لم يعد هناك حل ممكن للمأساة السورية، فمن العبث أن نتكلم عن حل سياسي، أو حل عسكري بعد كل الدمار الحاصل في سوريا في البنية التحتية والفوقية، وفي البنية الاجتماعية. لكن الدمار الأخير لم يبدأ بعد، عندما توجه الجماعات المقاتلة التي تسمي نفسها بالمعارضة، والتي بلغت حسب مصادر إعلامية 1200 جماعة جهادية، أو بالأحرى إرهابية، فوهات رشاشاتها إلى صدور بعضها البعض، مثلما حدث الأسبوع الماضي مع جبهة النصرة التي قتلت قيادي في الجيش الحر. الأسوأ آت قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، ليلى زروقي، التي زارت الأسبوع الماضي سوريا، وعادت بتقرير بائس عن الأوضاع. ليلى أسرت لأصدقاء بأن لا حل ما زال قائما في سوريا بعدما دمر كل شيء، بل لم يبق هناك شعب أصلا. ليلى قالت في ندوة صحفية ببيروت، إن جميع من التقتهم من الأهالي في سوريا خسروا فردا أو أكثر، بل خسروا كل شيء يملكونه، بل إنهم خسروا جيلا كاملا من الأطفال، سيكبرون على الكراهية، هذا إلى جانب التسرب المدرسي الذي مس أكثر من 70٪ من الأطفال السوريين سواء في المخيمات أو أولئك المحاصرين في الداخل. فبعد هذا التقرير الصادم، هل يمكن أن نتحدث عن طرف منتصر وآخر منهزم في سوريا؟! ومن يعتبر الأسد منتصرا فهو مخطئ، فالنظام السوري الذي يشعر بالانتصار، مثلما قالت الممثلة الأممية، هي مجرد مكابرة. فليس هناك من حل آخر سوى الثبات على الموقف، والمقاومة أمام المؤامرة المحاكة ضد سوريا. الصحافة الإسرائيلية قالت، الأسبوع الماضي، إن الجيش الإسرائيلي خفض من نفقاته، لأنه لم تعد الأنظمة العربية تشكل خطرا على أمن إسرائيل، وأن سوريا دمرت بالكامل وأمامها سنوات كثيرة لتعيد بناء نفسها. لكن إذا استمر الوضع والدمار ورحى الحرب تدك كل بناء في سوريا، فلن يكون هناك في سوريا من سيعيد بناء ما خربته الأحقاد. فهل من السهل إعادة العلاقات بين الطوائف المتحاربة اليوم إلى ما كانت عليه قبل الحرب على سوريا؟! ثم إن أكثر من نصف الشعب السوري الموزع على الملاجئ والمخيمات، صار يبيع نساءه في أسواق النخاسة لأمراء وأثرياء الخليج مقابل حفنة من المال لا تكفي لسد رمق الأسرة، ولا أحد يضمن بقاء المعلقين في الداخل على قيد الحياة تحت التفجيرات والجوع والمرض. هل هناك مؤامرة أبشع من هذه التي خططتها أمريكا حماية لإسرائيل، ونفذتها بسواعد سورية وبدم سوري؟ والأهم من كل هذا أن من ذرفوا دموع التماسيح على حرية الشعب السوري وحقه في التنعم بالديمقراطية، اختاروا له زعيما جديدا للمعارضة اسمه أحمد العاصي الجربة، ذا السوابق العدلية وزعيم قبيلة الشمرة، تاجر مخدرات سابق شذب لحيته ليتماشى مع متطلبات المرحلة، إنه رجل السعودية في سوريا الآن، بعدما تراجع الدور القطري في دول الربيع العربي، تاركا المجال إلى الدور السعودي ليفعل فعلته بعدما استباح الجميع اللحم السوري والشرف السوري.