دعا السيد مسعود شيهوب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني أمس إلى ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية الخاصة بالنائب في المجلس الشعبي الوطني وعضو مجلس الأمة في اتجاه تدعيم وتقوية الروابط بين البرلمانيين والمواطنين وتوسيع الديمقراطية التشاركية، وتعزيز الآليات التي تسمح بتحقيق المساواة بين ولاء النائب لحزبه وولائه لناخبيه وموكليه. وأشار السيد شيهوب في ندوة حول موضوع ''المسؤولية السياسية: تقوية الروابط بين البرلمانات والمواطن'' نظمتها لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للديمقراطية، إلى أن تحليل هذه الإشكالية في الجزائر يستدعي بالضرورة تسليط الضوء على الفراغات القانونية التي تعترض أداء المنتخب لدوره كممثل للشعب الذي صوت عليه، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه في الوقت الذي يكفل فيه الدستور حق وحرية الشعب في اختيار ممثليه، مع إقراره بأنه ''لا حدود في التمثيل إلا ما نص عليه القانون''، تعترض العديد من الحقائق الميدانية ممارسة المنتحب لصلاحياته كوكيل شرعي للناخب وممثله أمام الإدارة وأمام الهيئات التنفيذية، مشيرا إلى أنه من بين أولى هذه العوائق، صراع الواجبات الذي يقع فيه المنتخب بين الوعود التي قطعها أمام ناخبيه وولائه لحزبه ولتشكيلته السياسية، والتي تسفر غالبا عن تصويت النواب على توجيهات أحزابهم، حتى ولو تعارضت مع تطلعات الشعب. واعتبر المتحدث أن إصلاح هذا الإشكال أو التعارض بين ولاء المنتخب لحزبه وولائه لموكليه، يستدعي بالضرورة تعديل قانوني الأحزاب والانتخابات، منتقدا في هذا الصدد طريقة اعتماد القائمة الحزبية المغلقة في الانتخابات التشريعية والمحلية، والتي تمنع حسبه الناخب من اختيار الكفاءات وتقيده بالترتيب الذي يفرضه عليه الحزب، مما يتسبب في عزوف المواطنين عن الانتخاب. كما دعا في هذا السياق إلى مراجعة النظام الداخلي الذي تسير وفقه الغرفتان البرلمانيتان والقانون العضوي الذي يحدد العلاقة بين الحكومة والبرلمان، معتبرا بأن طريقة اختيار أعضاء مجلس الأمة والتي تتم عن طريق الانتخاب غير المباشر، تحد من جهتها من مسعى تقوية العلاقة بين المواطن وممثليه على مستوى هذه الغرفة البرلمانية. من جانب آخر شدد نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال الندوة التي حضرها إلى جانب نواب الغرفتين البرلمانيتين كل من السيد رزاق بارة مستشار رئيس الجمهورية والأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، على ضرورة تكريس آليات تمتين الروابط بين البرلماني والمواطن، على غرار تعميم فتح مداومات النواب على المستوى المحلي، حتى يتمكن من الاستماع لانشغالات المواطنين ونقلها إلى الجهات المكلفة بالتنفيذ في شكل مشاريع قوانين أو في شكل استفسارات توجه للحكومة، أو للإدارة بشكل مباشر، وفي حين قدر في هذا الإطار بأن المشرع الجزائري حد من صلاحيات النائب، واكتفى بالتطرق لدوره وطنيا دون التطرق إلى دوره على المستوى المحلي، دعا السيد شيهوب إلى مراجعة القانون الأساسي للنائب، وتعزيز الاجتهاد الذي جاء به المجلس الدستوري في سنة 1997 حول صلاحيات النائب، لتكييفه مع المستجدات والتطورات الحاصلة منذ ذلك التاريخ. كما أبرز في هذا السياق أهمية انفتاح البرلمان على المواطنين، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه لا يوجد في القانون الجزائري ما يمنع حضور المواطن الجلسات العلنية التي ينظمها البرلمان، غير أن وجوب تنظيم عمل البرلمان يدفع بالضرورة إلى إيجاد صيغ لضمان متابعة المواطن لما يحدث على مستوى المجالس النيابية، سواء من خلال إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالبرلمان، أو من خلال دعوة خبراء أو منظمات المجتمع المدني لاجتماعات اللجان البرلمانية من أجل استشارتهم والأخذ باقتراحاتهم. وخلال النقاش الذي دار حول الموضوع تباينت آراء النواب المتدخلين بين مؤيد لقصور القوانين التي تنظم مهام البرلمانيين والمنتخبين، ومعارض للفكرة بحجة أن الخلل يكمن في الممارسة وليس في المبادئ، واعتبر بعض المتدخلين في هذا الإطار بأن البرلماني يجد في الكثير من الأحيان صعوبات في إيصال انشغالات منتخبيه إلى الإدارة، ''لأن هذه الأخيرة لا تصغي إليه''، في حين اعتبر بعض النواب أن تقويم المسؤولية السياسية للنائب والعلاقة التي تربطه مع مواطنيه، تستدعي أولا وضع تقييم أو حصيلة حول عمل النواب منذ بداية عهدتهم النيابية.