أدى غياب الشعر الذي انبثق على أثر حرب التحرير في الجزائر دار نشر ”لوتان دي سوريز” الباريسية لإصدار أنطولوجيا مهمة بعنوان ”الشعراء وحرب الجزائر” أعدها الشاعر فرانسيس كومب وضمت مجموعة واسعة من القصائد التي كتبها شعراء فرنسيون وجزائريون حول هذه الحرب. وتجدر الإشارة بداية إلى أن القصائد الفرنسية الأولى التي تناولت موضوع مستعمرات فرنسا ظهرت في القرن التاسع عشر ونظر أصحابها فيها إلى هذه المستعمرات كفضاء استيهامي جديد سمح لهم بتجديد وحيهم. ويجب انتظار بداية القرن العشرين كي يتبلور وعيٌ لدى الشعراء، والكتّاب عموما، بشأن طبيعة الاستعمار السلبية، فبعد فضحهم مجازر الحرب العالمية الأولى وفظائعها، انتقد ”الدادائيون” والسورياليون جرائم الجيش الفرنسي في المغرب خلال ما عُرفت ”بحرب الريف”، قبل أن تدعو مجموعة أندريه بروتون إلى مقاطعة ”المعرض الاستعماري” وتنظّم معرضا مضادا له. لإعداد هذه الأنطولوجيا، ارتكز كومب على النصوص التي نشرتها للمرة الأولى مجلة لويس أراغون ”الآداب الفرنسية” ومجلة ”أوروب” ومجلة ”أكسيون بويتيك” وفي مقدمته لهذا العمل، يلاحظ كومب أن النضال ضد هذه الحرب شغل بشكل رئيسي شعراء مجلة ”أكسيون بويتيك” كتابةً وأيضا من خلال نشاطات أخرى مختلفة كالتظاهر وتوزيع البيانات وكتابة الشعارات على الجدران. ويذكّر في هذا السياق بالعدد الخاص الذي رصدته هذه المجلة للحرب وأيضا بالمقالات والقصائد التي نشرتها بانتظام مجلة ”الآداب الفرنسية” وبعددها الخاص حول الكاتب الجزائري مولود فرعون ورفاقه الذين اغتالتهم ”منظمة الجيش السري” الفرنسية. ومن بين الشعراء الجزائريون الحاضرون في الأنطولوجيا فهم: نور الدين أبا وجان عمروش وجمال عمراني ومصوّر بولنوار وأنّي شتاينر ومحمد ديب وأنا غريكي وجان سيناك وكاتب ياسين وهنري كرييا ونور الدين تيفادي وجان بيليغري ومالك حداد وعمر البرناوي ومحمد صالح باوية ومحمد بلقاسم خمّار.