تحتفل إيران اليوم بعيد النيروز ”الاعتدال الربيعي” ولايزال مشهد التصعيد الإسرائيلي - الأمريكي ضدها يراوح مكانه طارحا معه عدة تساؤلات حول حقيقة الأزمة التي يمر عليها ثلاثين عاما دون أن تقود الولاياتالمتحدة أو الكيان الإسرائيلي أي خطوة باتجاه المواجهة العسكرية ضد طهران. و يشكك الخبراء في مدى قدرة إسرائيل على الدخول في مواجهة عسكرية فعلية مع إيران لما له من تداعيات دولية واسعة النطاق وهو الأمر الذي يحجم من تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة ويجعل منها تصنف قي خانة التصريحات الاستفزازية. من مفارقات السياسة الإسرائيلية تجاه إيران هو طبيعة التصريحات التي يقودها كبار المسؤولين في الكيان الإسرائيلي تجاه إيران. ففي وقت بعث الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز رسالة تهنئة صوتية عبر الإذاعة العامة الإسرائيلية الناطقة باللغة الفارسية للشعب الإيراني بمناسبة عيد رأس السنة الفارسية ”النيروز”، داعيا إياهم إلى الانقلاب على الحكم فى طهران. وقال بيريز خلال رسالته الصوتية: ”إن على الإيرانيين أن يحسموا مصيرهم بأنفسهم ولا يتركوه لتتحكم فيه فئة متطرفة”، مضيفا أنه ”لا يفهم كيف يسمح شعب قديم كالشعب الإيراني لفئة متطرفة بالعمل بطريقة تثير غضب العالم أجمع”. ولم يتوقف نتنياهو من تصعيد لهجته التحذيرية بعزم إسرائيل على توجيه ضربة لإيران. ويرى الخبراء أن تصريحات نتنياهو في هذا الصدد ليست أكثر من مراوغات استفزازية تعتمدها إسرائيل للتعتيم على ملف القضية الفلسطينية وشغل العالم ب”حرب وهمية” لن تندلع لعدة أسباب أبرزها تلك التي لها انعكاسات جد خطيرة على إسرائيل. ويقف نتنياهو اليوم على أبواب مرور ثلاث سنوات من توليه منصب رئيس وزراء إسرائيل، ويؤكد التقرير على نجاح نتنياهو في خلط الأوراق الإستراتيجية الدولية عبر إطلاق التصريحات المناهضة لإيران، وهو ما يغفر له سوء إدارته للسياسة الداخلية لإسرائيل التي تواجه أزمات اقتصادية حادة بسبب ارتفاع نسبة البطالة والمشاكل الاجتماعية، ويراهن نتنياهو على الدور الذي لعبه عبر التصريحات النارية التي كان يطلقها كل مرة ضد إيران في زيادة شعبيته مع تقديم موعد الانتخابات ليحصد وحزبه مقاعد برلمانية أكثر تتيح له تشكيل الائتلاف الحكومي الذي يريد وبشروط أفضل. ويرى الإسرائيليون في نتنياهو الأنسب لمنصب رئيس الحكومة يكاد لا ينافسه عليه أحد، خصوصا حيال الانقسام الشديد في الحزب المنافس ”كديما” الذي يشهد الأسبوع المقبل انتخابات على زعامته بين ليفني وموفاز يتوقع أن تؤدي نتيجتها، بغض النظر عن هوية الفائز، إلى انسحاب أقطاب في الحزب على نحو يضعفه ويهدد كيانه. وسبق لليفني أن أعلنت عبر أوساطها القريبة أنها ستغادر الحزب وربما تعتزل الحياة السياسية في حال فاز موفاز بزعامة الحزب، فيما يشن أقطاب آخرون حربا عنيفة على ليفني ويتهمونها بالتسبب في إضعاف الحزب لرفضها الدخول في الائتلاف الحكومي، ويلمحون هم أيضا إلى ترك الحزب في حال بقيت ليفني على رأسه. من جهتها، الولاياتالمتحدة تبدو مؤخرا أكثر حذرا من إسرائيل حتى في طبيعة التصريحات التي تقودها ضد إيران، كما يؤكد على ذلك ليون بانيتا الذي حذر من تداعيات قيام إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران لما للعملية من تداعيات سلبية على الولاياتالمتحدة. فحسب ليون فإن إيران تدرك جيدا قدرة الجيش الإمريكي وأن التصعيد العسكري ضد إيران ستشعل حربا إقليمية تنجر إليها الولاياتالمتحدة وتتسبب بمقتل مئات الأمريكيين. ولايزال النظام الإيراني يبدو أكثر تماسكا رغم موجة الحمالات الإعلامية ضده، فلايزال الرئيس الإيراني أحمد نجاد قادر على الرد بتصريحات أكثر حدة ضد الكيان الإسرائيلي وأحيانا كثيرة أكثر استفزازية مستفيدا من الدعم الكبير الذي يتمتع به من كبار القيادات العسكرية والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي الذي يؤكد على دعم سياسة إيران وعلى أهمية ما وصفه بالجهاد الاقتصادي للشعب الإيراني مشددا بالذات على الإنتاج والعمل ودعم الاستثمارات.