وامعتصماه تلك الصرخة التي دوتْ أصداؤها ذات يوم بعد أن انطلقت من عمورية وما زالت تدوي عبر التاريخ لتصنع انتصارا جديدا للعرب أو تصنع صحوة جديدة أو تحرك الهمم، يبدو أنها تلاشت وماتت بعد أن بحت الأصوات، ويوم أمس فقط شكلت تلك الصيحة صدمة كهربائية كبيرة في جسد الأمة، غير أنها اكتشفت أن المريض قد راح في غيبوبة لا نهوض له منها إلا في القبر، وهذا ما قرأناه عندما وقعت تلك ”المعركة” بين حشد من الجنود الصهاينة المدججين بالسلاح وطفل لو أننا ما رأيناه لكنا كذبنا كل ما قيل بأن عمره خمس سنوات، غير أن الكاميرا نقلته إلينا صوتا وصورة فالطفل إبن خمس سنوات فعلا وجريمته أنه قذف حجرا أو أمسك بحجر ليرشق به سيارة لجند الاحتلال في الضفة التي تقوم عليها ”دولة ”محمود عباس وقد يكون هذا الطفل تمكن من قذف الحجر وقد لا يكون، والصهاينة لا يهمهم في ذلك وهم كالوهابية الذين يحاسبون على النية، فقاموا بمطاردة الطفل حتى تمكنوا من إلقاء القبض عليه ولم يكتفوا بمطاردته في الشارع حتى تبعوه إلى بيت والده فاقتادوا الآخر معه بعد أن كبلوه واقتادوه معصوب العينين... ووسط صراخ الطفل وارتعاده خوفا ادخلوه إلى سيارتهم وانطلقوا به إلى القسم ”للتحقيق” إنها مطاردة الجبناء فعلا، ولسنا بحاجة هنا للحديث عن القوانين ولا عمن سنها ولسنا كذلك بحاجة للحديث عن حقوق الإنسان فكل هذه الأمور لا أهمية لها لدى الصهاينة، ولكن دعونا نذكركم بحكاية معتصماه التي هزت المعتصم العباسي عندما تلقى خبرا مفاده أن امرأة عربية في عمورية تعرضت لاعتداء من الروم وصرخت وامعتصماه فكان ما كان وزحف المعتصم بجيوشه إلى عمورية حيث خاض حربا ضد الروم وسجل ذلك الإنتصار المدوي عبر التاريخ عليهم واليوم محمود عباس منشغل جدا بتطبيق بنود الإتفاق الأمني مع الصهاينة، ولعلهم استأذنوه في أمر ذلك الطفل، أما خالد المطفي فإنه هو الآخر مشغول بأمور لاتبتعد كثيرا عن حدود سوريا، أما الطفل ووالده فقد ضاعت صيحاتهما وتبخرت مع الريح، لأن أحدا لم يسمع وإن أحدا لن يستجيب، ذلك أن أبواب الجنة قد فتحت أما ”المجاهدين” في سوريا طمعا بالحور العين والغلمان المخلدين، وقد هبوا استجابة للنداء الأمريكي من كل أنحاء العالم واستجابوا لصرخة آل مردخاي بن مقرن وحمد القطري بحيث غابت فلسطين عن المشهد وما زالت غائبة ولعلها تغيب إلى الأبد، لأن ”الفوضى الخلاقة ”أرادت هكذا وإن جلبة خيل الطالبان تملأ الساحات الدمشقية بحثا عن السراب، فمتى تصحو تلك الأمة التي تقودها إسرائيل ولا نقول أمريكا ؟