تشهد مدينة عين تموشنت، في الأيام الأخيرة، نشاطا تجاريا منقطع النظير تمثل في بيع الفواكه الجافة من التين اليابس واللوز والقسطل والفول السوداني مرفوقة بالموز والبرتقال والتفاح، وذلك تزامنا مع ليلة عام العرب المعروف باسم الناير لدى سكان المنطقة، والذي يتزامن مع ليلة 12 إلى 13 يناير من كل سنة. أصبحت هذه الليلة موعدا حاسما لدى سكان المنطقة، أين تلتقي فيه العائلات ويتناولون الأطباق التقليدية، وهي عادة تناقلوها أبا عن جد. الاحتفال يقام بتناول الكسكسي مزينا بحبات من البيض وقطع من الزبدة أو السمن الأصلي، بالإضافة إلى خلط من الحلويات ويطلب من الأطفال الأكل حتى الشبع.. ومن لم يأكل حتى الشبع تأتيه “الهامة” في الليل!. نفس الشيء بالنسبة للأمازيغ، هم أيضا يحتفلون بها وبطريقة مشابهة، وهذا يدل على أننا مشتركون في ثقافة و تقاليد واحدة. ويحتفلون بهذه السنة منذ سنة 950 قبل الميلاد، أي منذ انتصارالملك البربري”شاشناق” على الملك رامسيس الثالث من أسرة الفراعنة بمصر في معركة دارت رحاها بمنطقة بني سنوس بولاية تلمسان بالجزائر، وتتزامن السنة الأمازيغية مع تعاقب الفصول ومختلف أطوار حياة النباتات التي تحدد أوقات القيام بالأعمال الزراعية والفلاحية وكذلك مواقع النجوم. ويتوافق حلول يناير الذي يسجل فترة ما بين طوري دوران الأرض حول الشمس المتمثلة في الاعتدال الربيعي والانقلاب الشتوي خلال السنة مع بداية الرزنامة الفلاحية، ما يفسر اتباع الفلاحين الى الوقت الحالي للطقوس ذات العلاقة بالنشاطات الزراعية لكل فصل. ويكون الاحتفال بيناير الذي يرمز للخصوبة والازدهار بإقامة طقوس وتضحيات لإبعاد الجوع وسوء الطالع والتفاؤل بالخير و وفرة المحاصيل، كما هو فرصة لإقامة حصيلة عامة وتجديد النفس لمواجهة متطلبات الحياة. ومن يحتفل بيناير سيبعد عن نفسه عين السوء و عواقب الزمان حسب مقولة من التراث القبائلي، والذي مغزاه أن لا سلام ولا هناء بلا تضحيات. وينحر عادة ديك على عتبة البيت، ويتمثل عشاء ليلة يناير”أيمنسير” عادة في المدن كما في القرى في طبق من الكسكسي بلحم الدجاج. ولتكريم هذا الضيفّ “الناير” يتوجب على كل أفراد العائلة أن يأكلوا حتى الشبع، وتسهر ربة البيت على أن تحترم هذه التعليمة من طرف الأطفال بحثهم عن الأكل وملء بطونهم وإلا حذرتهم أن عجوز الناير ستملأ بطونهم تبنا.. كما يقام في بعض القرى في اليومين المواليين لأول يوم من الناير أطباق أخرى مماثلة، مثل الحساء الممزوج بالحمص و القمح والفول مرفوقا بحلويات تقليدية و سكريات للتفاؤل بسنة طيبة. عبيد محمد “الناير” بعين تموشنت مناسبة لختان الأطفال “الناير” بعين تموشنت هو أيضا مناسبة لختان الأطفال، حيث يتم التحضير لختان الطفل الصغير في هذه المناسبة، ويجتمع أفراد العائلة مباشرة بعد صلاة المغرب لتناول العشاء المحضر خصيصا للاحتفال ب”الناير”. كما يتم توزيع الهدايا على الأطفال الآخرين، إلى جانب أكياس مصغرة مصنوعة من القماش يضعون فيها ما جادت به الطبيعة من فواكه جافة.