يلجأ الكثير من الجزائريين إلى استعمال الطب البديل المتمثل في العلاج بالأعشاب الطبيعية أوالحجامة، حيث حققت هذه الأخيرة نجاحات مذهلة أبهرت أكبر المراكز الطبية العالمية، والدليل الإقبال الكبير عليها بعد أن أثبت العلاج الحديث محدوديته في علاج بعض الأمراض المستعصية والمزمنة. تُعرف الحجامة أنها طريقة للوقاية قبل كل شيء وهي تلائم الصغير كما الكبير، ولو مرة في السنة، لتجديد الدورة الدموية، ناهيك عن استعمالاتها في علاج عدة أمراض استعصى على الطب إيجاد حلول لها. ولإثراء الموضوع أكثر قمنا بزيارة ميدانية إلى إحدى العيادات المختصة بالتداوي بالطب البديل والحجامة، الواقع مقرها بأحد الأحياء الشعبية ببلدية باب الوادي في العاصمة، أين القينا السيد محمد المختص في هذا المجال، والذي كشف لنا الكثير من الحقائق عن هذه الطريقة العلاجية. غياب التخصص في الجزائر لا ينفي وجود الخبرات أكد محمد، المختص في الحجامة، أن الجزائر تفتقر لطب أعشاب قائم بذاته ولمختصين في الحجامة، وذلك لغياب مدارس مختصة في هذا المجال، حيث تبقى الجزائر متأخرة في هذا الجانب على عكس ما هو موجود في الدول الأخرى على غرار الولاياتالمتحدة مثلا، الصين وكذا أوروبا، غير أن هذا لا ينفي وجود متمرسي الحجامة في بلادنا ممن يمتلكون خبرة وقدرة كبيرة على مزاولة هذه الطريقة العلاجية لدرجة أن هناك أطباء من دول أخرى يعتمدون عليهم في أمور عدة تتعلق بهذه الوسيلة العلاجية، وهذا ما يطرح مشكلا آخر، حسب محدثنا، يتعلق بالظروف الصعبة التي يعمل فيها هؤلاء المختصين، الشيء الذي يدفع أغلب هؤلاء إلى العمل خارج الوطن. وأضاف المختص في الحجامة أن خبرته في مجال التعامل مع هذه الطريقة العلاجية التي تتعدى العشر سنوات ثمنها التكوين الذي تلقاه، إثر دورة خاصة قادته إلى العربية السعودية، وهو ما عزز ثقة مرضاه الذين أكدوا تحسن حالاتهم المرضية وشفاء أغلبهم ممن وضعوا ثقتهم فيه، على غرار السيدة حفيظة، التي تتردد بين الفينة والأخرى على عيادة محمد لعلاج مرض الدوالي الذي عانت منه لمدة لكنها وجدت تحسنا كبيرا منذ أن بدأت العلاج بالحجامة. من جهته محمد، الذي يعمل بسلك الشرطة، اعترف بفعالية هذا النوع العلاجي الذي يمنح خفة للذات البشرية ويصفي الجسد من الدم الفاسد على حد قوله، مشيرا إلى أنه وبعض أفراد العائلة لا يترددون في استعمال الحجامة لعلاج أنواع من الأسقام، على غرار فقر الدم، عرق النسا، اضطرابات دورة الدموية وغيرها من الأمراض. للحجامة قدرات علاجية كثيرة أكد محمد أن الحجامة هي طريقة العلاج الوحيدة التي تعتمد على الإخراج لأنها تدفع الدم الفاسد إلى خارج الجسم انطلاقا من البدايات و النهايات العصبية، منوها إلى فعالية الحجامة في علاج حالات العقم، مؤكدا أنه نجح في علاج حالة عقم دامت 17 سنة. وأضاف أنها تنفع أيضا في علاج عرق النسا، حيث ساهمت في شفاء الكثير من مرضاه كان يستعصي عليهم المشي، كما تعمل الحجامة على التقليل من نسبة الكولسترول الضار وتحافظ بالمقابل على النافع منه، إلى جانب تعديل نبضات القلب ومعالجة سرطان الثدي والتشنجات العضلية من خلال تنشيط الشرايين والأوعية الدموية، بالإضافة إلى مساهمته في إضفاء نضارة على البشرة وتنمية القدرات العقلية والفكرية للطفل. لكنه بالمقابل ينصح من يهتم باستعمال الحجامة باختيار فصل الربيع للقيام بذلك فلا يلجأ إليها في فصل الشتاء لأن الدم يكون متخثرا نسبيا، ولا يقبل عليها فصل الصيف لأن الدم يكون سائلا أكثر بسبب الحرارة. وللعلاج طريقة خاصة.. لم يتوان السيد محمد عن شرح طريقته العلاجية، حيث قال إن أول عملية يقوم بها تكون في البطن وبالضبط فوق السرة، حيث يتم تنشيط الأماكن الحساسة بخدوش خفيفة لتهييج الخلايا. فإذا كانت هذه الأخيرة ميتة فإن الدم يتدفق سريعا إلى الخارج، أما إذا كانت هذه الخلايا نشطة فهي تتأهب للدفاع عن نفسها، لأنه من خلال الخبرة حسبه وكما هو معمول به في حالة الإصابة بداء الكلب فإن أول ما يقوم به الطبيب المعالج هو إعطاء المريض حقنة في البطن، والسبب يعود إلى وجود غدة غنية بالسائل اللمفاوي في هذه المنطقة، حيث يتولى السائل مهمة الحماية والتعرف على كل الأجسام الغريبة التي تدخل جسم الإنسان، لاحتوائه على أجسام مضادة تَنشُط بمجرد الوخز بالإبر أو بحافة السكين، وعليه تتوجه خلايا خاصة لدراسة الفيروس أو الجسم الغريب الذي دخل، لترسل بعدها إشارات إلى الخلية الأم التي تُجند أجساما مضادة للقضاء على الفيروس، حيث أشار محدثنا إلى وجود مناطق عدة في جسم الإنسان صالحة لإجراء الحجامة تقارب 93 موضعا. من جهة أخرى، كشف المختص في الحجامة عن ولعه بالتداوي بالأعشاب الذي يستهويه بشكل خاص، حيث قام بإجراء بحوث على حوالي 460 نبتة وتعرف على مفعولها العلاجي، ويقر في هذا الصدد أن الحجامة شفاء من كل داء استعملته العرب منذ القدم. كما أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قام بعملية الحجامة لإخراج سم النعجة من كتفه، واستعملها عندما سقط عن الفرس. الإقبال على الحجامة يستوجب الحذر مهما كان حجم المهتمين بهذه الطريقة العلاجية، إلا أن ذلك لا يمنع من توخي الحذر جراء الأخطاء التي قد تصاحب ممارسة الحجامة، منها عدم تعقيم الأدوات المستعملة في الحجامة كالسكاكين القارورات الزجاجية، ناهيك عن المبالغة في سحب الدم التي قد تسبب نزيفا حدا لدى المريض، إلى جانب انتقال بعض الأمراض بين مستعمليها نتيجة استعمال مشترك للسكاكين مثلا أو ما شابه، لذلك يرى محدثنا أن يجتهد المريض في البحث عن مختصين متمكنين من استعمال الحجامة ومراعين لكل الاحتياطات التي تضمن سلامة مرضاهم.