كنت بصدد فتح رواية للكاتب المصري المبدع، إحسان عبد القدوس، اقتنيتها من بائع كتب قديمة بثمن بخس.. ولم تكن لدي نيّة لقراءتها فورا، خصوصا وأنّ ذاكرتي استرجعت أحداث قراءتها قبل عقد من الزمن.. قلتُ؛ كنت بصدد فتح غلاف رواية "لن أعيش في جلباب أبي" لإحسان عبد القدوس، صباح الخميس، قبل أن تصفع سمعي إجابة وزير الأشغال العمومية، عمار غول، عن سؤال نائب بالبرلمان، في جلسة منقولة على المباشر في التلفزيون الجزائري، حول سوء تسيير مشروع الطريق السيار.. نقلتُ بصري من غلاف الكتاب إلى شاشة التلفاز، لأرى وجه غول مكفهرا، لم يجد ما يجيب به عن سؤال النائب، سوى التذكير بأن الطعن في مشروع القرن (الطريق السيار)، هو بمثابة الطعن في شخص رئيس الجمهورية (الأب الروحي له وللمشروع).. ويواصل غول تبريراته قائلا إنه "يسير تحت توجيهات الرئيس" في إشارة ضمنية لصاحب السؤال، بأن انتقاده لوزارته هو في النهاية انتقاد لمشروع الرئيس!! وهي نفس العبارات التي تجيب بها وزيرة الثقافة خليدة تومي، دائما، عن أيّ سؤال ينتقد تظاهراتها الفلكلورية الضخمة والتي هُربت آخرها إلى ولاية تلمسان.. أطفأتُ التلفاز على وجه غول كي لا أتقيّأ غضبي وفتحت جريدة ما، لأقرأ بأن "رئيس الجمهورية تبرّأ في افتتاحه للسنة القضائية من انتمائه لأي حزب، مؤكدا أنه يتحدث دائما باسم الشعب وليس باسم أي تشكيلة سياسية".. تذكّرت وأنا أترك الجريدة جانبا، تصريحات بلخادم الأخيرة التي، رشّح فيها رئيس الجمهورية لعهدة رابعة باسم الجبهة، واستنسخ فيها تصريحات للرئيس، مشيرا لمنتقديه بأن أيّ طعن في كلامه هو طعن مباشر في كلام الرئيس.. قرّرت، حينها، أن أخرج من العالم الموبوء بحكايا جلباب الرئيس (هذا الجلباب الذي دخل فيه الجميع واستحلوا دفأه) لأدخل في عالم الحاج عبد الغفور، بطل الرواية، الذي خرج أبناؤه من جلبابه، بحثا عن جلبابهم الشخصي..