شهدت متوسطات وثانويات ولاية عنابة، منذ بداية السنة الجديدة ارتفاعا غير مسبوق لوتيرة العنف المدرسي الذي اجتاحت مظاهره أقسامها، ساحاتها وحتى مراحيضها، ليتم تسجيل ضحايا جرح وضرب، تبعتها تنديدات من الأساتذة والمدراء الذين دقوا ناقوس خطر العنف الذي يتفشى وتتسع دائرته يوما بعد يوم في أوساط التلاميذ. ويلجأ التلاميذ عبر متوسطات وثانويات بلديات برحال، البوني، سيدي عمار ووسط عنابة إلى استخدام العنف الذي تسخر له جميع وسائل الاعتداء ابتداء من استخدام العصي والهراوات، ووصولا لاستعمال ”موس المبراة” الذي تسبب في جروح بليغة للعديد من التلاميذ، بعد اندلاع مواجهات دامية بسبب فتاة ما، أو لوشاية وصلت مكتب المدير أو بسبب كمية مخدرات يتم الصراع من أجل الضفر بها داخل مراحيض المؤسسة التربوية. وإلى غاية، أول أمس، كانت متقنة رضا حوحو في بلدية برحال، شاهدة على زوبعة مواجهات عارمة اشتعل فتيلها في بادئ الأمر بين تلميذين، أحدهما ينحدر من بلدية برحال والآخر من بلدية وادي العنب، بسبب فتاة، لتندلع النيران بين مناصري هذا وذاك، ويتم التراشق بالكراسي ورمي الطاولات، واستخدام مختلف أنواع الأسلحة البيضاء من هراوات عصي وحتى خناجر، ما خلّف حالة ذعر وفزع كبيرين أجبرا الأساتذة على الفرار، في الوقت الذي تدخل فيه أعوان الأمن الذين تمكنوا من كبح جماح الغاضبين، ثم مباشرة تحقيقات أمنية لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية في مثل هكذا حالة. والسيناريو نفسه كانت قد عاشته متقنة ديدوش مراد بعنابة، وتكرر كذلك ببلدية البوني، التي كانت شاهدة ثانوية القطب الجامعي بها على حادثة اقتحام 13 منحرفا لمرافقها، قصد تصفية حسابات مع عدد من تلاميذها، ما حول الثانوية لساحة مصارعة سقط بها عدد من الجرحى تم نقلهم للاستعجالات الطبية لتضميد جراحهم، فيما تولت الجهات الأمنية مباشرة تحقيقاتها لتوقيف المتورطين وتقديمهم للعدالة. ووسط مثل هذه الوقائع التي تتكرر تقريبا أسبوعيا من ثلاث إلى أربع مرات، تلتزم مديرية التربية الصمت المحير، في الوقت الذي عبر فيه عدد من مدراء المؤسسات التربوية عن تدهور الوضع الأمني في هذه الأخيرة، وضرورة تدخل الجهات الوصية من أجل إعادة للمتوسطة والثانوية هيبتها التي يتم تفقدها يوما بعد يوم أكثر فأكثر، ما فسح المجال واسعا أمام ممارسات لم تكن موجودة من قبل، وما يهدد بشكل كبير عملية التحصيل العلمي التي تتجه نحو الهاوية أمام مثل هذه المظاهر التي اتسعت رقعتها بشكل مقلق للغاية في المؤسسات التربوية عبر ولاية عنابة. ومن شوارع البلاس دارم، سيدي حرب، الفخارين، بوحديد، جمعة حسين، بوسدرة وغيرها تنتقل سيناريوهات عصابات الشوارع للمدارس، حيث يتولى عدد من التلاميذ قيادة فرق مهمتها التدخل باستعمال العنف لاسترداد حق ضائع أو لتنفيذ خطة اعتداء ضد فريق آخر، دون الاكتراث بأي سلطة متواجدة داخل أو خارج المؤسسة التربوية، في ظل التراخي الكبير المتبع في تنظيم دخول التلاميذ والتزامهم بالقواعد الأمنية والنظامية للمؤسسة التربوية بشهادة عدد من مدراء ثانويات ومتوسطات، بل وحتى ابتدائيات بعنابة كانت قد عرفت استعمال أطفال أبرياء لترويج أقراص مهلوسة من طرف منحرفين ومسبوقين يترصدون بفئة التلاميذ لنشر سمومهم وفرض سيطرتهم عليها تبدأ حاليا بتكريس منطق العنف والقوة ضد المعلمين والإداريين وحتى ضد بعضهم البعض، ما يعتبر تهديدا بالغ الخطورة للعلم والتعليم عبر غالبية مؤسسات الولاية.