بينت التحقيقات الأولية لمجموعة الدرك الوطني بعين تموشنت أن زورق ال26 قنطارا من المخدرات الذي رمى به البحر لشاطئ سبيات شهر أفريل الأخير كان قادما من المغرب متجها إلى أوروبا وبالضبط إلى إيطاليا أو فرنسا، غير أن سبب إهماله من طرف المهربين هو تعرض ثلاثة من محركاته الأربعة إلى أعطاب ميكانيكية جراء التصاقها بشبابيك الصيد المنتشرة على طول سواحل المنطقة مما عطل سيره، ولم يستبعد التحقيق أن يكون هؤلاء المهربون من الأفارقة الخمسة الذين تم العثور على جثثهم قبل ساعتين فقط من اكتشاف زورق المخدرات باعتبار أن هؤلاء الأفارقة كانوا يرتدون صدريات النجاة من نفس النوع التي تم العثور عليها بالزورق المعطل. وقد تم اكتشاف هذا الزورق المعبأ بكمية قدرها 26 قنطارا من المخدرات خلال انتشال فرقة الأمن والتدخل التابعة للدرك الوطني جثث خمسة أفارقة كانوا على متن قارب مطاطي يشتبه في أنهم مهاجرون سريون كانوا يحاولون الهجرة إلى أوروبا، لتتفاجأ الفرقة بعد ساعتين من بدء عمليتها بالعثور على زورق من نوع "قوفاست" قذفت به أمواج البحر إلى الساحل، وبمجرد الاقتراب منه تم العثور على تلك الكميات الهائلة من المخدرات. الدرهم المغربي في جيوب الأفارقة ولم يستبعد المقدم رضا العيداوي قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بعين تموشنت فرضية أن يكون هؤلاء الأفارقة الذين فقدوا الحياة غرقا بسبب هيجان البجر من مهربي هذه الكمية في الوقت الذي لم يتم فيه العثور على أية أدلة لمهربين آخرين، باعتبار أن جثث هؤلاء الأفارقة تم العثور عليها على بعد 500 متر فقط عن زورق المخدرات، بعد محاولتهم الفرار بعد تعرض الزورق للعطب، كما أنه تم العثور بعد تفتيش زورق المخدرات على صدريات للنجاة من نفس نوع الصدريات التي كان يرتديها الأفارقة الخمسة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول هذا التشابه وهذه المصادفة. وما يقرب هذه الفرضية إلى الصواب هو العثور على مبلغ مالي قدره 300 درهم مغربي وهو ما يؤكد أن هؤلاء الأفارقة مروا على المغرب للعبور إلى أوروبا وليس من الجزائر. وذكر المقدم عيداوي أنه تم العثور على هواتف نقالة بحوزة هؤلاء الأفارقة لا يزال التحقيق متواصلا بشأنها لمحاولة التعرف على أرقامها والأرقام الأخيرة التي اتصلوا بها قبل وقوع الحادث للتعرف إن كان أصحابها مجرد مهاجرين سريين أم مهربي مخدرات. 400 مليون لقائد الزورق ومن المعروف أن أكبر بارونات الترويج للمخدرات وتهريبها من المغرب إلى أوروبا يستعينون بالمهاجرين السريين الأفارقة الذين يستغلون المغرب كمنطقة عبور للالتحاق بأوروبا وخاصة إسبانيا بحكم قربها من السواحل المغربية، كما أن الأفارقة لا يطالبون بمبالغ مالية كبيرة مقابل المغامرة بحياتهم مقارنة بالمغاربيين الذين يتقاضوا مبالغ كبيرة نظير القيام بهذه المهمة، حيث يتقاضى قائد زورق نقل المخدرات مبلغا ماليا يعادل 400 مليون سنتيم بالعملة الجزائرية، أما مساعده فيتقاضى هو الآخر ما يعادل 250 مليون سنتيم، في حين يحدد أجر الشخص الذي يكلف بتعبئة البنزين للمحرك ب100 مليون سنتيم إذا حولنا هذه المبالغ إلى ما يقابلها بالدينار الجزائري. ويفضل بارونات تهريب المخدرات التعامل مع المهاجرين السريين أيضا لأنهم لا يتكفلون فيما بإعادتهم إلى المغرب مادام هؤلاء كانوا في المغرب للتحضير للهجرة إلى أوروبا وبالتالي فإن هؤلاء البارونات يسهلون لهم طريق الهجرة ويوفرون لهم وسيلة النقل ومصاريف الإقامة والأكل خلال الأيام الأولى بأوروبا من خلال الأجر الذي يمنحوهم إياه عند نقل المخدرات. 10 قناطير من المخدرات اختفت من الزورق وأفاد المسؤول أن البحث لا يزال متواصلا للعثور على 10 قناطير أخرى من المخدرات اختفت من الزورق الذي تم العثور عليه والذي من المفروض أن لا تقل كمية المخدرات به عن 50 قنطارا، لأن الزوارق من هذا النوع عادة ما يحمل ب50 قنطارا وبالتالي فمن غير المعقول أن تقل هذه الكمية عن ذلك، ولم يستبعد قائد مجموعة الدرك الوطني أن تكون الكمية المفقودة قد رمت بها التيارات البحرية وتم العثور عليها من طرف جمعيات أشرار بعين تموشنت وهي الآن مخبأة لديهم، مضيفا أن مصالحه تعمل حاليا على قدم وساق للعثور عليها، وذلك بعد العثور على عدة كميات رمت بها أمواج البحر بشواطئ بومرداس وتيبازة وغيرها يشتبه في أنها من نفس نوع الكمية التي تم العثور عليها بالزورق، علما أن الكمية الإجمالية التي تم العثور عليها بعين تموشنت وصلت إلى 36 قنطارا بعد العثور على كميات أخرى بالبحر إلى جانب تلك التي كانت بالزورق. زوارق عصرية للتهريب ويستعمل بارونات تهريب المخدرات إلى المغرب نوعين من الزوارق المطاطية الجد عصرية أولها زوارق من نوع "قوفاست" والتي تدفعها أربعة محركات وتصل حمولتها إلى خمسة أطنان. وهي الزوارق التي تستغل لتهريب المخدرات باتجاه فرنسا وإيطاليا لأنهما بعيدتين نوعا ما عن المغرب لذا فالعملية تتطلب وسيلة نقل سريعة، علما أن قوة محرك هذه الزوارق تصل إلى 250 حصانا وهو ما يسمح بالوصول إلى إيطاليا أوفرنسا. أما النوع الثاني من الزوارق فهو "فانتوم" وتسير بمحركين فقط وتتسع لحمولة قدرها 2.5 أطنان وهي تستعمل لتهريب المخدرات إلى إسبانيا لأن إسبانيا قريبة من المغرب ولا تحتاج إلى مدة طويلة. وتجدر الإشارة إلى أن الزورق الذي تم العثور عليه والذي تقدر تكلفته المالية ب2 مليار سنتيم هو زورق جديد لا تتعدى المسافة التي قطعها حسبما يؤكده عداده 32 ساعة. من ماتشيكا عبر بوقانا كما أظهر التحقيق أن هذه المخدرات قادمة من المغرب وبالضبط من منطقة الناظور التي يبلغ إنتاجها من المخدرات 136 ألف طن سنويا وتزرع هذه الكميات خاصة بجزيرة تدعى "ماتشيكا" التي تبلغ مساحتها 85 كيلومترا والتي تصنف كقاعدة أساسية لانطلاق زوارق تهريب المخدرات نحو أوروبا عبر ممر بوقانا. ولا تبعد جزيرة ما تشيكا كثيرا عن السواحل الغربية للجزائر التي يمر عبرها المغاربة لنقل هذه المخدرات إلى أوروبا. والمتمعن في الخريطة الجغرافية للبلدين يلاحظ أن هذه الجزيرة مقابلة لشواطئ ولاية عين تموشنت فالجزء اليابس من جزيرة ماتشيكا والجزء اليابس لعين تموشنت وخاصة بني صاف يشكلان حوضا مائيا أو ما هو معروف باسم خليج يتوسط الجزئين اليابسين. عين تموشنت محطة مراقبة عندما تنطلق زوارق المخدرات من هذه الجزيرة عبر ممر بوقانا وتسير في البحر تتوقف لمدة ساعتين بالخليج البحري بين الجزائر والمغرب بالمياه الإقليمية الجزائرية وذلك للتنسيق مع أفراد الشبكة الذين يراقبون الوضع حتى يعطوا هذه الزوارق إشارة الإبحار إلى أوروبا بعد التأكد من عدم وجود أي عوائق كقوات حراس الشواطئ مثلا. وهذا الخليج يعد غنيا بالثروة السمكية مما يجعله المكان المفضل للصيادين لرمي شباكهم وهو ما يوقع هذه الزوارق في الفخ عدة مرات بحيث تلتصق هذه الشباك بمحركات الزوارق وتعطل سيرها مثلما حدث مع زورق" قوفاست قبل أن تدفعه التيارات البحرية القوية إلى الجهة الشرقية لينجذب باتجاه سواحل الجزائر وبالضبط إلى عين تموشنت حيث ترمي به الأمواج لشاطئ بني صاف أوعين المالح خاصة عندما تكون سرعة الرياح عالية. وتبقى المنطقة الغربية للبلاد الوجهة المفضلة لتهريب المخدرات بحكم قربها من المغرب، خاصة شواطئ عين تيموشنت التي أصبحت مؤخرا منطقة عبور لتهريب هذه السموم بعد تشديد الخناق الأمني على المهربين برا، في الوقت الذي توجه فيه الكميات القادمة من الناظور إلى أوروبا، أما الكميات التي تدخل عبر الحدود البرية للجزائر فتوجه إلى بلدان الشرق الأوسط، في حين توجه الكميات التي تهرب عبر الحدود الغربية لمغنية إلى الاستهلاك المحلي بالجزائر حسبما أكدته التقارير الأمنية. وقد حجزت مصالح الدرك الوطني بعين تيموشنت منذ سنتين 70 قنطارا من المخدرات، 30 بالمائة منها رمت بها أمواج البحر أما البقية فتم حجزها برا. شبكات الكيف يسيرها البارون "بوكيمون" ولا يزال محمد وزان المدعو "بوكيمون" الذي يعد من أكبر بارونات تهريب المخدرات المتورط الرئيسي في إدخال وتهريب أغلب هذه الكميات من المغرب إلى الجزائر، واسبانيا حسبما أكدته مختلف الشبكات التي تم تفكيكها أو الأشخاص الذين تم توقيفهم في حالة تلبس والذين أكدوا أنهم يشتغلون تحت أوامره، علما أن المدعو "بوكيمون" الذي لقب بهذا الاسم نظرا لصغر سنه الذي لا يتعدى 26 سنة وصغر قامته يعد من أخطر البارونات التي تنشط على طريقة المافيا المسلحة كونه يملك مسدسا آليا، ولا يزال البحث متواصلا عنه كونه في حالة فرار بعد صدور أمر بالقبض عليه بكل من الجزائر والمغرب بالتنسيق مع مصالح الانتربول الدولية. ومن القضايا التي تورط فيها بوكيمون هي تهريب 600 كيلوغرام من الكيف المعالج التي حجزتها مصالح الدرك الوطني بالعمرية، و200 كيلوغرام أخرى بعين المالح، في سنة 2007، بالإضافة إلى 200 كيلوغرام أيضا من طرف مصالح الدرك الوطني بوهران. من تاجر حقيبة إلى بارون مخدرات وكان بوكيمون قبل ترويجه للمخدرات يتاجر في الملابس والأحذية التي يدخلها بطريقة سرية من المغرب ضمن ما يعرف بتجار "الكابة" أي تجار الحقيبة الذين يدخلون سلعا مختلفة من المغرب لبيعها ببلادنا رغم غلق الحدود البرية بين البلدين وبالتالي فهو يعرف كل المسالك السرية التي تربط الجزائر بالمغرب بعيدا عن أعين حراس الحدود وهي التجربة التي استغلها في تهريب المخدرات وإدخالها من المغرب إلى الجزائر مرورا بهذه المسالك. مزورو السيارات يعضدون بارونات المخدرات ولا يزال البحث متواصلا كذلك عن شريكه وذراعه الأيمن ضاوي عبد الرحمن المدعو في أوساط الشبكة ب"عبد الرحمن 122" من مواليد سنة 1976 والموجود أيضا في حالة فرار والذي يملك عدة ممتلكات منها فيلات وسيارات فخمة تم حجزها بوهران. وذكرت نفس المصادر أن "عبد الرحمن 122" المتورط في قضايا المخدرات يتعامل مع شقيقه الذي يسير شبكة لسرقة وتزوير السيارات التي تستعمل في تهريب المخدرات والمبحوث عنه هو الآخر من طرف الأنتربول، إذا علمنا أن معظم مزوري السيارات يتعاملون مع شبكات تهريب المخدرات. مبعوثة "المساء" إلى ولاية عين تيموشنت: زولا سومر