أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، صبيحة الهجوم على القاعدة البترولية ”تيفنتورين” (40 كم) عن ”عين أمناس” ولاية إليزي، أن مرتكبي الهجوم على القاعدة الحياة هم من أبناء المنطقة ولم يأتوا من شمال مالي أو ليبيا، مكذبا مزاعم جماعة الملثمين بأن ”الكومندو” الذي نفذ الهجوم تسلل من شمال مالي، وقال ولد قابلية في حديث للتلفزيون الجزائري: ”إن المجموعة الإرهابية التي اقتحمت المركب لم تأت من مالي أو ليبيا وإنما تتكون من حوالي 20 إرهابيا من أبناء المنطقة”، لكنه لم يستبعد تلقي تعليماتها من قائد كتيبة الملثمين: ”إن هذه المجموعة تكون قد تلقت أوامرها وتعليماتها من الإرهابي مختار بلمختار”. موضحا في نفس الوقت بأن قوات الأمن طوقت المكان وتمكنت من محاصرة المجموعة الإرهابية الموجودة حاليا في إحدى زوايا المبنى. كنت أتمنى عندما وافقت الجزائر على فتح مجالها الجوي للطيار الفرنسي القادم من ليبيا، والذي سمعنا به كالعادة من الدبلوماسية الفرنسية وليس الجزائرية، أن تكون الجزائر قد أخذت احتياطاتها الكاملة بتأمين المناطق الحساسة التي يعمل فيها الأجانب وخاصة منها المناطق البترولية، والتي كان محرمة على الجزائريين في السابق الوصول إليها، بل وكانت المعجزة التي سكن إليها الإرهابيون هذه سنوات، كما كنت أتمنى من مسؤولي الأمن الجزائري أن يكونوا مسؤولين على التصريحات التي يطلقونها والإستراتيجيات التي يتخذونها، فوجود الميليشيات على أرض الجزائر لا يعني بالضرورة عدم تورط أبناء منطقة الساحل، كما أن الانتماء للمجموعة المحاربة للإرهاب لا يعني الاستكانة وعدم التوقع لما قد يحدث، أو للمكابرة والتقليل من ردود الأفعال التي سبق وأن جربناها وتعلمنا بأنها قد تأتي في وقت لأن من يتبناها هم أناس منتحرون مشردون مطاردون في كل مكان.. وكنت أتمنى أن أسمع من االلحظة الأولى تنديدات لأحزاب السياسية الإسلامية الجزائرية ورفضها لاستغلال الإسلام في ترهيب المدنيين أنى كانوا، مثلما كنت أتمنى تحليلا آخر من غير أولئك المحللين السياسيين الذين يبيعون الكلام في القنوات الفضائية، وخاصة منهم المعارضون الجزائريون في الخارج، وأقول لهم إن كلامكم عن ”الرد السريع وغير المتوقع الذي أدخل الجزائر والدول الإقليمية في قلب صراع غير معروف أمده ولا نتائجه”، بأن عليهم أن يتذكروا (لعل الذكر ينفع المؤمنين) أنه عندما جنحت الجزائر للحوار والتشاور اختطفوا دبلوماسييها، وفجروا مراكزها العسكرية في تمنغست وورڤلة، أم أن هذه الهجومات ليست إرهابية، ولا تحسب على الإرهابيين، ربما يكون ذلك معقولا فقد تعودنا في الماضي على اسطوانة (من يقتل من) وعلى أن الإرهابيين الإسلاميين أبرياء من القتل والاغتصاب والتهريب وو.. ثم ألم تدفع الجزائر بالحوار بين الجماعات، لكنها فضلت بل واختارت مهاجمة باماكو قبل حتى أن يتم الاتفاق على جدول الأعمال وقبل حتى أن تشكل القوات الإفريقية... أما ما يتعلق بالرهائن الغربيين فهذا ليس جديدا على الجماعات الإرهابية الإسلاموية، فكثير منهم اختطف وقتل وبودل حتى قبل الحرب في مالي وإلا نسينا كل ذلك ونذكر فقط أحداث الجزائر، حتى بعد البيان الذي تلاه مصمم الهجوم بعد العملية فالأهداف في اعتقادي واضحة بالنسبة إليهم، فهي من جهة عملية استعراضية ترفع من نقاطهم من جهة، وتحاول أن ترهب من يريد التورط في الحرب من جهة أخرى، ثم الدفع بالدول المختطف رعاياها إلى المستنقع المالي وهذا أمر يبعث فيه نفوسهم وفي نفس تنظيماتهم الحياة، فحتى لو قضى على كل المختطفين والمهاجمين معا فهم بذلك سيستفيدون من ضغط دبلوماسي وسياسي على الجزائر والجزائريين الذين لفظوهم سابقا مثلما لفظوا إرهابهم وتعصبهم وجنونهم.. ولجوؤهم للترهيب اليوم في الوقت هذا بالذات، إنما هو لكبح جماح الجزائر وتركيعها والمس بكرامتها وقدرتها، ومع الأسف الشديد فقد نجحوا كثيرا في ذلك، سواء بتواطئ أبناء المنطقة، أو بفشل سياسة الدولة أو بتقاعس السلطات الأمنية التي لم تستطع أن تتنبأ بكل ما يمكن أن يقع..؟ فلو استعملت قوة إحباط الهجوم التي استعملت اليوم في حماية القاعدة لما كنا وصلنا إلى كل هذا.. فهذا الخط الجزائري الأحمر الذي يتردد في تصريحات مسئولينا الرافضين للتفاوض، أين كان من قبل في استقراء الأحداث..؟ وأين كان أبناء دبلوماسيتنا العريقة الذين ما زالوا لم يتخلصوا من لعنة مالي الأولى لتحط عليهم لعنة مالي الثانية، فشل ذريع لدبلوماسيتنا، أية دبلوماسية تلك التي لا تستطيع أن تنعش تطلعات الجزائريين ومع ذلك تبقى موجودة كاتمة على أنفاسهم ومستمرة في العبث بآمالهم وتطلعاتهم.. نحن نعرف أن وضع الجزائر شديدة الصعوبة، لأن كيانها كما هو مصاغ مهدد بالانفراط من قوى مختلفة ومتنوعة داخلية وخارجية، ونعرف أيضا أن من قتلوا أبناءنا واغتصبوا بناتنا واغتالوا خيراتنا، لعشرية كاملة، لم يعاقبوا وليسوا في حاجة لذرائع أخرى لإعادة الكرة، لا حرب مالي ولا فتح الأجواء الجزائرية، فالجزائر كانت وستكون مهددة إن أيدت ما يجري في مالي أو لم تؤيد، فتاريخ هؤلاء المتطرفين حافل وشاهد عليهم.. لكن ما يقلقني هو أن يتكرر مثل هذا العمل في أماكن أخرى من الجزائر، لأن الحرب ما زالت طويلة ومعقدة، ونحن مع كل هذه الاستفزازات وهذا الخطر، نتخبط في قراراتنا سواء كانت بإرادتنا أو بغير إرادتنا.. لكننا ونحن بهذا الضعف المتردي وذاك الصمت المقيت، وبتلك التصريحات الجاهزة. والاختيارات العاجزة، والتوقعات المبسطة، لا نقدم الحماية للجزائر بل سنسيء لسمعتها وسنرهن مستقبلها إن آجلا أم عاجلا.