تتميز الأسواق الجزائرية هذه الأيام بحركية غير معتادة خاصة عشية شهر رمضان الكريم، فالكل يستعد لاقتناء أهم مستلزمات ”مائدة رمضان” وكل متطلبات ”الشربة” معشوقة الجزائريين، ما جعل الباعة في الأسواق يتفننون في عرض أهم التوابل التي تستدعي تحضير طبق شربة فريك فائق اللذة أو طبق ”المثوم” فاتح الشهية في أول يوم الصيام أو ”شباح السفرة” كما يحلو للبعض تسميته. جولة خاطفة في أسواق العاصمة جعلتنا نقف على السيناريو المحتم الذي فرضته لغة ”المارشي”. راس الحانوت المراكشي ينافس البسكري جولتنا كانت في اتجاه سوق فرحات بوسعد ”بميسونيي”، طاولات معروض عليها أهم مستلزمات التوابل الجزائرية والمغربية والتونسية، الباعة ينادون بفريك سطيف ذي النوع الرفيع، وراس حانوت مراكشي جاء من المغرب، والذي أصبح ينافس راس الحانوت البسكري. وحين اقترابنا من صاحب المحل سألناه عن الفرق بينهما، فقال أن الفرق يكمن في المكونات الإضافية، فالبسكري ممزوج بالكركم والمغربي بالزعفران وكل واحد لديه نكهة خاصة في الأكل. من جهة، نجد أن هناك توابل خاصة أدخلت في السوق عند العطارين، منها الخلطة الخاصة بطبق ”المثوم” وخلطة البطاطس المقلية تستعمل لتبقى ”مقرمشة” ومحافظة على طزاجتها، وخلطة أخرى خاصة بالشربة فريك والتي عرفت إقبالا كبيرا، إلى جانب العكري التونسي والحار البسكري، وكل هذه التوابل حدد سعرها ب50 دينارا للكيس. دڤلة نور في الواجهة اصطفت الطاولات الخاصة ببيع دڤلة ”نور” الأصلية التي حدد سعرها ب450 دج، ولكن الناس تمر عليها مرور الكرام، لسنا ندري إن كان سعرها معقولا أو مبالغا فيه. حاولنا الاستفسار من البائع فقال أن الناس تفضل شراءها طازجة أي يوما بيوم، فالصائم لا يستغني عن أكل التمر بعد الإفطار مباشرة عملا بسنة الرسول الكريم. بورصة السوق تعلن عشية رمضان... اختلفت أسعار الخضر من مكان إلى آخر، فمن الكوسة ب40 دج إلى 70 دج في طاولة أخرى، أما البطاطا فمنهم من يبيعها ب25دج ومنهم من يبيعها ب40دج، أما الطماطم فحدث ولا حرج، فالأسعار تتراوح بين 40 دج إلى 80 دج، وقد تصل في بعض الطاولات إلى 100 دج، كل حسب نوعيتها. أما الحشيش والمعدنوس والكرافس والنعناع كلها مستلزمات تدخل ضمن أولويات الأطباق في رمضان، فالأسعار علقت على الحائط وكتبت بالقلم: الحشيش والمعدنوس ب20 دج، وقد يصل في أول يوم رمضان إلى 40 دج، والحميصة ”المشمخة” تقدر ب30 دج بعد أن كانت ب20 دج، الزعيترة ب20 دج ولبلاد ب30 دج، هي أسعار تبدو في متناول البعض، ولكن البعض الآخر يعتبرها غير منطقية لأن شهر رمضان شهر الرحمة. الباعة يتحدون والقرار الأخير في أول يوم رمضان في سوق رضا حوحو بالعاصمة نجد أن الباعة يتحدون ارتفاع الأسعار ويؤكدون بلغة واحدة ”نحن نرضخ للأسعار المتعامل بها في أسواق الجملة، فهي المقرر الأول والوحيد لضبط الأسعار، ونحن لا حيلة لنا سوى الرضوخ للأمر الواقع والمواطن البسيط هو الذي يدفع الثمن”. وأكد الباعة ل”الفجر” أن ”الأسعار في الأسبوع الأخير من شعبان تشهد هدوء معتبرا، فيما ننتظر عشية رمضان ماذا ستفسر عنه لغة السوق لتحديد ثمن السلع”. وعما إذا كانت اللجان المخصصة لرقابة الأسعار تقوم بمعاقبة المخالفين، قال أحد الباعة: ”في الحقيقة فإن هؤلاء لا يصغون لمتطلبات الزبون ولا لرغبات البائع، وعليه فإن الرقابة في شهر رمضان تكون غائبة نوعا ما”. الزبون ”راض”.. عشية شهر الصيام عبر المترددون على سوق رضا حوحو وفرحات بوسعد عن ارتياحهم للأسعار المعروضة، إلا أن البعض متخوف منها ليلة رمضان، مؤكدين أنها سترتفع في أول يوم رمضان وتلتهب... وإلى ذلك الوقت يبقى المواطن البسيط الضحية الأولى لابتزاز الباعة في غياب نظام عقابي صارم للمخالفين لتعليمات الوزارة الوصية التي تبقى في كل سنة تحذر من تجاوز الحد الأقصى للأسعار.