أكد الهاشمي سحنوني، القيادي السابق في جبهة الإنقاذ الإسلامية المحلة، في حوار مع ”الفجر”، أن كل من السلطة والشعب لم يستطيعا استغلال أحداث 5 أكتوبر 1988 كما ينبغي، لأن قادة الحكم لم يأخذوا العبرة مما حدث من ثورة شبابية، ولم يحترموا إرادة الشعب، مشيرا إلى أن الوصول إلى الديمقراطية الحقيقية يتطلب وقتا طويلا والجزائر لا تزال فتية في هذا المسعى. الفجر: بعد ربع قرن من أحداث 5 أكتوبر 1988 وما نتج عنها من إقرار التعددية، هل تمكنت الجزائر فعلا من تحقيق مكاسب في مجال الحريات؟ - سحنوني: نحن لا ننكر أن هذه الأحداث تعد نقطة تحول كبيرة بين العهد الأحادي والتعددي الذي تعيشه الجزائر، إلا أن هذه الأحداث لم يتم استغلالها كما ينبغي سواء من طرف النظام أو الشعب، حيث قوبلت بالانقلاب على إرادة الشعب التي تمت مصادرتها سنة 1991 من خلال تحويل المسار الانتخابي، وهو ما يتنافى مع التعددية السياسية التي أقرها دستور 1989، أما الشعب فقد انحرف عن الأهداف التي خرج من أجلها. ترتبت عن التحول الديمقراطي أحداث معقدة ودامية لا تزال مؤثرة، ولا يمكن تحديد إلى متى سوف تظل تلقي بظلالها على المجتمع، فأي نوع من الديمقراطية تعيشها الجزائر حاليا؟ - الديمقراطية تتطلب وقتا طويلا لفهمها واستيعابها من طرف الشعب، فالمسألة ليست بالهينة، فحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي يضرب بها المثل وتتغنى بالحريات، لم تتمكن بعد من تطبيق النظام الديمقراطي الصحيح، لكن التحسن في مناخ الديمقراطية موجود في الجزائر ولو بصفة جزئية، إلا أن المسار يبقى طويلا أمامنا لضمان المزيد من المكتسبات في مجال الحرية السياسية والنقابية والإعلامية. الفجر: ما الفرق بين انتفاضة 5 أكتوبر في الجزائر، والثورات التي تشهدها البلدان العربية؟ - الفرق كبير، فأحداث 5 أكتوبر جاءت نتيجة تخطيط داخلي ومحدد الأطراف، ولا دخل لأي جهة أجنبية في تحريكها، أما ما يسمى بالربيع العربي، فلم يكن ليوجد لولا تخطيط ودعم الغرب لهذه الثورات أو الانقلابات. أهداف الشعب الجزائري والعربي كانت واحدة، لكن المسيرين لهذه الأهداف يختلفون، ولم يدفع الثمن سوى الشعب في كل الحالات. يقال إن الجزائر تملك حصانة ضد أي ثورة شعبية باعتبار أنها كانت سباقة للتغيير. هل هذا صحيح؟ - الجزائر لا تملك هذه الحصانة المقصودة، لكن الحديث عن ثورة جديدة في الجزائر أمر مستبعد، لأن الأوضاع الناتجة عن أكتوبر 1988 وكذا ما مرت به البلاد خلال العشرية السوداء، جعل الأمور أصعب، فالشعب لم يعد قادرا على تحمل المزيد من المآسي والجراح في هذه الفترة بالذات التي تحتاج فيها الجزائر إلى معركة التغيير والبناء وليس التحطيم والعودة للوراء.