جبهة التحرير الوطني التي تعيش مخاضا منذ شهور، على موعد غدا مع محطة جديدة من لي الذراع بين أغلبية أعضاء اللجنة المركزية والمناوئين لبلخادم، وبين أتباع الأمين العام، الذي يرفض التنحي، ويحاول بشتى الطرق التحايل على القوانين الداخلية للحزب للبقاء في منصبه والانفراد بالقرارات. وبقدر ما هناك إصرار على إزاحة بلخادم وتنصيب قيادة شابة على رأس الحزب العتيد، بقدر ما هناك عزيمة على "القتال" حتى آخر رصاصة من أجل السيطرة على الحزب، ظنا من بلخادم أنه المطية لرئاسيات 2014، ومن أجل هذا جند أبناءه ومحيطه وأموال الحزب وأموال الترشيحات التي جمعت بطرق غير شرعية لشراء الذمم وتمويل "الميليشيات" للتشويش على اجتماع اللجنة المركزية حتى يعطي لبلخادم فرصة لتأجيل الاجتماع وربح الوقت لترتيبات أخرى، بعدما فشلت استراتيجية التطميع بالمناصب الوزارية، والثلث الرئاسي التي وعد خصومه بها شراء لذممهم من أجل البقاء في الأمانة العامة للأفلان، وهذا بعدما تقرر تأجيل الإعلان عن الحكومة لكي لا يكون لبلخادم يد فيها. لا أدري إن كان الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قادر على تخطي هذه المحنة، باسترجاع الحزب لمناضليه وانتخاب قيادة شابة له، خلفا للرجل الذي جعل منه هو وأبناؤه مزرعة خاصة أم أن الانفجار سيحدث وتتعفن معه الحياة السياسية للجبهة أكثر مما هي متعفنة الآن؟ بلخادم يعرف جيدا أن أيامه على رأس الحزب باتت معدودة، مثلما يدرك جيدا أنه ليس من قاد الحزب إلى الفوز، ويعرف أن آلة الجبهة بثقلها ووزنها لا تتحرك اعتباطا، ومع ذلك يحاول المراوغة ويخطط لتوجيه اجتماع اللجنة المركزية الوجهة التي يريدها هو، ولذلك رفض الاحتكام إلى الصندوق لأنه يعرف أنه إذا ما أسند القرار إلى الصندوق، فإنه يخرج صفر اليدين من الانتخابات ولن يصوت له حتى أقرب المقربين منه، ولذلك فهو يسعى إلى التصويت برفع الأيدي مثلما نصحه غريمه السابق سي عفيف، لأنه يعرف أن الكثير من أعضاء اللجنة المركزية يخافون على مصالحهم ولن تكون لهم الجرأة لرفع اليد ضد بلخادم. الحل إذن، وحتى لا يفسد النجاح المحقق في الانتخابات الأخيرة، والذي اعترف له كل العالم بمن فيهم المراهنون على اشتعال نيران "الربيع االعربي" في الجزائر، على قيادة جبهة التحرير أن تحل هذا المشكل بطريقة ديمقراطية وبالاحتكام إلى الصندوق، وأن تكون هذه الممارسة الديمقراطية الحكم في صراع الحزب الذي يجب أيضا أن يفتح على طاقات شابة، وأن يفتح أفقه على القدرات المتوفرة في الجزائر، عله يضخ دما جديدا في صفوفه، ويستقطب الكفاءات، بدلا من فيلة الحزب الذين لا قوة لهم إلا قوة الشرعية الثورية وأقدمية النضال! الحزب أمام تحد جديد، فهل ينتصر العقل والمنطق؟