يتداول رواد الشبكات الإجتماعية صورا لرئيس الوزراء البريطاني وهو يتجول رفقة أفراد أسرته في الأماكن العامة حاملا أبناءه الصغار على كتفيه كما يفعل أي أب سوي، وصورا أخرى التقطت له وهو واقف في الطابور ينتظر دوره لشراء "ساندويتش" وقبل ذلك تداولت ذات المواقع والشبكات منذ مدة ذهاب الرئيس الأمريكي إلى المدرسة التي تدرس فيها بناته لتقديم اعتذاره للأساتذة على تأخره في الحضور نظرا لارتباطاته والتزاماته الكثيرة، نعم، حضر إلى المدرسة بصفة الأب لا بصفة رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم... قد يقول بعض المتفيقهين من أن هذا الكلام مجرد دعاية مجانية لهذا الرهط من البشر لكنها الحقيقة.. نعم إنها الحقيقة والسلوك الحضاري الذي تغلبوا بواسطته علينا حتى أصبحنا نقول إنهم لو نطقوا بالشهادتين لسبقونا إلى الجنة... فنحن ما إن يصل الواحد منا إلى المسؤولية حتى يحاول أن ينسلخ عن ماضيه: يغير أرقام هاتفه والأماكن التي تعود التردد عليها ويحاول أن يصنع لنفسه واقعا آخر، حتى إنه بمجرد أن تنزع منه المسؤولية يجد نفسه ضائعا غريبا عن الواقعين واقع مطرود منه وواقع مرفوض منه ولعل هذا ما جعل بعض الوزراء والمسؤولين الكبار الذي أنهيت مهامهم يفعلون المستحيل من أجل الرجوع إلى مناصبهم أو البقاء في أماكن الإقامة اللأمنية التي يقطنونها... والغريب في الحالتين.. حالة مسؤولينا ومسؤوليهم أن تاريخنا العربي الإسلامي زاخر بأمثلة التواضع الجم التي ذكرناها وتاريخهم تكاد تنعدم فيه مثل هذه الأمثلة... وبطبيعة الحال لدينا استثناءات في عالمنا العربي وفي الجزائر يجب أن ننوه بهم وبكبر همتهم وسعة أفقهم ونظرتهم المثالية للواقع بإدراكهم من أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا ومن أنها لو دامت لغيرهم لما وصلتهم... فهلا تفطن وزراؤنا وأولو الأمر عندنا إلى أنهم إذا أرادوا اكتساب ثقة الشعب فعليهم العيش معه وبين أفراده، أما دعاوي الوضع الأمني فهي مرفوضة بل وستزيدهم بعدا عن الشعب إذ كيف تخشى من أمر عام يمكن أن يلحق يأي فرد من أفراد الشعب؟؟ ووضعنا الأمني تحسن كثيرا فلا مناص من العودة إلى أحضان الشعب..