يشكل البناء الفوضوي بجيجل أحد المشاكل العويصة التي تواجه المسؤولين المحليين، نظرا لتشعب هذا الملف الحساس، حيث أدت سياسة التسويف منذ سنوات إلى انتشار السكنات غير الشرعية كالفطريات في المراكز الحضرية الكبرى، ما أدى إلى تقلص الوعاء العقاري للولاية وتشويه طابعه العمراني. شرعت سلطات بلدية جيجل في تنفيذ تهديداتها السابقة ضد أصحاب السكنات الفوضوية، الذين تشكل سكناتهم، حسبما تشير إليه الأرقام الرسمية، 35 بالمائة من مجموع سكنات عاصمة الولاية، حيث أدى البناء الفوضوي خاصة المشيد على أطراف المدينة، إلى عرقلة المشاريع السكنية التي استفادت منها البلدية بسبب تقلص وعائها العقاري. كشف عضو بالمجلس الشعبي لبلدية جيجل ل”الفجر”، أن الوقت قد حان لتحمل أصحاب البناءات الفوضوية مسؤولياتهم كاملة، حيث راح أغلبيتهم يواصلون بناء سكناتهم رغم التحذيرات المتواصلة لإدارة البلدية في العديد من المناسبات، ضاربين عرض الحائط قوانين الجمهورية ذات الصلة بمكافحة البناء غير الشرعي إلى درجة أن هذه الظاهرة قد استفحلت بشكل أثر على النسيج العمراني للمدينة، إضافة إلى عرقلة تنفيذ البرامج السكنية التي استفادت منها البلدية، حيث من الصعب آنيا إيجاد أرضيات واسعة و ملائمة لتشييد المشاريع السكنية، ولذلك لم تجد البلدية حلا إلا الشروع في تهديم البناءات الفوضوية التي تنامت كالفطريات في وسط المدينة وعلى أطرافها. فيلات لم تستثن من عملية الهدم في هذا السياق، تم تهديم مؤخرا عدة سكنات بحي الرابطة الشعبي وغابوشة، ولم تستثن الجرافات بعض الفيلات بحي بورمل، إضافة إلى تهديم 41 بيتا بحي حراثن. وحسب تصريح بعض المواطنين ممن مستهم اجراءات الهدم بحي حراثن، فإنهم يملكون عقود موثقة للأرضيات التي شيدت عليها بيوتهم وأغلبها قصديرية النمط، كما أوضحوا أنهم أودعوا طلبات للمصالح المختصة بالبلدية دون أن يستفيدوا من السكن الاجتماعي رغم مرور عقدين من الزمن من استقرارهم بالمنطقة. يشار إلى أن أغلب سكان الحي المذكور قدموا من بلديات مجاورة في عشرية الدم والدموع التي مرت بها الولاية، وبعد استتاب الأمن رفض الكثير منهم العودة لقراهم وبلدياتهم، ما أدى إلى إثقال كاهل بلدية جيجل التي لم تسمح إمكانياتها ووسائلها بحل كل المشاكل المترتبة عن عشرية الأزمة، وهو ماينطبق أيضا على عشرات المواطنين الذين قاموا ببناء سكنات غير شرعية تحت خطوط كهربائية من نوع الضغط المتوسط في بداية التسعينيات، دون أن يحترموا تحذيرات السلطات المعنية الرامية إلى ضرورة الالتزام بالاحتياطات الأمنية، وهذا بتجنب البناء تحت الخطوط الكهربائية ذات الضغط العالي والمتوسط. وحسب مصادر مطلعة بمديرية السكن والتجهيزات العمومية، فإن كل البرامج السكنية الجاري إنجازها حاليا قد أقيمت بضواحي المدينة بعدما تقلص الوعاء العقاري لبلدية جيجل بشكل رهيب، ولن تبق المساحات الفلاحية بمنأى عن غزو الإسمنت الذي اكتسح لحد الآن مساحات زراعية شاسعة. من جانب آخر، علمت “الفجر” من مصادر موثوقة، أن قرار هدم 20 بناية فوضوية يوجد حاليا في أدراج بلدية الميلية، حيث ينتظر أن يفرج عنه في الأيام القادمة ويتم تطبيقه من السلطات المحلية، ليكون عبرة للمواطنين الذين شرعوا في المدة الأخيرة في بناء سكنات غير شرعية رغم تنبيهات إدارة البلدية التي كونت ملفات لأصحابها. ويعتقد، حسب ذات المصادر، أن يسلط سيف الحجاج على أصحاب السكنات الفوضوية عقب الانتخابات المحلية، قصد عدم تضييع أصوات الناخبين لمسؤولين حاليين الذين ترشحوا من جديد في أحزاب عديدة.