مليون سنتيم فقط لخرق الحدود الجزائرية يسقط عدد من المهاجرين غير الشرعيين ضحايا لشبكات دولية تنشط في الجزائر، تستثمر فيهم وفي حاجتهم الماسة إلى فرصة عمل يمكن أن تنتشلهم من المعاناة، تعمد فيها إلى جلبهم من الدول المجاورة، خاصة المغرب، بمبالغ تصل إلى مليون سنتيم قبل أن تعمد إلى إرسالهم إلى مختلف مناطق الوطن لتستغلهم في ورشات خاصة في أعمال شاقة مقابل أجر لا يتعدى 1000 دينار. كشف قائد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني بالرمشي، النقيب بناي مراد، أن المهاجرين غير الشرعيين يتدفقون على الحدود الجزائرية على أمل اختراقهم الحواجز، مستعينين بشبكات محترفة في تهريب البشر وتمريرهم إلى التراب الجزائري بمبالغ تصل إلى مليون سنتيم للشخص الواحد يتقاسمها المتورطون في الشبكة المتكونة من جزائريين ومغربيين، الذين يعمدون إلى إرسال المجموعات إلى المدن الكبرى كوهران بغية توزيع المهام عليهم. وأضاف قائد الكتيبة أن مصالحه أوقفت أول أمس المتهم ”ي. ق” البالغ من العمر 32 سنة، القادم من منطقة فاس المغربية على أمل العثور على عمل ضمن مجال تخصصه الزخرفة والتزيين، مشيرا إلى أنها المرة الثالثة التي يدخل فيها التراب الجزائري وفي كل مرة يخضع فيها إلى الشبكة الدولية التي يديرها بارونات التهريب والاتجار بالبشر الذين يمتصون دماء المهاجرين، والذين يتكفلون بإرساله إلى مكان عمله بعد التنسيق مع أفراد الشبكة الناشطين في المغرب، ولا يطلب منه إلا بلوغ مدينة وهران وبالضبط محطة نقل المسافرين ليتصلوا به بأنفسهم، حيث يحرصون على قطع أي خيط يمكن أن يوصل إليهم ويسلمونه إلى عصابة أخرى لا تقل خطورة عن الأولى. وأشار إلى أن رحلة المهاجرين غير الشرعيين لا تنتهي هنا، إذ يجدون أنفسهم تحت رحمة أصحاب الورشات الخاصة الذين يتمّمون مهمة المافيا الدولية بفرض أعمال شاقة عليهم، خاصة البناء، واستغلالهم في الفلاحة بمبالغ لا تتعدى 1000 دج دون أدنى حماية باعتبارهم غير قانونيين، مستغلين الحاجة وظرفهم القانوني لاستعبادهم، حيث يشتغل أكثر هؤلاء بالمدن الكبرى حيث تتواجد المشاريع الكبرى، ويصلون حتى العاصمة كسحاولة، والحميز والكاليتوس، حيث صرح الموقوف الذي تم ضبطه مع رفيقه المتخصص في أعمال الدهانة إلى أنه تنقل إلى العاصمة واشتغل بها بعدما تم إرساله إليها، كما أكد أن الجزائر تتوفر على فرص عمل على عكس المغرب، لذلك يجازف كثيرون بحياتهم لدخولها ويتصلون بشبكات المافيا الملمين بخبايا الحدود لإدخالهم. وأوضح النقيب أن المهاجرين غير الشرعيين يسلمون أنفسهم إلى بارونات التهريب الذين لا يكتفون فقط بتهريبهم، وإنما يستغلونهم كذلك في المتاجرة بسلعهم، حيث يعمدون إلى نقل المواد بعد تسلمها من تجار في المغرب لإعادة تسويقها في الجزائر نظير عمولة، وأغلب المتورطين في ذلك رجال، في حين أن النساء يشتغلن لحسابهن الخاص. وفي هذا الإطار، أوقفت مصالح درك الرمشي في اليوم نفسه فتاة تبلغ من العمر 26 سنة والمنحدرة من منطقة تيارت، وكانت قادمة من مغنية محملة ب24 فستانا من نوع ”القفطان المغربي” بغية بيعها، مدعية أنها لشخص منحها إياها كمساعدة، بحيث تعيد إليه ثمنها بعد بيعها، زاعمة أن سعرها لا يتعدى 12 مليون سنتيم في وقت يتعدى فيه سعر القفطان الواحد 15 ألف دج، بمعنى أزيد من 80 مليون سنتيم، ثم إن السلعة مهربة أصلا، وكشفت عن وجود نساء أخريات يؤدين هذا العمل، لكنها الوحيدة التي لا تتعدى سن الثلاثين، وقد لجأت إلى هذا العمل لتجاوز ظروفها المعيشية السيئة، وهي الفئة التي تسيل لعاب المهربين الذين يكلفونها بنقل سلعهم المكدسة في المملكة المغربية، كما تفضل هذه النساء لتعذر تفتيشهن إلا بحضور الدركيات، وهو الإجراء الذي كان غائبا لفترة طويلة من الزمن قبل أن يصبح ضرورة ملحة لوضع حد للتجاوزات. وكشف النقيب وجود الكثير من المهربين الذين يشتغلون لحساب البارونات رغم دخولهم الحبس لأكثر من مرة، حيث يعودون إلى نشاطهم في كل مرة يطلق فيه سراحهم، كما أشار إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين زاد في الفترة الأخيرة، ولم تعد تلمسان تستقطب المغربيين فقط وحتى الأفارقة الذين أضحوا يتنقلون إلى تلمسان للبحث عن فرصتهم، ثم إن ظروفهم في بلادهم سيئة لدرجة أنهم يقبلون باستعبادهم وحرمانهم من أدنى الحقوق، كما اندمجوا مع المافيا المحلية وأضحوا يشتغلون على التهريب.