انتهت، أمس، في حدود منتصف الليل الحملة الانتخابية للمحليات المقبلة والمقررة هذا الخميس، حيث قامت خلالها الأحزاب السياسية المشاركة في هذا الموعد الانتخابي بتجمعات ومهرجانات شعبية بغرض تعبئة المواطنين وعرض برامجها الانتخابية على الناخبين في محاولة لإقناعهم بالتصويت لصالح مرشحيها في المجالس المحلية الولائية والبلدية. ستكون التشكيلات السياسية التي دخلت المعترك الانتخابي نهاية الأسبوع الجاري، على موعد مع امتحان عسير ستجرب من خلاله مدى مصداقيتها ومصداقية مرشحيها وواقعية برامجها الانتخابية الذي رافعت لصالحه طوال ثلاثة أسابيع، صال وجال رؤساء هذه الأحزاب السياسية كل ولايات الوطن بحثا عن الترويج وحشد دعم الناخبين. إلا أن الحملة الانتخابية لهذا الموعد لم تكن مثل سابقاتها، فكانت محتشمة في نظر المتتبعين لأحداث الساحة السياسية الوطنية لأسباب عديدة جعلت من عزوف المواطنين ونفور الناخبين الحدث الأهم والمهم، حيث لم تتمكن التشكيلات السياسية من استقطاب اهتمام هؤلاء الذين أصبح الجميع لا يؤمن بالبرامج والوعود التي هي نفسها وتعود في كل مرة، فأصبح رد المواطن بسيط وهو الاستهزاء بقوائم المترشحين لمختلف التشكيلات السياسية، لاسيما وأن لجان مراقبة الانتخابات المحلية عاينت العديد من التجاوزات في القوائم التي ضمت أسماء لأشخاص يتمتعون بشعبية ولم يترشحوا أصلا، وذلك بغرض جلب الناخبين. ويقول المتتبعون لأطوار هذه الحملة الانتخابية، إن رؤساء التشكيلات السياسية تجاهلوا في تجمعاتهم الحديث عن المشاكل المحلية لتلك المناطق التي يزورونها، واعتمدوا نفس خطاب الانتخابات التشريعية الذي يتم خلاله التركيز على العموم والمسائل الوطنية وذات البعد الإقليمي، وهذا ما زاد من نفور الناخبين الذين لم يجدوا انشغالاتهم في تلك الخطابات البعيدة كل البعد عن واقعهم الاجتماعي ومشاكلهم اليومية. في حين يفسر البعض الآخر، عدم اهتمام ولا مبالاة المواطن الجزائري بهذه الانتخابات مردّه طبيعة المترشحين، حيث يضع المواطن الجزائري ”مرشحي مختلف الأحزاب السياسية في خانة الانتهازيين وأن ترشحهم لمناصب المسؤولية في البلديات نابع من رغبتهم في خدمة مصالح شخصية دون سواها”، وبالتالي فإنه ”لا ينتظر من هؤلاء المترشحين العمل للمصلحة العامة أو المساهمة في التنمية المحلية بقدر ما يهمهم البحث عن الثراء”. كما يعترف المتتبعون للساحة السياسية أن ”التشكيلات السياسية القديمة ساهمت هي الأخرى في خلق هذا الجو، من خلال رفض التجديد والتركيز في كل موعد انتخابي على الوجوه القديمة التي سبق لها وأن كانت في مناصب المسؤولية وأثبتت فشلها في التسيير المحلي، وهي تفضل الحرس القديم الذي يضمن الولاء”.