احتفالات الذكرى ال70 لاندلاع الثورة المجيدة: رئيس المجلس الرئاسي الليبي يحل بالجزائر    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المنتدى السادس لشبكة الهيموفيليا في شرق البحر الأبيض المتوسط    مستقبل الصحراء الغربية يقرره فقط الشعب الصحراوي    المرأة الجزائرية شكلت السد المنيع أمام محاولات المستعمر لطمس هوية المجتمع الجزائري    مجلس الجامعة العربية: دور وكالة "الأونروا" لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله حتى يتم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة    السيد عرقاب يستقبل نائب رئيس مجلس الدوما الروسي    مجمع إيميتال يغير تسميته إلى "الشركة الوطنية للحديد"    حوادث المرور: وفاة 20 شخصا وإصابة 394 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية : تدشين عدة مرافق وإطلاق مشاريع تنموية بغرب البلاد    لا يمكننا الانحراف عن مرجعية الثورة    السنوار أحيا قضية فلسطين وأفسد مشاريع العدو وحلفائه    المحكمة الدستورية تشارك في مؤتمر زيمبابوي    وزير الداخلية يقدم عرضا    الإذاعة الجزائرية تطلق الموسم الثاني    إجراءات جديدة لتسويق المنتوجات بأسعار معقولة    الجيش الوطني يواصل حربه على الإجرام والإرهاب    الصالون الوطني للفنون التشكيلية/جيجل: عشرات اللوحات الفنية تزين بهو دار الثقافة "عمر أوصديق"    تشيع جثمان المجاهد العقيد الطاهر زبيري الى مثواه الأخير بمقبرة العالية    السيد عطاف يستقبل نائب رئيس مجلس الدوما الروسي    بيان أول نوفمبر 1954 "صاغ بدقة شهادة ميلاد الجزائر الحرة المستقلة"    الملاكمة/بطولة العالم للأواسط-2024 :الملاكم الجزائري مصطفى عبدو يتوج بالميدالية البرونزية    الرابطة الأولى "موبيليس": يوم تقييمي لأداء حكام النخبة بمركز سيدي موسى    عون يدشّن..    سبّاقون صنعوا المجد.. رجال صدقوا الوعد    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    الجزائر..الثائرة المنتصرة    السكن والأشغال العمومية يواصلان تحدي التشييد والبناء    مجلس الأمن الدولي يوافق بالإجماع على مشروع بيان صحفي    للفن السابع ضلع في نيل استقلالنا    تتويج صالح بلعيد بجائزة الملك سلمان    مشاريع لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد    موثوقية الجزائر محفّز لجلب الاستثمارات    القبض على ثلاثة تجار مخدرات    آلة رفع الأتربة تقتل شخصين    510 عائلة تستفيد من الطاقة الشمسية    الكشف المبكر عن سرطان المبيض يرفع فرص الشفاء    غلام: طريقة لعب المنتخب الوطني تغيرت مع بيتكوفيتش    شياخة: اخترت "الخضر" عن قناعة وأحلم بمونديال 2026    عودة مرتقبة لعبدلي    "حماس" تجدّد انفتاحها على أي اتفاق ينهي معاناة الغزاويين    رفع المنحة الجامعية لطلبة الطب بأثر رجعي    الحفاظ على الطبيعة مسألة تراثية أيضا    فرسان البيان يتغنون بملاحم ثورة التحرير    هيئات مغربية توجّه نداء إلى الشعب لتوحيد الجهود    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني : إعادة انتخاب الجزائر عضوا في المجلس التنفيذي    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية:مسابقة وطنية في فن الجرافيتي والرسم الزيتي بالعاصمة    تصفيات كأس إفريقيا 2025: المنتخب الوطني الجزائري يجري تربصا تحضيريا من 11 الى 17 نوفمبر    المكتب الفدرالي يدعو الأنصار إلى إدانة كل اشكال العنف..استحداث جائزة أفضل لاعب في الشهر وجائزة اللعب النظيف    الفاف: تربص تكويني من 4 الى 9 نوفمبر بالجزائر العاصمة لنيل شهادة "كاف-أ"    وزارة الصحة: افتتاح التسجيلات للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالتكوين شبه الطبي    تدشين المخبر المركزي الجديد    علي عون: استهلاك الأدوية يرتفع ب15 بالمائة سنويا في الجزائر    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    اتفاقية وشيكة بين الجزائر وكوبا    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    الاستخارة والندم والنفس اللوامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآن بدأت المعركة في طرابلس
نشر في الفجر يوم 08 - 06 - 2013

وقع المحظور إذن، وخرج المسلحون برشاشاتهم وقذائفهم وقنابلهم، من الضاحية الشمالية لطرابلس، حيث مناطق الاشتباكات المعتادة، منذ عام 2008، بين جبل محسن وباب التبانة، ليعلنوها حربا على كل طرابلس. صار المسلحون عند كل مفترق وزقاق. لا أهداف معلنة، ولا غاية معروفة لهم. يطلقون النار في وضح النهار وهم يجوبون المناطق الآمنة، يغلقون شارعا هنا، ويهاجمون حاجزا للجيش هناك، ويحرقون محال تجارية في مكان ثالث. هكذا أصبحت العاصمة اللبنانية الثانية تحت رحمة ملثمين، مدججين، يختبئون حينا، ويظهرون حينا آخر، ليعيثوا فسادا حيث يحلو لهم، لا تردعهم الأسواق المملوكية الأثرية التي يتمترسون فيها باكتظاظها السكاني أو قيمتها الجمالية والتاريخية، ولا القلعة الصليبية الشامخة بعنفوانها. الآن فقط، وبعد أن بلغت الهمجية حد الفجيعة، ودخلت طرابلس حرب شوارع، استيقظ السياسيون واتفقوا على أن يطلقوا يد الجيش اللبناني لوضع حد لما يصطلحون، تهذيبا، على تسميته ”الفلتان الأمني”. الآن بعد أن سمنوا مسلحيهم وكبروهم، اتفقوا على أن ”الشرعية هي الملاذ” و”الجيش هو الملجأ الأخير”. لعل خوفهم من امتداد المعارك إلى مناطق أخرى أشد حساسية هو السبب، أو خشيتهم على ما بقي لهم من قلة شعبية تحالفهم. فكل ادعاء بمعرفة كواليس العفن السياسي اللبناني هو ضرب في الرمل.
إذا صدقنا النائب السابق وعضو المكتب السياسي في ”تيار المستقبل” مصطفى علوش، بأن عدد المسلحين في طرابلس يناهز الثلاثة آلاف عنصر، فهذا يعني أن عددهم صار يفوق الجيش الموجود في المدينة، مما يشي أن ”النهاية السعيدة” التي تحدث عنها، وزير الداخلية مروان شربل، لن تبصر النور بعد 48 ساعة كما وعد، ولا بعد 48 يوما، إذا ما استمرت حماسة المسلحين على وتيرتها، أو انخرطت مجموعات جديدة منهم في القتال. والمرجح مما هو على الأرض من كر وفر، لمئات دخلوا المعركة، أن دعما يأتيهم من المناطق المحيطة، وأن طرابلس فتحت عليها أبواب الجحيم، مما يشير، للأسف إلى أن الجيش اللبناني بدأ يغرق في مستنقع آسن.
لافتة حقا، ملابس المسلحين العسكرية الجديدة، وأسلحتهم اللماعة كأنها خارجة من علب هدايا، وأغطية وجوههم المختارة بعناية، وتكتيكاتهم الجماعية، وهجوماتهم المنسقة، والتدرج في نقل المعركة من مكان ضيق ومحدود جغرافياً إلى مدينة يقطنها أكثر من نصف مليون إنسان. لم يترك، على ما يبدو، أي شيء للصدفة في هذه الحرب التي تبدو سيناريوهاتها وكأنها رسمت بدقة، بحيث تناغمت الهجمات على الجيش في طرابلس مع هجمات أخرى في عرسال البقاعية كما في بيروت وصيدا.
في اليوم الذي أعلن فيه عن استيلاء النظام السوري وحزب الله على القصير، بدأت حفلة الجنون في طرابلس، وأعطي الضوء الأخضر للجيش، ليقوم بعملياته العسكرية. تأخر الموعد سنتين على الأقل، سيدفع ثمنهما مواطنون أبرياء كثر، وجنود لا ذنب لهم سوى أنهم فقراء ووظيفة الجيش تسد رمقهم.
العملية الأمنية التي أعلن عنها في طرابلس ستنفذ على ثلاث مراحل؛ وقف لإطلاق النار، سحب المسلحين ومن ثم الانتقال إلى مرحلة المداهمات والتوقيفات، وهو ما سيبذل المسلحون كل غال ورخيص كي لا يصل الجيش لتحقيقه.
من طرائف الخصوصيات اللبنانية، أن السياسيين كما الجيش والقوى الأمنية والاستخباراتية تعرف المسلحين جيدا، والمسؤولون على صلة بهم، وبقادتهم، وثمة حوارات ومفاوضات قديمة، ولا يخلو الأمر، في بعض الحالات، من ود وتبادل لمصالح. الجيش لا يقاتل أشباحا، حتى ولو اتخذوا لوجوههم أغطية، والسياسيون ليسوا خارج اللعبة، أو متفرجين أنقياء وحياديين، فبعضهم له في صناعة هذه الظاهرة نصيب وافر، ومنهم من غض الطرف، وثمة أيضا من هادن واستفاد وصمت.
الأيام القليلة المقبلة، ستؤكد احتمالا من اثنين؛ إما أن الطابق السياسي بكامل عدده الذي وقف كرجل واحد إلى جانب الجيش هذه المرة، هو مخلص في تصريحاته الرنانة، وصادق في رغبته بتخليص المدينة من كارثتها، وهنا سيتمكن الجيش فعلا من تحقيق أهدافه ولو بأثمان باهظة، وإما الاحتمال الثاني وهو أن تتحول معركة طرابلس إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، مريرة النتائج، وعندها لا بد سيكون أكيدا، أن لعبة البهلوانيات على الحبال تمارس بأوقح صورها، من دون وازع أو ضمير. ليس صحيحا أن معركة طرابلس التي فتحت يوم الخميس بهجوم شرس من المسلحين على الأهالي في الأسواق، لإرعابهم وترويعهم، قبل أن يشتبكوا مع الجيش، هي متروكة للحسم العسكري وحده. فالمجموعات المسلحة ليست يتيمة مهما قيل إنها باتت متمردة، وسلاحها كما مالها، لا يهبط عليها من السماء بالتأكيد.
استغفال المواطنين ولى زمنه، وبات على الطبقة السياسية كلها، ممن تواطأ أو سلح أو غض الطرف، أن يكفروا عن ذنوبهم. الدماء البريئة تراق والفرجة شراكة في الجريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.