أكد الدكتور محمد بوسلطان، أن تأخر صدور التنظيم الخاص بقانون البلدية من قبل مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية، أدى إلى عدم تكريس الديمقراطية التشاركية التي تمنح المواطن وممثلي المجتمع المدني حق المشاركة في الجلسات الجماعات المحلية، وأشار إلى أن ارتباط الجمعيات والمجتمع المدني بالأحزاب هي ”السوسة التي تنخر كيان المجتمع وتحول دون تطوره الإيجابي”، واستدل بعدم تقديمها لأي حصيلة إيجابية على أرض الواقع رغم تلقيها الدعم المالي من الدولة. أجمع المشاركون في اليوم الدراسي الخاص بالديمقراطية في الجزائر، المنعقد أمس، بمجلس الأمة، على التأكيد أن تكريس الديمقراطية التشاركية بعيدا جدا عن الواقع، حيث أكد الدكتور محمد سلطان، من جامعة وهران، أن الديمقراطية التشاركية التي نص عليها قانون البلدية الأخير، بعيدة عن التطبيق، لأن المواطن لا يزال بعيدا عن المشاركة في اتخاذ القرار وحضور الجلسات المتعلقة بالمشاريع والمواضيع التي تمسه مباشرة. وأرجع المتحدث السبب الرئيس لهذا الأمر إلى عدم صدور التنظيم الخاص بمثل هذه الممارسات الديمقراطية، وذكر في معرض حديثه أن المواد العديدة التي أتى بها القانون غير مكرسة فعليا، وواصل بأن الجمود الذي يطبع بعض المجالس المنتخبة مرتبط أيضا بالسلبية التي تميز العديد من الجمعيات وتمثيليات المجتمع المدني التي قال إنها لا تهتم سوى بقبض الإعانات المالية التي تقدمها الدولة، دون تقديم حصيلة إيجابية فعلية، معتبرا أن محصلة العمل السلبي للجمعيات سببه عدم وعيها وتحولها عن أهدافها الأساسية، وأضاف وهو ينتقد دورها، أن الجمعيات اليوم تقدم حصيلة على الورق ولا تترجم الإعانات التي تقدمها الدولة بهدف ضمان استقلاليتها وانفصالها عن الأحزاب. وذكر المتحدث أن ”السوسة” التي تنخر كيان الجمعيات، هو ارتباطها بالأحزاب والسياسة، الأمر الذي من المفترض عدم حصوله إطلاقا، وتوقع أن التطور الديمقراطي للمجتمع يبدأ بممارسة الجمعيات لدورها وتحمل المواطن لمسؤولياته بكل وعي. من جهته، أوضح المتخصص في الفقه الدستوري، بوزيدي الأزهري، أن المواطن الجزائري مقصى من ممارسة المشاركة الديمقراطية، من خلال عدم وجود سجلات خاصة بتسجيل الشكاوى على مستوى اللجان البرلمانية، فضلا عن إقصاء الصحافة عن حضور النقاشات التي تتم على مستوى اللجان البرلمانية، واعتبر أن المواطن لا يمكن أن يمارس حقه التشريعي في حالة إخلال النائب بمهمته خلال العهدة، حيث لا يمكن توقيفه وسلبه العهدة رغم سلبية النائب، عكس ما يطبق في بعض الديمقراطية. وأضاف المتحدث أنه من المفترض أن تتم صياغة القوانين الحساسة وتلك التي تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية مباشرة في البرلمان، وقال إن قانون المالية مثلا، أحد أهم هذه القوانين التي من المفترض أن يصاغ بناء على نقاش برلماني يسجل فيه نواب الشعب اهتماماتهم، ليعاد للحكومة لتصميمه وفق التصور المعبر عنه من طرف المنتخبين وليس أن ينزل من الحكومة للبرلمان، وخلص للقول إن تغييب المواطن في تسجيل الشكاوى وإقصاء ممثليه من نقاشات النواب وانفراد الحكومة في إنزال القوانين، تحول جميعها دون تكريس الديمقراطية الحقيقة.