يقبل الكثير من الجزائريين نساء ورجالا، سواء الذين يعانون بعض الأمراض المزمنة، أو حتى الذين لا يشتكون من شيء عدا الإرهاق والتعب والضغوط اليومية، على إجراء الحجامة، التي عرفت انتشارا قويا في السنوات الأخيرة بالجزائر، حيث اختص فيها عدد من الممارسين والممارسات، وإن كان بعضهم قد تلقى تكوينا في المجال، فإن آخرين اقتحموا عالم الحجامة من بابه الواسع، دون أن يلموا بأبسط أبجدياته، لاسيما الذين يقرنون الحجامة بالرقية، حيث نجد عددا لا بأس به من هؤلاء يشتغلون جنبا إلى جنب مع الرقاة، ليستقبلوا الراغبين في إجراء الحجامة، بعد انتهائهم من جلسات الرقية مباشرة، كما أن هنالك من يجعلها جزءا من العلاج بالرقية لا ينبغي إهماله· ومن هذه النقطة بالذات، تبرز بعض المشاكل المتعلقة بممارسة الحجامة من طرف أشخاص لا علاقة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد، بالمهنة، عدا كونهم يشتغلون مع الرقاة، ويظهر عليهم التزامُهم الديني، حيث يعتقد عدد لا بأس به من المواطنين، أن الملمين بالحجامة، هم في العادة بعض من الملتزمين دينيا دون غيرهم، بالنظر إلى أن العلاج بالحجامة هو في الأساس علاج نبوي يدخل في إطار التداوي بالطب البديل، وعليه فقد برزت عدة أماكن لممارسة هذه التقنية العلاجية التي تتطلب مستوى عاليا من الخبرة والإلمام بكافة أساسياتها إضافة إلى توفر كافة شروط النظافة والتعقيم والتطهير وغيرها، وهو للأسف الشديد ما ليس متوفرا بهذه الأماكن، فعلى سبيل المثال تنتشر بأحد الأحياء الفوضوية بجسر قسنطينة، منازل للرقية والحجامة المخصصة للنساء والرجال، وعند اقترابنا من المكان، واستفسارنا عن المسؤولة عن الحجامة الخاصة بالنساء، قيل لنا إنها (أخت) متدينة ومتحجبة، وكأن الحجاب والتدين يكفيان لممارسة هذا النوع من العلاج، أما الأدهى من ذلك فهو ما وقفنا عليه فيما يخص الأدوات المستخدَمة في الحجامة، وهي عبارة عن كؤوس شاي يتم استعمالها لكافة الراغبات في استعمال الحجامة، فيما أن المكلفة بها تقوم بعد كل عملية بمسحها بالكحول الطبي، والغريب أن العشرات كن ينتظرن دورهن لإجراء الحجامة، رغم أنه لا المكان، ولا الأدوات، ولا حتى الرائحة المنبعِثة من المرحاض المقابل، تشجع ولو على مجرد التفكير في نزع قطعة واحدة من الثياب· بالمقابل، فإن ممارسة الحجامة كأسلوب علاجي، بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها، ينبغي أن يكون من طرف أطباء متخصصين سواء في الطب الحديث، أو الطب التقليدي، بعد أن يكون هؤلاء قد خضعوا لتكوين كاف في هذا المجال، بالإضافة إلى ضرورة ممارستها في أماكن على درجة عالية من النظافة، وبأدوات تخضع بصفة مستمرة ودائمة للتعقيم والتطهير، وهو ما دعا إليه الدكتور بركان أخصائي في أمراض الكبد بمستشفى باينام، على هامش ندوة تحسيسية حول مرض التهاب الكبد الفيروسي نشطها بالعاصمة، على اعتبار أن من أهم وسائل نقل العدوى بهذا المرض الخطير، أدوات الوشم والحجامة، التي تعتبر وسيلة مثالية لنقل الدم الملوث من شخص إلى آخر، لاسيما إن كان أحد هؤلاء الأشخاص حاملا للفيروس، واستغرب البروفيسور بركان، إقبال بعض الجزائريين، على إجراء الحجامة في أماكن تفتقد كلية لشروط النظافة والوقاية الضرورية، وثقتهم العمياء في بعض من يمارسونها، داعيا إلى ضرورة تكوين المزيد من الأطباء المتخصصين في الحجامة، وتحسيس المواطنين بأهمية إجرائها على أيدي أطباء متخصصين في عيادات معروفة، تضمن لهم كافة الإجراءات الوقائية· وجدير بالذكر، أن الحجامة تعني سحب الدم الفاسد من الجسم الذي سبب مرضا معينا أو قد يسبب مرضا في المستقبل بسبب تراكمه وامتلائه بالأخلاط الضارة، والحجم يعني التقليل أي التحجيم من الشيء، والحجامة حسب المختصين في المجال، تنقي الدم من كريات الدم الهرمة والضعيفة التي لا تستطيع القيام بعملها على الوجه المطلوب من إمداد الجسم بالغذاء الكافي والدفاع عنه من الأمراض، فبالحجامة تسحب هذه الأخلاط الضارة من كريات الدم الحمراء والبيضاء لتحل محلها كريات دم جديدة، ويشير الأخصائيون إلى أن الحجامة مفيدة لعلاج الكثير من الأمراض، ويقرب من ثمانين حالة ما بين مرض وعرض، وذلك طبقا لنتائج الخبرة العملية التي سجلها الممارسون هنا وهناك، ومن تلك الحالات، الروماتيزم، والنقرس، الشلل النصفي، الكلى، ضعف المناعة، البواسير وتضخم البروستاتا، الغدة الدرقية، الضعف الجنسي، ارتفاع ضغط الدم، قرحة المعدة، القولون العصبي، التبول اللاإرادي عند الأطفال فوق خمس سنوات، ضيق الأوعية الدموية، تصلب الشرايين، السكر، دوالي الساقين، السمنة، النحافة، العقم، الصداع الكلي والنصفي، أمراض العين، الكبد، ضعف السمع، التشنجات، ضمور خلايا المخ، نزيف الرحم، انقطاع الطمث، وغيرها من الأمراض·