انضم عدد من الصحفيين ورجال الإعلام الجزائريين، العاملين في الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، وحتى من المراسلين الصحفيين إلى السباق الانتخابي، بحثا عن مقعد في المجلس الشعبي الوطني، تاركين أقلامهم وميكروفوناتهم وكاميراتهم، لزملائهم غير المترشحين، ليقوموا بتغطية حملتهم الانتخابية. وتحول الصحفيون المترشحون للانتخابات التشريعية من ناقمين على نواب البرلمان السابق ومنتقدين لقادة الأحزاب السياسية بل وساخطين على الأداء السياسي، إلى مادة إعلامية دسمة لا تخلو من الانتقاد والتساؤل حول نواياهم الحقيقية من الترشح. "الفجر" تحدثت إلى عدد منهم، حول دوافع ترشحهم للتشريعيات وعلاقتها بتطليق مهنة المتاعب والانتفاع بمزايا نواب البرلمان وخاصة الراتب المغري، وسألتهم ماذا يحملون في برامج أحزابهم، فاتفق جميع المستجوبين على أن مهنة الصحافة ستبقى جارية في عروقهم، وأنهم لن يطلقوها أبدا، إن فازوا بالعضوية البرلمانية، من خلال التواصل معها بالكتابات الصحفية، وأجمعوا على أنهم ترشحوا ليحملوا مقترحات لهموم المواطنين بمن فيهم الصحفيون، بصفتهم الأقرب إلى معاناتهم وليس طمعا في الثلاثين مليون سنتيم، التي يستطيع أي صحفي قبضها بالعمل في مؤسسات إعلامية أجنبية. من مكاتب التسيير الإعلامي إلى سباق التشريعيات اختار الإعلامي ومدير محطة ورڤلة الجهوية، أحمد بن صبان، الترشح في حزب جبهة المستقل الذي يعد واحدا من مؤسسيه، متصدرا قائمة ولاية مستغانم، وهو يرى أن الإعلامي هو الأقرب إلى نقل انشغالات المواطن، وأحسن من يعي ما يريده من ممثليهم في البرلمان، وهو مقتنع تماما أن الجزائر بحاجة إلى نخبة جديدة بإمكانها تنفيذ إصلاحات رئيس الجمهورية، وهي نخبة تمثلها الإطارات الشابة النظيفة والحاملة لمشاريع استراتيجية وهادفة والصحفيون جزء من هذه النخبة. وتعد تجربة الترشح للانتخابات التشريعية بالنسبة لبن صبان، تكملة لمساره النضالي الذي بدأه في الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، وفي حزب جبهة التحرير الوطني. البرلمان بالنسبة إليه هو صوت المواطن وبما أن الصحفي مواطن فله حقه في أن يسمع صوته، ودون شك سيكون الصحفيون الفائزون بمقاعد في البرلمان المقبل، خير من سينقل مطالب القطاع، الذي ينبغي أن يحرر السمعي البصري وينظم أكثر الصحافة المكتوبة، وهنا يدعو بن صبان الصحفيين المترشحين ليكونوا من الآن يدا واحدة للدفاع عن حقوق زملائهم مهما اختلفت انتماءاتهم الحزبية. منصب المسؤولية في مؤسسة إعلامية عمومية، لم يثن مديرة النشر ليومية "الشعب"، الإعلامية أمينة دبش، التي عينت فيه قبل أشهر قليلة، من خوضها السباق الانتخابي التشريعي، فهي واحدة من المناضلات الشرسات في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، المشهود لها بكفاءتها وانضباطها في حزبها، بنفس مستوى إتقانها وانضباطها في تسيير شؤون جريدتها العمومية، وفي كل المناصب التي شغلتها من قبل في القطاع الإعلامي، وهي مؤسسة نادي مناضلات الأرندي وذات تكوين جامعي في تخصص العلوم السياسية والإعلام. رشحها الأرندي في المرتبة السادسة بقائمة العاصمة، وهي ترى نفسها قادرة على المنافسة السياسية، وتجد الوقت مناسبا لها بعد مسارها الحزبي والإعلامي، لتحصل على العضوية في برلمان مرحلة الإصلاحات السياسية، وتعتبر السياسة والصحافة مجالين متكاملين، وباعتبارها ابنة المهنة الصحفية، تقول إنها ستدافع عن تقوية وترقية القطاع الإعلامي العمومي، وستناضل دائما حتى ولو خسرت الرهان الانتخابي من أجل صحافة راقية ورجال إعلام مكونين ومحنكين، إلى جانب توسيع القطاع الإعلامي للخواص. صحفيون اعتادوا على طرح الأسئلة.. يواجهون الأسئلة فاجأ عزيز طواهري الصحفي في جريدة صوت الأحرار، زملاءه في المهنة بترشحه في حزب غير جبهة التحرير الوطني التي تحسب عليه الجريدة التي يشتغل فيها، فالأفالان لم يقترح عليه الترشح، كونه ليس مناضلا فيه، في حين كان عزيز من بين مؤسسي حزب "جبهة الجزائرالجديدة"، التي تضم بعض الأسماء الصحفية المعروفة، و هو يحتل المرتبة السابعة في قائمة مرشحيها بالعاصمة، وسيقترض مالا لأجل تمويل حملته الانتخابية، بسبب قلة إمكانيات حزبه، ويعيده لأصحابه من راتبه الصحفي إن فشل في الاختبار النيابي، أو من راتبه كنائب في البرلمان إذا هو نجح. ويعتبر عزيز طواهري طموحه في الحصول على عضوية البرلمان تجربة يعززها مساره المهني الذي أعطاه صورة واضحة عن القوانين التي تنظم سير وعمل البرلمان، إلى جانب اطلاعه الواسع على قوانين الإصلاحات وإلمامه بالعمل السياسي، خاصة وأنه متخرج من معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية وله خبرة بسيطة في العمل النقابي من خلال الفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين. ولا يرى صحفي صوت الأحرار، أن منصب نائب برلماني، هو مرادف للراتب المغري والمزايا المتعددة، بل هو منصب مسؤولية ثقيلة تقاس بها مصداقية وكفاءة نواب أي حزب. في الشأن ذاته، رشح تكتل "الجزائر الخضراء" صحفي "الشروق اليومي"، بلقاسم عجاج ضمن قائمته في ولاية تيبازة، في المرتبة الثانية باسم حركة الإصلاح الوطني، بعد أن رحب هذا الأخير بالفكرة رغم أنه لم يمارس السياسة تحت راية أية تشكيلة حزبية، لكنه وافق على العرض من منطلق أنه حان الوقت ليكون للصحفي كلمته في صنع القرار السياسي، بحكم رصيده المعرفي السياسي واحتكاكه الدائم بانشغالات المواطنين ومتابعته المستمرة للتحولات التي تعيشها الجزائر و الرهانات التي تواجهها، ولأن رجل الإعلام محسوب على النخبة المثقفة وصناع الرأي العام، فقد أصبح مطالبا اليوم أكثر من أية فترة مضت بالمساهمة في التغيير الذي يريده الشعب الجزائري خاصة الشباب، يوضح عجاج. ويؤكد الصحفي مرشح الجزائر الخضراء، أن طموحه في النيابة البرلمانية، لم يكن نتيجة تهرب من مهنة المتاعب أو كره لها أو بسبب أجرها الزهيد، بل العكس، فهو لا يرى نفسه منقطعا عنها إن فاز في التشريعيات، وهذه المتاعب المهنية ستبدو لا شيء إن تمكن من تمثيل الشعب في البرلمان، فكل العمل الشاق والجاد سيكون في تلك المرحلة، وبالنسبة لبلقاسم الامتيازات التي يتمتع بها النواب لم تكن دافعا لترشحه، بدليل أنه لم يسع له بل عرض عليه الترشح من ممثلين عن حركة الإصلاح الوطني ووافق بعد تفكير عميق واستشارة موسعة، وهو كغيره من رجال الإعلام المترشحين، سيكون خير مدافع عن الحقوق المهنية للصحفيين تحت قبة البرلمان، مثلهم مثل عمال باقي القطاعات. ميكروفون البرلمان يسقط ميكروفون الإذاعة ترك الصحفي العامل بالقناة الأولى، نصر الدين دردور، الميكروفون الإذاعي ودخل في عطلة محدودة، سيقضيها في التحضير لحملته الانتخابية بمسقط رأسه ولاية جيجل، بصفته يتصدر قائمة مرشحي حركة الوفاق الوطني، المتضمنة مرشحين شباب من خريجي الجامعات. يقول نصر الدين إنه يخوض هذه التجربة، ليس طمعا في 30 مليون التي يتقاضاها نواب البرلمان، بل طمعا في خدمة بسطاء المواطنين في ولايته، الذين يعلقون آمالهم على أبنائهم من الجيل الصاعد الراغب في التغيير الحقيقي، مادامت هناك إرادة سياسية لإشراك الشباب في اتخاذ القرارات السياسية. بالنسبة لنصر الدين، بين العمل الصحفي والممارسة السياسية علاقة واضحة، وبين الصحفي والمواطن علاقة شراكة تتقاطع في نفس الهموم والمشاكل، فكلاهما يعاني وعلى أحدهما أن يفكر في حل لهذا الوضع، ودردور جاءته الفرصة ليطرح انشغالات أبناء ولايته إذا ما وفق في الوصول إلى البرلمان، وهو متحمس كثيرا لتحقيق هذا الهدف، ولا يرى في ترشح رجال الإعلام عيبا، لأنه حق دستوري لكل مواطن تتوفر فيه الشروط، وهو واجب بالنسبة للصحفي، لأنه في ظنه هو أصدق ناقل لواقع المواطن إلى الساسة الذين لا ينزلون للشارع ولا يشمون رائحة الذل والفقر، ولا ينظرون في أعين المواطنين رغبتهم في التغيير. من جهتها؛ تعرف الصحفية عقيلة رابحي، العاملة بموقع الإذاعة الوطنية بأنها كاتبة قصة وشاعرة، وقليل من يعرفها كمناضلة في حزب جبهة التحرير الوطني منذ 5 سنوات، هي اليوم تحتل المرتبة الخامسة في قائمة مرشحي الحزب بالبليدة، وتقول إنها بصفتها ممثلة 19 "دشرة ومزرعة" في البليدة، مثلتها في الجلسات الوطنية حول السكان والتنمية التي نشطها محمد الصغير باباس رئيس المجلس الوطني الاقتصادي، وجدت نفسها تترشح بإلحاح منهم، وهي راضية عن هذه المرتبة بالنظر لخزان الإطارات التي يتمتع بها الأفالان، وتريد أن تكون في البرلمان ممثلة للطبقة المثقفة والصحفيين، وبسطاء المواطنين على حد سواء، لكونها تنتمي إلى هذه الفئات الثلاث. وتدعو عقيلة رابحي من الآن إلى تخفيض رواتب نواب البرلمان، التي لم تفكر في يوم من الأيام أن تقبضها، لأن كل همها هو معاناة المواطنين التي تعيشها هي كمواطنة وصحفية وكاتبة. وتشدد عقيلة على الدفاع على الوضع الاجتماعي للصحفيين خاصة ما تعلق بالسكن والأجور، إذا نجحت في الظفر بكرسي نائب برلماني. وبدوره، يتصدر عياشي سنوسي الصحفي بالموقع الإلكتروني للإذاعة الوطنية، والصحفي سابقا بالإذاعة الدولية وجريدة "الخبر"، قائمة حزب جبهة الحكم الراشد، في ولاية سطيف، وهو أحد من مؤسسي هذا الحزب الجديد، بعدما لم يحصل على فرصة في الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية، والتي لا تعطي حسبه للشباب مواقع متقدمة في قوائم مترشحيها، ومن ثم استجاب لمطلب سكان مدينة عين آزال مسقط رأسه بالترشح على رأس قائمة جبهة الحكم الراشد. وعن دوافع ترشحه، قال سنوسي إن تشجيع رئيس الجمهورية للعمل السياسي للشباب وراء فكرة ترشحه، فمنصب النائب في البرلمان سيسمح له بنقل انشغالات الموطن "المسحوق والمطحون"، كما سيمكنه من التعبير عن آمال رجال الإعلام في تغيير قطاعهم، خاصة ما تعلق بتحرير القطاع السمعي البصري. والبحث عن مقعد تحت قبة مبنى زيغود يوسف بالنسبة لسنوسي ليس له علاقة بالراتب المغري، الذي كان بإمكانه الحصول عليه أو على راتب أكبر لو قبل العروض المهنية التي جاءته قبل سنوات من دول الخليج، وهي عروض لا تزال قائمة مع مؤسسات إعلامية عربية معروفة. الوقوف أمام الكاميرا أفضل من حملها ترشح الصحفي فؤاد سبوتة العامل بالتلفزيون الجزائري والمراسل السابق لقناة "الحرة"، في حزب جبهة التحرير الوطني بولاية جيجل محتلا المرتبة الثالثة في قائمة الحزب، ولم يخف في حديثه إلينا أنه كان يطمح للترشح، ليس طمعا في الراتب المغري الذي يقبضه نواب البرلمان، بل لأجل طموحاته السياسية، لأنه كما كشف ل"الفجر" كان يتقاضى من عمله الصحفي المتعدد، ما يساوي راتب نائب البرلمان وأكثر في بعض الأحيان، وهو العمل الذي ضحى به لأجل أن يكون عضوا في اللجنة المركزية للأفالان. أوضح فؤاد أن مسألة الترشح لم تكن سهلة، فحسبه هناك أطراف في الحزب عملت ما في وسعها لمنع القوى الشابة من الترشح لكنها لم تنجح في كبح طموحه. وأضاف أنه ترشح بهدف خدمة الولاية التي ينحدر منها كون نواب العهدتين التشريعيتين السابقتين لم يقوموا بدورهم فيها، بدليل أن هذه الولاية السياحية "ريفت" لم تستفد من أي مشروع تنموي مهم. ومن جهة أخرى فتحول صحفيين إلى ممثلي الشعب في البرلمان المقبل بالنسبة لسبوتة، سيخدم دون شك المهنة الصحفية، رغم أنه أمر ليس سهلا نظرا لقلتهم وانتماءاتهم الحزبية المختلفة، ولكن طرحهم لمقترحات تخص القطاع سيكون له تأثير عليه دون شك، لأنه يحتاج الكثير من التغيير ليتماشى مع التحولات المحلية والدولية التي تعيشها الجزائر. .. وللمراسلين نصيب في الحلم صبرينة تريكي واحدة من بين عدد كبير من المراسلين الصحفيين، الذين ترشحوا لانتخابات 10 ماي المقبل، وهي مراسلة جريدة "الأحداث" من ولاية سكيكدة، لم تكن متحزبة من قبل، انخرطت مؤخرا في حزب عهد 54، رغم أنه عرض عليها ذلك منذ 8 سنوات خلت، وترشحت في المرتبة الثالثة في قائمته بهذه الولاية، لأنها ترى في الصحفي الشخص الأقرب إلى معاناة المواطنين وعمال كل القطاعات، فهو من يكتبها ويصورها انطلاقا من احتكاكه بهم، واستماعه إليهم، الأمر الذي يرشحه في نظرها، ليكون خير من يمثلهم في المجلس الشعبي الوطني. ومن هذا المنطلق ترشحت هذه المراسلة التي تقول إنها ستسعى لتعبر عن مطلب الصحفيين في إنشاء قانون إعلام تعده الأسرة الإعلامية، بصفتها الأمينة الولائية للفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين، وإذا ما صارت نائبا في برلمان العهدة التشريعية المقبلة، فستكون لسان حال سكان ولايتها وخاصة شبابها المقصى والمهمش في ميدان الشغل وفي كل المجالات. الإعلامي سياسي بالضرورة عكس الكثير من رجال الإعلام الذين يطمحون لاقتحام عالم السياسة، والدخول من بابه الواسع المتمثل في المجلس الشعبي الوطني، لم يتصور الكاتب الصحفي مصطفى هميسي المعروف بإسهاماته في عدد من الجرائد الوطنية، أنه في يوم من الأيام سيترشح للانتخابات التشريعية، وهو ما اعترف به قائلا "لم يكن لدي أي طموح سياسي من قبل، فلم أفكر يوما في دخول البرلمان"، مبرزا الدور الكبير الذي لعبه محمد السعيد رئيس الحزب في إقناعه بالانضمام إلى حزبه الحرية والعدالة، فضلا عن توافق برنامج الحزب مع قناعات الكاتب هميسي، التي يترجمها في مقالاته الصحفية، وهو ما رشحه ليكون في منصب عضو المكتب الوطني المكلف بالاتصال، وليتصدر رأس قائمة العاصمة. وبرأي هميسي، فتطرق العمل الصحفي للشأن السياسي، عامل يساعد رجل الإعلام كثيرا في ممارسة السياسة، وبالتالي يسهل مسألة ترشحه، مضيفا أن منصب نائب في البرلمان لن يشغله عن عالم الإعلام لأن الكتابة الصحفية تجري في عروقه، وسيكرس قلمه لفضح كل ما لا يستجيب لطموحات الشعب، كما أنه سيضع إصلاح أوضاع الساحة الإعلامية في صلب اهتماماته لو صوت له الشعب للجلوس على كرسي نائب في البرلمان المقبل، وسيدعو إلى توسيع مجال الحريات الصحفية وفتح الباب أمام التعددية السمعية البصرية.