لم يعد دور مواقع التواصل الاجتماعية مقتصرا على التعارف وتبادل المعلومات بين الأشخاص فحسب، بل تعدى ذلك وأصبح الملاذ الأخير للباحثين عن المساعدة بمختلف أنواعها، لاسيما من يئس من تلقي العناية الطبية اللازمة في المستشفيات.. لتتحول بذلك صفحات الفايسبوك إلى خير مكان لنشر النداءات الإنسانية. يئس الكثير من المرضى من الحصول على العناية الصحية اللازمة في المستشفيات العمومية. ولفقر حالهم الذي يحول دون علاجهم لدى الخواص أو السفر للخارج، يلجأ هؤلاء إلى نشر نداءاتهم عبر صفحات الفايسبوك طمعا في تضامن المحسنين مع حالتهم، فيما بادر آخرون من الذين يعانون الفقر والحاجة إلى نفس الوسيلة بحثا عن يد المساعدة من المواطنين الذين سجلوا في كثير من المرات، إن لم نقل أغلبها، حالة من الاستنفار القصوى والتضامن في أكمل صوره، معوضين بذلك التقصير الكبير الذي تنتهجه السلطات في هذا المجال. صفحات خاصة بالنداءات.. قام الكثير من شبان الفايسبوك بفتح صفحات خاصة تعنى بنشر نداءات مختلفة لمواطنين فقدوا الرجاء في التفاتة المسؤولين المعنيين لحالتهم الصحية أو الاجتماعية، ليجدوا ضالتهم في صفحات هؤلاء الشبان الذين كرسوا وقتهم لتعريف المواطنين بمعاناة هؤلاء، في سبيل تقديم الدعم المادي وأحيانا المعنوي. ولعل جمعية ”ناس الخير” كانت السباقة إلى نشر النداءات الخيرية عبر صفحات الفايسبوك، والتي لقيت منذ الأيام الأولى تجاوبا منقطع النظير، لاسيما من الشبان الباحثين عن فرصة لإثبات نواياهم الخيرة، لتحذو صفحات أخرى من جمعيات وغيرها حذو الأولى، على غرار صفحة ”1.2، 3 تحيا الجزائر”، ”كل نساء العالم تنجب أطفالا إلا الجزائريات تنجب أبطالا”، وغيرها من الصفحات التي لقيت رواجا منقطع النظير من حيث تجاوب الشباب مع محتوياتها الخيرية. وفي هذا السياق، كان لنا حوار مع مسير هذه الصفحة الذي أشار قائلا:”المحتاجون أو ذووهم يتوجهون إلينا بإرسال مختصر عن معاناتهم وصورهم، لنتكفل نحن بتوعية الناس وإخطارهم بوضع هؤلاء الذي يتطلب المساعدة، ولدى إرفاقنا لأرقام هواتفهم نفاجأ في مرات عديدة بالكم الهائل من المتصلين الراغبين في مد يد المساعدة بكل ما أتيح لهم”. الجهات المعنية تتنصل من المسؤولية.. ليتبناها الفايسبوك بين خطأ طبي رفض الاعتراف به، تماطل في إجراء التدابير العلاجية اللازمة، ورفض غير مبرر للتكفل بعلاج في الخارج.. عينات من معاناة الكثير من المرضى الذين يئسوا من طرق أبواب المسؤولين عن الصحة في بلادنا، دون أن تلقى حالتهم أو توسلاتهم صدى لدى هؤلاء، ليجدوا أنفسهم - مجبرين غير مخيرين - من التوجه إلى لفت انتباه الرأي العام عن طريق نشر تفاصيل قصتهم ومعاناتهم عبر صفحات الفايسبوك. وخلال بحثنا عن حالات مماثلة لم نكلف أنفسنا عناء البحث، فالعينات كثيرة ومختلفة، من بينها مريم البالغة من العمر 13 سنة، والتي كانت تعاني من مرض نادر يسبب لها تشوهات جلدية بشكل مستمر، ولدى عجز الأطباء عن علاجها داخل الوطن وتعنت الجهات المعنية في تكفلهم بسفرها خارج، لجأ أهلها إلى الفايسبوك الذي وجدوا في متصفحيه الخلاص، حيث قام عدد منهم بدفع تكاليف علاجها بعد مضي أقل من شهرين. فيما قام أصدقاء الشاب فضيل من وهران، الذي يعاني هو الآخر مرضا عضالا جعله طريح الفراش في ظل عجز عائلته ماديا عن تحمل تكليف علاجه، بجمع مبلغ مال لا بأس به عن طريق الفايسبوك. هي حالات وأخرى لأهل وقفوا حائرين في الطريقة التي تمكنهم من شفاء فلذات أكبادهم، بعدما وقفت بينهم وبين مرادهم مبالغ مالية ضخمة عجزا عن توفيرها، ليكون الفايسبوك آخر خيط أمل يتمسكون به لحل مشكلة يهونها عليهم المحسنون الذين ترق قلوبهم. النصب والاحتيال واردان.. بدون شك، فإن احتمال تعرض مستخدمي الفايسبوك إلى النصب والاحتيال عن طريق هذه النداءات وارد جدا، لاسيما أن مصدرها في الغالب مجهول والتعامل لا يتم مباشرة مع المعني في أغلب الأحيان، بل عن طريق شبان كل ما يربطهم بالشخص المحتاج بعض المعلومات، صورة ورقم هاتف. فبعد كثرة الحوادث التي تعرض لها بعض المحسنين بات الكثيرون يخشون من تصديق هذه النداءات. وفي هذا الصدد أصبح الشبان يثقون فقط في صفحات معروفة لديهم بمصداقيتها، ولا يعيرون الانتباه لأخرى إلا بعد التأكد المستمر من صدق المعلومات التي تنشرها.