يمثل التنظيم المسلح في شمال مالي، الإرهاب الملثم، الذي أكل الأخضر واليابس، وجعل من المنطقة مرتعا للتنظيمات الإجرامية للقاعدة وغيرها. ومن جهة أخرى، تمثل فرنسا بقواتها وجيوشها، الإرهاب المكشوف، لأنها لا تستطيع في أي حال من الأحوال أن تخرج من هذه الحرب بدون إسقاط ضحايا مدنين، وبالفعل بعد ثلاث أيام فقط من بداية الحرب، سقط أكثر من عشرات القتلى في صفوف الأبرياء الذين ليس لديهم أي ذنب في هذه الحرب، وقد شددت بعض الصحف ووسائل الإعلام الغربية، وكذلك حقوق الإنسان عن سخطها في هذا الجانب. في آخر التطورات، أسفرت عملية تحرير الرهائن، الذي احتجزتهم مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب العربي بموقع لإنتاج الغاز في عين أميناس جنوب شرق الجزائر، عن مقتل 03 رهينة، وقالت بعض المصادر أن بين الضحايا سبعة أجانب، بينهم يابانيان وبريطانيان وفرنسي، بالإضافة إلى جزائريين،Åكما أعلنت نبأ مقتل 51 إرهابيا خلال العملية، من بينهم زعيم المجموعة أبو البراء، كما أضافت هذه المصادر أن الجيش فكك عبوات وأحزمة ناسفة كانت معدة لتفجير الموقع. وبدوره أعلن وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية أن خاطفي الرهائن المحتجزين قدموا من ليبيا، وقال: أن كل المعطيات والحقائق كشفت أن المجموعة الإرهابية التي هاجمت القاعدة البترولية جاءت من ليبيا، وإن العملية تمت بتخطيط وإشراف الإرهابي مختار بلمختار على الأراضي الليبية. الجيش الجزائري وبحكم خبرته في مثل هذه العمليات العسكرية، بدأ في وقت سابق عملية اقتحام المجمع الذي يحتجز فيه الرهائن الغربيون عبر هجوم للقوات البرية، وقد أعلن متحدث باسم الخاطفين أنهم يحتفظون ببقية الرهائن وسيقومون بتفجيرهم إذا ما اقترب الجيش الجزائري منهم. وقال أحد زعماء، جماعة الملثمين، المنشقة عن تنظيم القاعدة التي يقودها مختار بلمختار، إن كتيبة، الموقعون بالدماء، التي نفذت العملية، تمكنت من إحكام السيطرة على مجمع تابع لمنشأة نفطية بالمنطقة الجنوبية. وفي نفس السياق، قالت مصادر مقربة من وزارة الدفاع الفرنسية أن باريس قررت رفع حجم قواتها المسلحة في مالي لثلاثة أضعاف عددها الحالي، حيث يعد هذا الإعلان إشارة إلى استعداد فرنسا خوض حملة عسكرية طويلة الأمد في مستعمرتها السابقة ضد المقاتلين الملثمين الذين بسطوا سيطرتهم على شمال البلاد. ويأتي القرار الفرنسي بعد أربعة أيام على بدء هجوم جوي لقواتها المسلحة يستهدف مواقع الإرهابيين الذين يحتلون قطاعا واسعا من شمال مالي. حيث تهدد الجماعات الإسلامية المقاتلة في شمال مالي باجتياح ما تبقى من البلاد. وزادت حدة هذا القلق، عندما أعلنت بلادنا في وقت سابق عن غلق الحدود مع مالي، وسمحت للطائرات الحربية الفرنسية بعبور أجوائها، وتواجه فرنسا والدول المتحالفة معها مهمة وقف زحف المقاتلين الإسلاميين، الذين ينتمون لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وحركة أنصار الدين. وقد هددت هذه الجماعات بضرب المصالح الفرنسية في كل مكان في العالم، ردا على الغارات الجوية الفرنسية. ويرى مراقبون أن زيارة الوزير الأول المالي، كانت بهدف تقديم هذا الطلب، أي غلق الحدود، لمنع هروب المسلحين إلى التراب الجزائري، ومن ثمة إجبارهم على الاستسلام. وكانت الجزائر قد عبرت عن تخوفها من جرها إلى، حرب استنزاف، في شمال مالي بعد إعلان فرنسا تدخلا عسكريا. يقول بعض المحللون العرب في الشرق الأوسط، أن النفط سبب كل التدخلات العسكرية الغربية في البلدان الإسلامية، ومالي هي بلد فقير نفطيا، إلا أنها تجاور حقول النفط والغاز الكبيرة في إفريقيا، كالجزائر وليبيا ونيجيريا وغيرهم، مع امتلاك مالي كميات كبيرة من اليورانيوم والمعادن الثمينة الأخرى، وما العملية العسكرية في عين أميناس إلا دليلا على ذلك. ويضيف آخرون، أن التبرير الذي قدمته فرنسا لتدخلها العسكري في مالي هو في الواقع إدانة لفرنسا والمجتمع الدولي لفشلهم في دعم الثوار في سوريا، فالرئيس السوري الأسد يمثل خطرا ليس على السوريين فحسب، بل على الأمن في الشرق الأوسط، الذي يهدد بدوره الأمن في فرنسا والغرب. فهل يصبح الإرهاب المكشوف ضروري للقضاء على الإرهاب الملثم الذي يشكل خطراً كبيراً على الدول العربية، والإفريقية، والغربية، والعالم ككل؟.