ليلة عام العرب أو الناير•• كنا في صغرنا نعرفها بهذا الإسم ولا نعرف معناها أو عدد سنواتها ونحتفل بها في ليلة 11 إلى 12 جانفي من كل سنة، بإقامة عشاء من الكسكسي مرصع بحبات من البيض وقطع من الزبدة أو السمن الأصلي، بالإضافة إلى خليط من الحلويات كل حسب طريقته وإمكانياته، ويطلب من الأطفال الأكل حتى الشبع ومن لم يأكل حتى الشبع•• تأتيه الغولة في الليل• وتحتفل العائلات بهذه السنة منذ سنة 950 قبل الميلاد، حسب النظرية الأكثر شيوعا منذ انتصار الملك البربري (شاشناق) على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة بمصر، في معركة دارت رحاها في بني سنوم بالقرب من تلمسان سنة 950 قبل الميلاد• وتتزامن السنة الأمازيغية مع تعاقب الفصول ومختلف أطوار حياة النباتات التي تحدد أوقات القيام بالأعمال الزراعية والفلاحية، وكذلك مواقع الحرث• ويتوافق حلول يناير الذي يسجل فترة ما بين طوري ودوران الأرض حول الشمس الممثلة في الإعتدال الربيعي والإنقلاب الشتوي خلال السنة مع بداية الرزنامة الفلاحية• ويكون الإحتفال بيناير الذي يرمز للخصوبة والإزدهار بإقامة طقوس تقديم الأضحيات لإبعاد الجوع وسوء الطالع والتفاؤل بالخير ووفرة المحاصيل، وهو أيضا فرصة لإقامة حصيلة عامة• ومن يحتفل بيناير يبعد عن نفسه عين السوء وعواقب الزمان، حسب مقولة من التراث القبائلي، والذي مغزاها أن لا سلام ولا هناء بلا تضحيات•• فينحر بالمناسبة عادة ديك على عتبة البيت، ويمثل عشاء ليلة الناير• يتوجب على كل أفراد العائلة أن يأكلوا حتى الشبع، وتسعى ربة البيت أن يحترم الأطفال هذه العادة بحثهم على الأكل وملء البطون، وإلا حذرتهم من أن عجوز الناير ستملأ بطونهم تبنا وهشيما•• وللأموات نصيب من هذا العشاء، حيث تخصص لهم ملاعق وحصص في الأطباق كما لو كانوا حاضرين ضمن أفراد العائلة• وتقام في بعض القرى في اليومين المواليين الأول، أطباق أخرى ممثلة في طبق أوفثيان، وهو حساء مزيج من الحمص والقمح والفول مرفوقا بحلويات تقليدية وسكريات للتفاؤل بسنة طيبة• وتعتبر الرزنامة الأمازيغية منذ القدم، والتي سبقت الرزنامة العالمية ب 950 سنة، بمثابة برنامج فلاحي سنوي، حيث كل شهر بها تقابله وظيفة وتصادف مرحلة من مراحل الزراعة في زمن محدد عبر السنة، وهذا لكي تؤدى الأعمال بنجاح باحترام دقة المواعيد الفلاحية، فعلى سبيل المثال يستحسن الشروع في عملية الحرث أو النسج أو إقامة حفل زفاف في فترة الهلال الجديد لاعتقاد أنه في مثل هذه الفترة تكون سنابل القمح وفيرة في الحقول تتزاحم كخيوط المتساوية، كما يرمز للزواج في هذه الفترة بالسعادة والخصوبة• وحسب اعتقاد راسخ إلى الوقت الحالي، فإن الإحتفال بهذا اليوم يعود إلى أسطورة مفادها أن ''يناير'' طلب من ''فورار'' (فيفري) أن يقرضه عاصفة كي يعاقب العجوز التي كانت قد سخرت منه، إذ حدثت يومها، حسب الأسطورة، عاصفة هوجاء ماتت جراءها العجوز، وبقي موت العجوز في الذاكرة الجماعية عقوبة لكل من تسول له نفسه أن يسخر من الطبيعة• ومادام التفريق بين الخرافة والحقيقة صعبا، تبقى الأمنية أن يكون يناير مناسبة للعودة إلى خدمة الأرض، فهذه رسالة يناير الأساسية لفتح أبواب الخير وغلق أبواب الشر•