لم تتخل المرأة الجزائرية يوما عن مبادئها ومساهماتها في النهوض بالمجتمع، انطلاقا من نضالها التحرري، مرورا بالبناء لإعلاء راية الجزائر، وصولا إلى المشاركة في العمل السياسي لمواصلة ما بدأته. نجوى سلطاني هي إحدى هؤلاء المناضلات اللاتي أبين إلا أن تواصلن مسيرتها. السيدة نجوى، المولد والنشأة مدينة التبسة العميقة المحافظة، ما هي الإضافة التي رسختها بيئتك في شخصيتك وحياتك؟ أنا من مواليد الاستقلال سنة 1962، من أسرة محافظة أغلب أفرادها مجاهدون وشهداء، ومدينة تبسة بعراقتها جعلتني أتواصل مع تيارات الصحوة وأهتم بالعمل الاجتماعي، وكل المجالات التي تساهم في النهوض بالأسرة الجزائرية. أنت اليوم السيدة الأولى في حركة مجتمع السلم، ما تعليقك؟ وهل تؤمنين بمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة؟ السيدة الأولى كلمة كبيرة، وأنا أعتبر نفسي مناضلة منذ أزيد من 30 سنة، أقدم ما أستطيع من وقت وجهد لخدمة وطني الجزائر، من خلال حركة اقتنعت بمبادئها وأهدافها وأساليب عملها، خاصة أنها الحركة التي تحتوي أكبر خزان من الطاقات النسوية. ليست لي طموحات شخصية إذ يكفيني شرفا أن أجد مجالا لخدمة الجزائر، والمحافظة على ثوابت هذه الأمة والدفاع عن حقوق المرأة وكرامتها وتحسين وضعيتها في المجتمع. ما هي حدود عملك السياسي، أو بالأحرى ما هي طموحاتك؟ قناعتي قائمة على مبدأ أن عزة المواطن من عزة وطنه، وحينما أشعر أن جواز السفر الذي أحمله يعكس هيبة دولتي يتحقق بذلك جزء كبير من طموحاتي. من المعلوم أن حرم الرجل صاحب المركز الاجتماعي والسياسي، دائما يكون لها دور في المجال الخيري والاجتماعي على غرار زوجات الرؤساء والسفراء والوزراء، هل لك دور في هذا المجال أو مجالات أخرى كالثقافة وغيرها؟ كنت أعمل في النشاط الاجتماعي والعمل الخيري قبل أن يصبح زوجي الرجل الأول في حركة مجتمع السلم، وبالتالي ليس هناك ربط بين ما تقوم به نساء الرؤساء وبين قناعتي، لأن المرأة تستطيع أن تكون مستقلة عن زوجها في الاهتمامات والنشاطات التي تساهم في ترقية المجتمع والاهتمام بالطبقات التي لا تصلها عادة خدمات الرجال، لاسيما السياسيون منهم. يقال إن السيدة سلطاني تمارس أعمال حرة، هل هذا صحيح؟ وإن كان الأمر كذلك ففي أي مجال؟ لم يسبق لي أن مارست أي نشاط ربحي سواء في مجال التجارة أو الاستثمار أوالأعمال الحرة ،وكل ما تناقلته بعض الجهات فهو مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة. ما هي إضافات السيدة نجوى لزوجها، خاصة بعد تفرغه للعمل السياسي وقيادة الحركة بعد المؤتمر الرابع؟ وكيف توفقين بين البيت وانشغالاته، ونشاطاتك السياسية داخل وخارج الوطن؟ البيت مملكتي الأولى، وأعتبر أول نجاح لأي امرأة هو نجاحها في أن تكون ربة بيت مثالية، لذا أقوم بكل ما استطعت به لاستكمال نشاطات زوجي الكثيرة، خاصة في الأيام التي يصبح فيها برنامجه مكثفا ويحتاج إلى وضع رزنامة نشاطات محكمة تسع وترتب الأسفار ولاجتماعات والكتابات الصحفية، وكذا تأليف الكتب وسواها. وكل ما أساهم في تسهيل مهمات زوجي أعتبر نفسي قد وفقت ولو في جزء من واجبي النضالي في الحركة، التي أنا عضو مجلس الشورى فيها لأكثر من 25 سنة. الأولاد كلهم ناجحون في حياتهم العلمية والعملية بحمد الله، فانشغالي أنا وزوجي بالسياسة لم يعفنا من الاهتمام بالواجبات الأسرية. في سؤال أخير، هل أنت راضية عن حياتك؟ هل كنت ستغيرين فيها بعض الأمور إذا أتيحت لك فرصة الرجوع إلى الوراء؟ الإنسان لا يختار كل شيء في حياته، ولو عاد الزمن بي إلى الوراء فسوف لن أختار شيئا جديدا، لأن مسار حياتي لايزال مصدر اعتزاز وفخر لي شخصيا ولكل من جمعتني بهم الأقدار في ميدان العمل والنضال والعلاقات الإنسانية. في الأخير كلمة تقولينها للمرأة الجزائرية بصفة عامة، ولنساء الحركة بصفة خاصة؟ المرأة الجزائرية شرفت ثورة التحرير المباركة بمشاركة أخيها الرجل، وهي اليوم تتكامل معه في كل المجالات والقطاعات، وأحيانا تنافسه وتتفوق عليه في كل من التعليم والصحة والقضاء، فالمرأة والرجل يتكاملان ويتعاونان من أجل تحقيق الكرامة والاستقرار الاجتماعي. ماذا تقول السيدة نجوى للرجل، وماذا يجول ببالك لدى سماع كلمة الثورة، تاريخ 10 ماي، "الفجر"؟ التشريع لايزال قائما على فلسفة رجالية وما تزال حقوق المرأة رهينة بتنازل الرجال عن الأقساط التي لا يحتاجونها، وهذه النظرة المتخلفة لا تخدم المجتمع، ولا تعطي للمرأة كامل حقوقها التي أقره لها الإسلام منذ 15 قرنا. أعتبر الثورة الانتفاضة في وجه ظلم زاد عن حده، كما أرى في تاريخ 10 ماي يوم الامتحان الذي يكرم فيه المرشح أو يهان، أما كلمة "الفجر" فتعني لي بداية الخروج من الظلام إلى النور.