الآن فهمت لماذا صعدت فرنسا من لهجتها تجاه النظام السوري، حيث قال وزير خارجيتها لوران فابيوس أول أمس، من قطر على هامش مؤتمر أصدقاء سوريا، أنه على إيران وحزب الله الكف عن التدخل في سوريا. إنه المال الذي فرنسا في حاجة إليه، وها هي قطر صديقة فرنسا وعدوة بشار الأسد، توقع مع الرئيس الفرنسي الذي يقوم بزيارة للدوحة على إنشاء صندوق استثماري مشترك، علما أن لقطر استثمارات فاقت ال15 مليار دولار في فرنسا، استثمارات شجعها الرئيس السابق وصديق قطر ساركوزي، وها هو خلفه يسير على نفس الخطى. لا هم للجميع إلا كسب المال على حساب الشعب السوري المشتت بين ملاجئ عبر البلدان، وبين أحياء لا تصمت فيها الانفجارات ولا يتوقف فيها القتل. اجتماع الدوحة اتخذ قرارات سرية يقول وزير خارجية قطر - إن لم تكن كلمة سرية مرادفا لكلمة فشل اللقاء - من أجل تغيير القوة على الأرض! لا أحد يعرف ما معنى القرارات السرية، لكن الأكيد أنها ستكون أخطر من أسلحة حزب الله الذي يدين الجميع تدخله إلى جانب صديقه الأسد. لكن ماذا فعلت القوى الأجنبية وأمريكا تحديدا مع المعارضة السورية؟ لقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز منذ يومين أن أمريكا دربت مقاتلين سوريين في قواعد في الأردن. ومنذ أسابيع قالت الصحيفة ذاتها أن طائرات أمريكية نقلت شحن سلاح من قواعدها في الأردن والسعودية إلى المعارضة على الحدود السورية التركية. قرار تسليح المعارضة الذي تحدث عنه ”أصدقاء” سوريا في الدوحة، والقرارات السرية المشبوهة لن تزيد الوضع إلا سوءاً، وستعمل على قتل المزيد من الأبرياء في ساحة المعارك التي استهدفت أول من استهدفت الشعب الأعزل. ثم من يضمن أنها لن تسقط بيد المتطرفين؟ فكل من قبل استعمال السلاح في هذا النزاع السوري السوري هو متطرف، والجيش الحر الذي يريد أن يظهر بمظهر القوي حتى لا يخسر المبادرة العسكرية، ويقف موقف الضعيف في جنيف 2، لن يتوانى في قتل الأبرياء، مثلما تناقلته الأخبار في الأيام الأخيرة. ومأساة سلمو الحلبي التي هزت العالم ما زالت ماثلة في الأذهان، وعلى ذكر جنيف 2، فروسيا تستغل هي الأخرى مأساة السوريين لتنتقم لنفسها للتأكيد على أنها قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب. لكن لا أحد اهتم لما يريده الشعب السوري، العالق في الداخل بين فكي حرب، أو المشتت عبر الحدود، فالسوريون بعد كل ما عاشوه من مآس، لم يعد يهمهم من سيحكم بلادهم، فقط يريدون لهذه الحرب أن تنتهي، ويعودون إلى بيوتهم وحياتهم، وهو ما لا يعدهم به المجتمعون في الدوحة ويدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري، هؤلاء يعدون الشعب السوري بمزيد من النار ومزيد من الحرب بزيادة تسليح المعارضة بحجة إعادة توازن القوة على الأرض. وفي انتظار أن تكشف الأيام ما هي القرارات السرية المتخذة في الدوحة، أنهى الجيش الإسرائيلي تدريبات على سيناريوهات حرب مقبلة، بينها الهجوم على العمق السوري!؟ لكن هولاند لن يهتم لهذا الخطر، فما يهم هولاند هو إرضاء صديقه القطري، والصديق القطري لا هم له اليوم إلا رأس الأسد؟!