باشرت المصالح الأمنية بولاية البيض تحقيقات معمقة لكشف خيوط شبكة بارونات الإسمنت التي عادت للظهور مجددا، وتنشط تحت عباءة سجلات تجارية غير مطابقة للنصوص القانونية، حسبما أوضحه مصدر أمني على صلة بملف القضية. حيثيات الملف تعود إلى شكوى تقدمت بها مديرية التجارة بالبيض ضد ثلاثة أشخاص، من ضمنهم امرأتان تتاجران في مادة الإسمنت بسجلات تجارية غير مقيدة بالسجل التجاري، والبعض منها مشطوب من طرف أصحابها غير أن عناصر القضية كشفت أن أصحابها استطاعوا في ظرف وجيز الحصول على أزيد من 1000طن من الإسمنت من مصنع الإسمنت ومشتقاته الكائن ببلدية الحساسنة بولاية سعيدة بطرق ملتوية، الأمر الذي جعل مصالح الفرقة الاقتصادية التابعة لأمن ولاية البيض تفتح تحقيقا في القضية وتكشف أطرافا خفية على صلة بالموضوع. وحسب المعلومات الأولية، فإن هذه الشبكة التي يزيد عددها عن عشرة أفراد تقوم باستعمال سجلات تجارية مختلفة، منها المقاولاتية، وأخرى خاصة بالتمويل لاستخراج كميات هائلة من مادة الإسمنت من مصنع ولاية سعيدة، بتواطؤ من جهات داخل المصنع لتسهيل المهمة وعدم الاحتكام إلى قاعدة الطوابير المعهودة عبر المدخل الرئيسي للمصنع، لتقوم هذه الشبكة بتعبئة شاحناتها المقطورة والتوجه بهذه الكميات إلى ولاية البيض، والاحتكام لمبدإ المضاربة ببيعها بأسعار خيالية غالبا ما فاقت 800 دج للكيس الواحد ذي وزن 50كيلوغرام، حسب السعر المرجعي للسوق السوداء بالبيض. ولا تعد هذه القضية الأولى من نوعها، حيث سبق لمصالح الأمن خلال السنوات الفارطة معالجة العديد من مثيلاتها، كما هو الحال بالنسبة لقضية استعمال ملف مقاولة خاصة بأحد شباب ولاية البيض من طرف عصابة مجهولة، قامت من خلالها باستخراج آلاف الأطنان من الإسمنت من مصنع ولاية سعيدة وفق سندات طلبية خاصة بمشاريع وهمية، وقامت بتوجيهها نحو السوق السوداء واحتكار السعر، تبعا لأزمة التمويل التي كانت تتخبط فيها الولاية آنذاك ويبقى الملف بين أدراج العدالة للفصل في حيثياته تبعا لحلقة إقليم الاختصاص. وأوضح مصدر أمني أن ملف شبكة بارونات الإسمنت الذي تعالجه مصالح الفرقة الاقتصادية والمالية من شأنه أن يطيح بالعديد من الرؤوس الكبيرة، بالنظر إلى حجم الكميات المستخرجة، وأيضا ثبوت تواطؤ العديد من الأشخاص حتى من داخل المصنع العمومي. وتسببت بارونات الإسمنت بولاية البيض في تجميد العديد من المشاريع التنموية بالولاية، نتيجة غلاء سعر الكيس الواحد من هذه المادة الأساسية في البناء، إضافة إلى مختلف أساليب الاحتكار والمضاربة التي باتت تميز السوق المحلية خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى بروز فئات جديدة برزت عليها مظاهر الغنى والثروة في ظرف وجيز، وهو الأمر الذي تعمل المصالح المختصة على فك رموزه، خصوصا وأن الأمر يتعلق بالمساس بالاقتصاد الوطني، حسب المصدر.