عرفت العلاقات الجزائرية الفرنسية تذبذبا منذ الاستقلال 1962، حيث لم تكن هناك زيارات رئاسية متبادلة، وكان الرئيس الثالث لجزائر الاستقلال الشاذلي بن جديد أول رئيس يؤدي زيارة رئاسية إلى فرنسا، فيما لم يفعلها كل من محمد بوضياف، على كافي واليامين زروال، فيما أدى بوتفليقة زيارة إلى باريس على عهد شيراك في 2003، ورفض تلبية دعوة من الرئيس نيكولا ساركوزي سنة 2009 لتشنج العلاقات الثنائية بسبب بعض الملفات، مكتفيا بالمشاركة في بعض القمم ومنتديات الفرانكفونية بباريس. لم تكن الزيارات الرئاسية المتبادلة بين الجزائروفرنسا محل اهتمام السلطات الجزائرية غداة الاستقلال، حيث لم يقم أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة أحمد بن بلة بزيارة إلى فرنسا، ولم يؤد الرئيس الفرنسي آنذاك أيضا زيارته للجزائر، حيث مال صراع المصالح آنذاك بين الجزائر والقوى الدولية نحو الاتحاد السوفياتي باعتبارها قوى عالمية رعت الثورات القومية في مقدمتها الثورة التحريرية المجيدة. ومع تنحية الرئيس أحمد بن بلة من الرئاسة وتولى العقيد هواري بومدين الحكم في جوان 1965 استمر الأمر على حاله، حيث تم الترسيخ لمفهوم العزة في التعامل مع باريس وزيارتها، لاعتبارات تاريخية صاحبت التوجه الثوري لنظام الراحل بومدين الذي رد في سؤال له حول العلاقات الجزائرية الفرنسية عبارته الشهيرة ”بيننا وبين فرنسا جبال من الجماجم وأنهار من الدماء”، غير أن الدبلوماسية الجزائرية في عهد بومدين ممثلة في وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة عرفت العديد من الخرجات نحو باريس، فيما أدى زيارة أولى من نوعها الرئيس الفرنسي جيسكتار دستان نحو الجزائر خلال فترة الراحل هواري بومدين، واختار على إثرها مدينة الجسور المعلقة عاصمة الشرق الجزائريقسنطينة. وصول الرئيس المرحوم الشاذلي بن جديد، إلى الحكم غيّر نوعا ما موازين العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث يعتبر أول رئيس جزائري يؤدي زيارة رسمية لفرنسا في 1982، كما عرفت فترة حكم بن جديد زيارة رئاسة فرنسية للرئيس ميتران للجزائر في نوفمبر 1981 قبل ان يؤدي زيارة ثانية في 1984 وثالتة في نوفمبر 1989، وهي الفترة أعقبت إصلاحات انتفاضة أكتوبر 1988. ولم تطأ قدم أي رئيس فرنسي أرض الجزائر إبان فترات حكم كل من الرؤساء الذين خلفوا الشاذلي بن جديد بدءا بالراحل محمد بوضياف، علي كافي واليامين زروال، وهي الفترات التي عرفت فيها الجزائر أحلك المراحل جراء تصاعد موجة العنف. وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم بعد انتخابه في 1999 أعاد الحراك الدبلوماسي اتجاه عدد من العواصم العالمية بما فيها باريس، حيث أدى الرئيس بوتفليقة زيارته الأولى لباريس في 16-17 جوان سنة 2000، ليقوم بعدها الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مارس 2003، ويختار مدينة وهران عاصمة الغرب الجزائري. العلاقات الفرنسية الجزائرية بعد رحيل شيراك ووصول نيكولا ساركوزي للإليزيه عرفت نوعا من المد والجزر، ولم تتسم بالهدوء كما عهدته في عهد الرئيس شيراك رغم قيام ساركوزي بزيارة للجزائر في 2007 مختار مدينة قسنطينة وجامعتها لإلقاء خطاب هناك، قائلا إن الأبناء لا يعتذرون عن أفعال الأجداد، إلا أن الرئيس بوتفليقة لم يؤد خرجة مماثلة لباريس، حيث ألغى زيارة له كانت مبرمجة في 2009 لعدد من الأسباب، منها إعادة إحياء ملف رهبان تبحرين باتهامات مغرضة لمؤسسة الجيش، والتجاذب فيما يسميه الفرنسيون بمسألة الذاكرة، غير أن الرئيس بوتفليقة تنقل إلى باريس للمشاركة في العديد من القمم والمنتديات الدولية كقمم الفرانكوفنية وحوض المتوسط. وينتظر ابتداء من اليوم زيارة للرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند الوافد الجديد إلى الإليزيه تدوم يومين، اختيرت له مدينة تلمسان لأول مرة.