ليس من عادتي أن أشاهد التلفزة الجزائرية حفاظا على ضغط الدم! لكن أحد الأصدقاء هتف لي وأخبرني بأن حصة متلفزة (سياسية) غاية في الرداءة تستحق المشاهدة! تسمرت أمام التلفزة وانتظرت الحصة.. ويا ليتي لم أشاهدها؟! لقد كانت بالفعل حصة غاية في الرداءة السياسية والإعلامية.. وحضر الحصة ممثلو عدة أحزاب يقال إنها ستصنع المشهد السياسي في البرلمان القادم! ولم يكن أسوأ من الحاضرين سوى المنشطة التي يبدو أنها تصلح لأي شيء إلا للإعلام والتنشيط؟! أنا على يقين أن كل من شاهد هذه الحصة يكون قد قرر مقاطعة الانتخابات القادمة! وهكذا تقوم التلفزة والأحزاب الهزيلة بالدعوة إلى المقاطعة! صحفية تطرح أسئلة! لا يفهمها زعماء الأحزاب الحاضرون.. ويجيبون عنها! وعندما لا يفهم السامع والشاهد ما يقوله المجيب.. يقول: إنه لم يفهم السؤال؟! وبعضهم كان يجيب على أسئلة الصحفية من الورقة ومع ذلك كان ذلك الهزال في السؤال وفي الإجابة؟! بعدها مباشرة تابعت حوار على قناة مصرية جرى حول الدستور الجديد الذي يراد وضعه في مصر.. وكيفيات الخروج الآمن للعسكر من الحياة السياسية المصرية! الناس في مصر يناقشون حكاية الخروج الآمن للعسكر من الحكم.. ونحن عندنا يناقش أشباه السياسيين والإعلاميين في اليتيمة حكاية البقاء الآمن للفساد في الأحزاب السياسية ودواليب الدولة! منذ أيام استمعت لأحد الشبان في جامعة جزائرية وهو يتحدث عن تنظيم حملة فيسبوكية في يوم الانتخابات القادمة هدفها مقاطعة الرداءة السياسية التي ستفرض على الشعب من خلال الانتخابات القادمة.. وقتها لم أكن أتصور حجم الرداءة التي سيكون عليها حال الانتخابات القادمة والتي يهدد الشباب بمقاطعتها وليس العزوف عنها.. وتأكدت من حجم هذه الكارثة عندما تتبعت هذه الحصة! وقد كانت الحصة ناجحة في دفع الناس إلى مقاطعة الانتخابات أكثر مما نتصور! الحزيبات الإسلامية وغير الإسلامية غزتها الرداءة السياسية إلى حد أن الناس أصبحت تردد بغباء أن الإسلاميين قادمون.. حتى بالتزوير؟! وأحس بأن الشعب الجزائري لم يعد له خيار غير المفاضلة بين الحكم الفاسد والرديء القائم أو الإسلاميين الذين جزء منهم سفك دماءه.. وجزء آخر سرق ماله.. وجزء ثالث شتتته الانتهازية والوصولية! الحصة نجحت في تبيان أن البلاد مقبلة على انتخابات بلا أحزاب وبلا برامج وبلا رجال وبلا أفق سياسي أو غير سياسي.. وكل ما هنالك هو أن الكل يريد الترشح والكل يريد التزوير ضد الكل؟! والكل يعلن نفسه فائزا بدون انتخابات! نعم قد يخرج الجزائريون في انتخابات ماي القادم عن بكرة أبيهم كما خرج التوانسة والمصريون.. ولكن ليس للانتخابات.. بل لحرق بطاقاتهم الانتخابية في الساحات العامة احتجاجا على هذا الهزال السياسي الحاصل في البلاد كما هدد بذلك شباب الفيسبوك في الجامعات!؟ فالثالوث الفاسد هو الذي يقود البلاد نحو المجهول في تحالف غريب بين الرداءة السياسية والمال الحرام وتزوير إرادة الشعب!