. أما القسم الثاني فقد أكد المتحدث أنه متعلق بجرائم المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، أوما يعرف بالقرصنة التي تستهدف الأنظمة المعلوماتية من خلال الدخول غير الشرعي في النظام المعلوماتي لشخص أو جهة معينة والعمل على إزالة، تعطيل، أوإضافة معلومات جديدة بغرض سرقتها أو التجارة بها.
الأمن يلاحق مجرمين لا يتركون وراءهم آثارا
أما عن تدخل مصالح الأمن في هذه الحالات، فقد أكد ذات المصدر أنه يتم إما في حالة شكوى من الضحية أو تبليغ أحد المواطنين، كما نوه إلى أن مصالح الأمن قامت باكتشاف عدد كبير من هذه التجاوزات من خلال عمليات البحث والتفتيش الدورية لمقاهي الأنترنت خاصة، مؤكدا أن عملية التحقيق في هذه الحالة تتم في ظروف جد خاصة من طرف تقنيين متخصصين في تكنولوجيات الاتصال. وعن الصعوبات التي يلاقيها هؤلاء خلال عملهم فتكمن، حسب تصريح المحافظ عبد القادر مصطفاوي، في كون آثار الجريمة في هذه الحالة سريعة الزوال، كما يسبب تواجد الجاني خارج أرض الوطن، ما يعقد إجراءات التحقيق. كما كشف ذات المصدر أن النصوص القانونية في هذا المجال تنقسم إلى جزءين، الأول يمثل النصوص الخاصة بالقانون العادي كمعاقبة التشهير بالأشخاص وابتزازهم مثلا، أما الجزء الثاني فيتمثل في المواد 394 وما يليها من قانون 2004 التي تقضي بمعاقبة مقترفي الجرائم المتعلقة بتكنولوجيا الاتصال بما يصل إلى خمس سنوات سجنا، وغرامات مالية تصل إلى 200 مليون سنتيم قابلة للمضاعفة في حالات التشديد.وفي ظل غياب المرافق الترفيهية الخاصة بالشباب أصبح الأنترنت ملاذهم الوحيد وتسليتهم الأولى، غير أن الاستغلال السيء لهذه الوسيلة من طرف هذه الفئة خاصة في مقاهي الأنترنت التي توفر لهم الخلوة والخصوصية بعيدا عن مراقبة الأهل، وبالرغم من صدور قانون خاص بمقاهي الأنترنت سنة 2009 الذي يلزم مالكي هذه الأماكن بإيقاف وتعطيل المواقع الإباحية والمخلة بالنظام العام.. لأن مالك المقهى ليس له الحق في مراقبة أوالتجسس على زبائنه مهما كان سنهم، غير أن العديد من مالكي هذه الفضاءات يضربون عرض الحائط هذه القوانين حسب شهادة العديد من زبائنهم. وما يزيد الطين بلة هو تعمد هؤلاء التغاضي عن بعض السلوكات اللاأخلاقية لبعض المراهقين والشباب.. إذا كانوا من زبائنهم الأوفياء، كما يقوم بعضهم بتجهيز محله بالأضواء الخافتة ووضع الحواجز بين الزبائن لتوفير المزيد من الخصوصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.