إعتبر ضابط المخابرات المصرية فتحي الديب أن عبد الحفيظ بوالصوف أصبح الأثقل وزرنا بين “الثلاثي القوي” في قيادة قياسا بكريم وبن طبال.. وأسند حكمه هذا بعاملين: عضويته في “اللجنة الوزارية للحرب” المشكلة من الثلاثي نفسه، وإسناد رئاسة أركان جيش التحرير إلى تلميذه الوفيّ “العقيد هواري بومدين”. هذا الحكم ما لبثت الأيام أن أثبتت خطأه لسببين إثنين: أن اللجنة المذكورة ميّعت مسؤولية الإشراف على جيش الحدود خاصة، فخلا الجو لبومدين الذي أصبح لذلك القائد الفعلي لهذا الجيش. أن بومدين “التلميذ” لم يكن وفيا لأستاذه، بل اتخذ ترقيته على رأس هيئة الأركان وسيلة للتمكين لنفسه، استعدادا لسباق السلطة القادم مع اقتراب آفاق الإستقلال، وكثيرون هم الذين يتساءلون: كيف أنسحب بوالصوف فجأة من هذا السباق؟ ولماذا لم يحاول استعمال جهاز الإستعلام والتسليح في هذا السباق؟ يكمن الجواب عن مثل هذا التساؤل المشروع في واقعية بوالصوف، وتقديره السليم لموازين القوى سياسيا وعسكريا ودوليا: لم أدرك أول وهلة، أن تحالف بن بلة وبومدين حسم سباق السلطة عمليا قبل أن يبدأ فعلا.. “إذا تم شيء. بدأ نقصه”.. في أواخر يناير 1960، شكل المجلس الوطني للثورة الجزائرية حكومة مؤقتة ثانية برئاسة فرحات عباس، وجد عبد الحفيظ بوالصوف نفسه فيها على رأس وزارتين: وزارته الأصلية، الإتصالات العامة (الشؤون الأمنية الخارجية)، وزارة التسليح والتموين التي ورثها عن محمود الشريف. الوزارة الجديدة التي أصبحت تعرف اختصارا ب “المالغ” (1) ما لبثت أن أصبحت أهم حلقة في منظومة الثورة وقيادتها.. فالوزارة لم تكن مهمة في ذاتها وحسب، بل مهمة كذلك بفضل العوامل البارزة التالية: 1 عضوية بوالصوف في اللجنة الوزارية للحرب التي عوضت مبدئيا وزارة القوات المسلحة إلى جانب كل من بلقاسم كريم ولخضر بن طبال.. والثلاثة يشكلون القوة الفعلية في قيادة الثورة كما هو معروف 2 تعيين تلميذه ومساعده السابق العقيد هواري بومدين على رأس هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني، عوض العقيد السعيد محمدي مرشح كريم لنفس المنصب. 3 إبعاد المنافس الأقوى كريم مبدئيا عن المناطق الحدودية والقواعد الخلفية المباشرة للثورة، بتعيينه على رأس وزارة الخارجية التي يوجد مقرها بالقاهرة.. هذه العوامل مجتمعة جعلت بوالصوف يطمئن إلى حد ما على مكانته، ويتفرغ لتحسين أداء وزارته، ومصالحها الخاصة المتعددة. طبعا لا يتسع المقام للحديث المفصل عن مهام وزارة بوالصوف، لذا نكتفي بوقفات سريعة عند أهمها وهي ثلاث: الإستعلام، الوقاية، التسليح.. أولا: الإستعلام: تمكن بوالصوف ومساعدوه من إقامة شيكات إستعلام في أهم البلدان المعنية بالنزاع الجاري في الجزائر، بدءا بفرنسا ذاتها.. وتصب هذه الشبكات حصادها الدوري من المعلومات في مركز وطني اشتهر بإسم “قاعدة ديدوش” الواقعة جنوب العاصمة الليبية. وكان الوزير على صلة دائمة بهذه القاعدة عبر اللاسلكي، أينما حل وإرتحل.. ومن منجزات هذا المركز الوطني لاستغلال المعلومات: إعداد نشرات خاصة موجهة لكبار المسؤولين، يومية وأسبوعية وشهرية إعداد ملفات موثقة عن مواقف الوفد الفرنسي المفاوض في إيفيان الثانية، كانت بمثابة سلاح ناجع للوفد الجزائري بقيادة بلقاسم كريم إعداد مشروع برنامج لمرحلة الإستقلال قدم كوثيقة عمل إلى “لجنة الحمامات” (2) التي سهرت على إعداد مشروع برنامج طرابلس عشية الإستقلال. ثانيا: الوقاية أو الجوسسة المضادة التي تستهدف جماعة قيادة الثورة خاصة من محاولات الإختراق التي يقوم بها العدو، والحد منها حفاظا على استقلالية قرارها.. وبالنظر إلى صمود هذه القيادة، وحفاظها على تماسكها، وتمسكها بمطالبها من بداية الثورة حتى استفتاء تقرير المصير في 1 يوليو 1962، يمكن القول أن المخابرات الفرنسية باءت بالفشل الذريع على هذا الصعيد، رغم بعض الأضرار الجانبية التي لا مفر منها في كل الحروب. ومن منجزات هذه الدائرة الساهرة على أمن الثورة وقيادتها، إعداد بطاقية للجزائريين “المتعاونين” مع العدو من نحو 120 ألف عميل(3) ومن حقنا أن نتساءل عن مصير هذه البطاقية غداة الإستقلال.. ثالثا التسليح: رغم السدود والموانع الحدودية شرقا وغربا، ورغم الرقابة الشديدة التي فرضها الأسطول الفرنسي على البحر الأبيض المتوسط، استمرت مصالح بوالصوف في محاولة إختراق هذا الحصار إلى آخر لحظة.. ونكتفي في هذا الصدد بذكر عمليتين كبيرتين ناجحتين. 1 عملية لفائف الزفت المستعملة في تسقيف المباني لمنع تسرب المياه.. في مطلع 1961 أنشأ بوالصوف مصلحة خاصة (م4) بمهمة رئيسية: إمداد الولايات بأكبر كمية ممكنة من السلاح. وقد اهتدى أحد رجال هذه المصلحة إلى حيلة استعمال اللفائف المذكورة لإدخال الأسلحة، فكلف الصيدلي أحمد بن شيكو سيناتور عن قسنطينة بإنشاء شركة تسوق هذه المادة.. وإتصلت الشركة الجديدة بمؤسسة “روبيرو يد” في وهران لإنتاج هذه اللفائف، وطلبت منها شراء كميات كبيرة، اضطرتها إلى الإستعانة بفرعها في المغرب. وهكذا وجدت المصلحة المذكورة الفرصة المواتية للحصول على هذه اللفائف، وحشوها بما أمكن مع أسلحة، مع اتخاذ الإحتياطات الأمنية الضرورية والتمويه المناسب ويتم نقل هذه اللفائف من الدار البيضاء إلى قسنطينة، تحت حراسة الجيش الفرنسي وشرطة الإحتلال ! وكانت حصة الولاية الخامسة تنزل بتلمسان وسيدي بلعباس، وحصة الرابعة بالشلف، بينما تستقبل الولايتان الثالثة والأولى نصيبهما بمحطة سطيف؛ أما الولاية الثانية فتستقبل نصيبها بمحطة قسنطينة. وحسب المجاهد محمد لمقامي، فإن المصلحة المذكورة استطاعت من خلال هذه العملية، إمداد الولايات ب 10 آلاف رشاشة بذخيرتها (4). 2 عملية “بلغاريا”: وقامت بها مصالح قسم الإمداد بأوروبا، وتمت في الفترة ما بين يونيو ونوفمبر1961 وتتمثل العملية في شراء شحنة ضخمة من الأسلحة المختلفة من بلغاريا، ونقلها بحرا إلى أحد الموانئ المغربية. ونظرا لأن الصفقة تتطلب مبلغا هاما من المال، اتصل المجاهد أمحمد يوسفي مسؤول القسم بالوزير بوالصوف.. ففاجأه برد غير متوقع: ”هذه الأسلحة يمكن أن تستعمل ضدنا”! في إشارة إلى احتمال تطور الخلاف بين الحكومة المؤقتة وهيئة الأركان في اتجاه مؤسف.. ومع ذلك لم يبخل بمساعدته للحصول على الصك الضروري لإبرام هذه الصفقة.. التي وصلت سالمة إلى ميناء الدار البيضاء، ولا نختم هذه الصفحة من تاريخ “المالغ”، دون الإشارة إلى محاولة إنشاء صناعة حربية، بلغت عشية الإستقلال طور إيفاد متربصين إلى بعض البلدان الصديقة، لاتقان هذه الصناعة الحيوية... “من مأمنه يؤتى الحذِر”! كشفت الأحداث المتتالية منذ مطلع 1960، أن “ الثلاثي القوي” في قيادة الثورة - المكون من كريم وبوالصوف وبن طبال - ارتكب خطأ قاتلا بإلغاء وزارة القوات المسلحة، وتعويضها “باللجنة الوزارية للحرب” المشكلة من الثلاثي نفسه. لقد أدى إنشغال الثلاثة (-) بعضهم ببعض وبالمسؤوليات الثقيلة لكل واحد على حدة إلى تميع مسؤولية الإشراف على جيش التحرير المرابط على الحدود الغربية والشرقية، فاستغل ذلك العقيد هواري بومدين قائد الأركان العامة للإنفراد بقيادة هذا الجيش، والعمل على بروز قوة بديلة مشكلة أساسا من ثلاثي جديد: بومدين ومعه الرائدان أحمد قايد ( سليمان) وعلي منجلي. هذا الخطأ الجماعي القاتل صاحبه خطأ قاتل خاص ببوالصوف: ثقته العمياء في العقيد بومدين الذي كان يتظاهر بالولاء المطلق له، ونجح بذلك في تطمينه واستغفاله الى حد كبير.. كان بوالصوف وهو يساعد بومدين على تسليم مقاليد الأركان العامة لجيش التحرير، يعتقد أنه وضع بهذا المنصب الحساس أحد رجاله الأوفياء. وظل على هذا الإعتقاد - الخاطئ- أمدا طويلا ، فلم يتفطن أن “ رجل ثقته” أصبح يعمل لحسابه الخاص، في مضمار سباق السلطة الذي بات وشيكا مع استشراف آفاق الإستقلال.. ويقول المجاهد منصور بودواد - مسؤول التسليح في الجبهة الغربية - أن الشيء الوحيد الذي لم يكن بوالصوف يتوقعه هو خيانة بومدين لثقته فيه، فقد تفطن ذات يوم لمساعي هذا الأخير لسحب بساط السلطة من تحت أقدام “ الثلاثي القوي” فحاول تنبيه بو الصوف، فكان جوابه : ”ذرك من ذاك الراقد”! ومعنى ذلك بإختصار أن “بومدين الراقد” إستطاع أن ينوم أستاذه الذي كان أسطورة في الحذر! ويضيف في نفس السياق أن بوالصوف وصف أمامه غداة الإستقلال بومدين “بالشيوعي” .. فأجابه : كيف تقول ذلك وبطاقية إطارات الثورة كانت بين يديك؟! فإعترف له بكل بساطة، أنه لم يفكر قط في إعداد بطاقة حول بومدين! لم يخسر بوالصوف سنة 1960 بومدين فقط، بل خسر كذلك شخصية قوية أخرى: خسر مسعود زقار الذي كان حلقة في منظومة “المالغ”، يحسب له ألف حساب. لقد غضب عليه فأهانه، بل أراد أن يحاكمه. استغل بومدين الحادثة، فتدخل “لإنقاذ” زقار وإستمالته في نفس الوقت.. وكان هذا التحويل من المؤشرات القوية، على أن رياح السلطة بدأت تهب لصالح “الحنش الأصفر”! (5) كشفت الأيام أيضا أنّ بوالصوف كان على قدر كبير من الواقعية في تقدير موازين القوى، فضلا عن تحلّيه بالإنضباط النضالي الموروث عن تجربته في صفوف حزب الشعب الجزائري. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أنه لم يكن متحمّسا كثيرا، لمسعى كريم المبني على تثمين الشرعية التاريخية، ببعث “عهد أول نوفمبر” مع بوضياف خاصة من القادة السجناء الخمسة. كان كريم يحاول كسب بوالصوف وبن طوبال لمسعاه هذا، لكن أبيا مجاراته، من باب اعتبار أن الخمسة وموقفهم غداة نهاية الحرب، يشكل مجهولا رئيسيا، من الصعب إتخاذ موقف مسبق منه، فضلا عن السبق الحاصل لفائدة بن بلة على الصعيدين الشخصي والدولي.. وعندما أبرم هذا الأخير تحالفه الشهير مع قيادة الأركان، أدرك بوالصوف، أنّ باب الإجتهاد في سباق السلطة غداة الإستقلال بات محسوما. وهكذا كانت كلمته الأخيرة لمساعديه عشية استفتاء تقرير المصير: أنتم إطارات جزائر الغد، فادخلوا لإحتلال مواقعكم في بناء استقلالها عن جدارة واستحقاق. تفرغ بوالصوف بعد الإستقلال لشؤونه الخاصة، ونشط في تجارة الأسلحة كوسيط لبعض الأقطار العربية.. الى أن أدركته الوفاة على حين غرة ليلة رأس سنة 1981، بينما كان يتحدث هاتفيا مع الفقيه البصري الذي قدم له تهاني العام الجديد. لقد صعدت الروح الى بارئها خلال ضحكة من ضحكات بوالصوف الصاخبة، التي يعرفها مساعدوه جيدا. كانت وفاة مفاجئة، الى درجة بعثت الشك في مناضل كبير هو صديقه الحواس بوقادوم الذي لم يستعبد أن تكون من فعل فاعل، لأن الفقيد كان في 54 من العمر، ولم يكن يشكو قبل ذلك من أي مرض خطير... ولعل خير ما نختم بهذ هذه العجالة، شهادة المناضل الكبير حسين آيت أحمد لا في بوالصوف، لكن في عمله من خلال وزارة التسليح والإتصالات العامة، يقول أيت أحمد في هذا الشأن: ”ساهمت الوزارة مساهمة فعالة في تطوير وسائل الكفاح المباشرة وغير المباشرة، وفي سير الثورة المتواصل نحو النصر النهائي”.. (6) صورة للتضامن الليبي مع الثورة فن القصص الطريفة لمصالح بوالصوف ماحدث للمناضل الليبي الهادي المشيري، مسير عدد من الفنادق الفخمة في طرابلس وغيرها. في ربيع 1960 كانت هذه المصالح بأوروبا، بصدد إبرام صفقة أسلحة هامة مع وسيط ألماني، لكن هذا الوسيط اشترط التعامل مع جهة معلومة، ودلها بالمناسبة على رجل الأعمال المشيرقي بالذات، وكان سبق أن تعامل معه لفائدة الثوار التونسيين. وفي أواخر مايو زار العروسي خليفة أمين عام “المالغ” المشيرقي، رفقة الوزير بوالصوف شخصيا، سأله بداية إن كان يعرف ألمانيا باسم “ فيلّي بيزفر” فأجاب نعم، وهنا أضاف :” هل أنت مستعد للتعامل معه لفائدة الثورة الجزائرية؟ أبدى المشيرقي استعداده فورا، معتبرا ذلك تشريفا له. تدخل بوالصوف عقب ذلك، موضحا أن في قبول المهمة خطرا على حياته، فلم يزده ذلك إلا إستعدادا واصرارا. عندئذ طلب منه الوزير أمرا غريبا: أن يكتب وصية، يذكر فيها أنه تطوع لهذه المهمة الخطيرة بمحض إرادته، وأن الثورة الجزائرية بريئة من دمه! كتب المشيرقي المسبّل الوصية (7) والتبرئة معا ! وتم إيداع الوثيقتين أمانة لدى بكري عبد الجبار الوزير المفوض بالسفارة السعودية. التقى خليفة والمشيرقي بعد أربعة أيام في “ ميونيخ”، وتحديدا بفندق “ كونتس هوف” ومن هناك اتصلا بالدكتور “بيزنر“. كانت المخابرات الفرنسية أذّاك في أقصى حالات اليقظة، على صعيد ألمانيا الحليفة خاصة، في محاولة مسعورة لقطع طرق إمداد الثورة الجزائرية بالسلاح. بعد سلسلة من اللقاءات تم الإتفاق، فذهب الوسيط للبحث عن الأسلحة المطلوبة، بينما غادر خليفة ميونيخ لإحضار المبالغ المتفق عليها، تاركا المشيرقي في إنتظاره هناك بين مخالب المخابرات الفرنسية. بعد يومين عاد مساعد بوالصوف من دمشق، ليسلم المشيرقي 3 صكوك باسمه، تتضمن المبالغ التالية: الأول بقيمة 1.189 مليون دولار، محول على مصرف “تشيز مانهاتن” بنويورك - الثاني بقيمة 712.050 مارك، محول على “دوتش بانك” بدوسلدورف (ألمانيا). - الثالث بقيمة 882.200 مارك، محول على نفس البنك السابق. حرص المشيرقي على تسليم خليفة وصلا، ذكر فيه أنه في حالة موته أواعتراضه لمانع طارئ، يتعين على ورثته أن يعيدوا قيمة الصكوك حالا إلى جبهة التحرير، وحرر في نفس المعنى رسالة لمصرف ودائعه. لكن عندما أوشكت العملية على نهايتها، كانت المخابرات الفرنسية بالمرصاد؛ فقد تمكنت من تفخيخ سيارة الدكتور “بيزنر” التي انفجرت ذات صباح بمجرد تشغيل محركها، متسببة في بتر ساقه اليسرى، وإصابة عينه اليمنى بأضرار، نتيجة الشظايا التي تطايرت على وجهه. نسف الإنفجار أيضا المقعد المجاور للسائق الذي كثيرا ما تداول عليه خليفة والمشيرقي، ما يعني أن أحدهما كان مرشحا للإغتيال، لولا الأجل الذي لم يكن في الموعد. انتهى (*) طالع الحلقات الثلاثة السابقة في الفجر، أعداد 5 و12 و19 يونيو الجاري (1) مختصر تسمية وزارة بوالصوف من خلال الأحرف الأولى بالفرنسية. (2) تضم اللجنة من القادة بن بلة، أيت أحمد، يزيد، ومن الخبراء: تمام، بن يحيى، الأشرف، حربي، مالك. (3) حسب إطار سابق في “ المالغ” (4) في كتابه رجال الظل (بالفرنسية)، نشر الوكالة الو طنية للنشر والإشهار، الجزاذر 2004 (5) كناية لبومدين أثناء الثورة... (6) الشريف عبد الدائم، المصدر السابق.... (7) أوصى المشيرقي كذلك بأن يدفن بالجزائر وتم ذلك فعلا سنة 2011) بالعالية.