"الرشوة خيانة عظمى وزمن الرجل المعجزة ولّى" "14 سنة وأنا أجوب ولايات الجمهورية لأعرف الداء وأصف الدواء" أعلن رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، أمس، بفندق الهلتون، دخوله رسميا سباق قصر المرادية بعد غياب دام 10 سنوات عن الساحة السياسية، ”عمل فيها على بلورة مشاكل الجزائر ليصنع برنامجا يحاول فيه أن يتجاوز مآسي 25 سنة من الحكم، كانت الرشوة والفساد وإهدار المال العام السمة، ويبحث عن شرعيات جديدة لا يحتكر فيها أحدا حب الوطن”. عاد الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني علي بن فليس في لقائه أمس بأسرة الإعلام، إلى المشهد السياسي من أوسع الأبواب، يطلب تزكية الشعب الجزائري لبناء جزائر قوية بمؤسساتها الشرعية، قوامها استقلالية العدالة والتطبيق الصارم للقوانين لأخلقة الحياة السياسية، والقضاء على الرشوة وتبديد المال العام، وتكريس دولة الحق والقانون بعيدا عن الحقرة والتهميش والبيروقراطية، التي فقد معها الجزائريون كرامتهم، والأمل في المستقبل. وحرص بن فليس الذي كان واثقا من نفسه في مداخلته التي امتدت إلى قرابة ساعة ونصف، الإجابة على مختلف الانشغالات ذات الارتباط بأسباب ترشحه وانسحابه من الساحة السياسية لعشر سنوات، ومن يقف وراءه في دولة يؤمن فيها الكثير أن المؤسسة العسكرية وحدها تصنع الرؤساء في الجزائر، حيث يؤكد المحامي الخطيب، أنه قرر الترشح ورفع اكبر تحدي في حياته، لخدمة الوطن، وبعث تحولات جديدة تكون في مستوى تضحيات الشهداء. وشدد بن فليس على أنه لا يخضع لأي إملاءات، وقراراته نابعة من إرادته الشخصية ومن مصلحة الوطن، في إشارة إلى من يتحدث على أن ترشحه كان بأمر من المؤسسة العسكرية، وانه ما كان ليجرا أو يغامر دون رضاها على حد قوله ” قراراتي أملتها المصلحة العليا للوطن، ولن تكون قراراتي ديماغوجية أو انتهازية أو مبنية على المحسوبية بل المصلحة العليا للجزائر الغلاف الصلب الذي أصدر فيه قراراتي”. وقطع بن فليس الطريق على كل المشككين في نواياه ورغبته بالتأكيد على أن ”لم أكن ببساطة وصراحة من أنصار تقسيم الجزائريين إلى عدو وصديق، لأن أعدائي هم أعداء الشعب الجزائري قاطبة، البطالة والفقر والظلم”، مشددا على أن ”التاريخ وحده من يقيم لعمالنا ويزكي أو يلفظ تصرفاتنا وإنجازاتنا” في إشارة إلى دعاة العهدة الرابعة الذين يتمسكون بترشيح بوتفليقة، ردا لفضله في عودة الأمن والاستقرار. وحرص بن فليس على التأكيد لكل من يتهمه ب”معارضة الصالونات”، والانسحاب بعد فشله في اقتطاع تأشيرة قصر المرادية في 2004، أنه كان طوال 10 سنوات يجوب كل ولايات الجمهورية، ويتواصل مع الشباب، لتشخيص دائهم وتقديم إجراءات عملية وحلول واقعية لخلق الثروة الوطنية بعدا عن عباءة المحروقات. من جهة أخرى، أعلن بن فليس الثورة على الشرعية الثورية، التي حكم بها النظام الجزائر منذ الاستقلال، ”أنا مصمم على بروز شرعيات جديدة، شرعية العلم والمعرفة والجدارة وانبعاث قيم العمل والجهد.. شرعيات جديدة تمد جسورا مع تلك التي كانت سببا في تحقيق أمجاد شعبنا وملحمة كفاحه المستميت من أجل قيم الحرية والعدالة”. وفي سياق متصل، طمأن بن فليس المعارضة، التي اعتبرها فاعلا سياسيا، لا غنى عنه في الحياة الديمقراطية وليس هناك من أحد جماعة أو ممثل للدولة يمكنه ادعاء احتكار الوطنية أو تنصيب نفسه كالمؤتمن الوحيد على المصلحة الوطنية”. وبعيدا عن لغة الخشب والوعود التي عادة ما يغدق بها المترشحون في مختلف الاستحقاقات، قال بن فليس: ”إني ألتزم بقول الحقيقة للجزائريين وبعدم توزيع وعود واهية فزمن الرجل المعجزة قد ولى ولا يمكن لأحد أن يعد بتحقيق المعجزات لكن في المقابل أدعو الجزائريين إلى جهد جماعي”. فاطمة الزهراء حمادي دعا لعقد وطني ضد الرشوة لبناء علاقة ثقة بين المواطن والدولة بن فليس يتعهد باجتثاث الرشوة لبناء دولة الحق تعهد المترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2014، علي بن فليس، في ندوة صحفية خصصها لإعلان ترشحه للاستحقاقات، بمحاربة الرشوة واجتثاث جذورها من المجتمع لأنها تؤثر على كيان الدولة والاستقرار العام للوطن، ودعا إلى عقد وطني ضد الرشوة يساهم فيه جميع الجزائريين بشكل يضمن في النهاية أخلقة الحياة العمومية وإعادة الثقة بين المواطن والدولة وإعادة استقلالية القضاء. واعتبر علي بن فليس أن القضاء على الرشوة هو أحد الأولويات الأساسية له في المرحلة القادمة، مقدرا أنه من المستبعد أن يتم أي بناء خارج القضاء على الآفة، وتساءل ”هل من المعقول أن يكون لنا طموح للجزائريين، ولصالح مواطنينا والتعايش في نفس الوقت مع رشوة ما فتئت تزداد وتنتشر وتعم وهي التي عرفت في السنوات العشر الأخيرة مستويات لم تصل إليها قط منذ استقلال بلادنا؟”. وأضاف أن ”الرشوة أصبحت ظاهرة يومية تفشت في البلاد بأسرها ولم تستثن أي قطاع”. واعتبر أن الرشوة في الجزائر لا يكمن في الرشوة الإدارية، بل في الرشوة السياسية أيضا، أي تلك الرشوة التي تضمن اللاعقاب، وتمس استقلال العدالة وتلحق الأذى بالمال العام ومال الشعب الجزائري”. واستعاد بن فليس أمام الصحافة الوطنية والدولية التذكير بالأخطار التي باتت تلحقها الرشوة ببلادنا واستقرار النسيج الاجتماعي، قائلا ”لقد بلغت الرشوة في السنوات الأخيرة حدا حتى مست بالتوازن الاجتماعي وبلغت حدا آخر مقلقا يهدد كيان الدولة، فعلى الذين يمارسون وظيفة عمومية أن يكونوا من حيث المبدأ ومن باب الواجب المهني وأخلاقياته مثالا يحتذى به”، وتعهد بمحاربة الآفة، وبشكل مستمر وحازم ”الأسباب العميقة الحقيقية لظاهرة الرشوة، وذلك عبر الشفافية في أداء الدولة”. وأقسم بن فليس ”بملاحقة الراشين والمرتشين، وكذا عبر تخفيف وتبسيط الإجراءات الإدارية والبيروقراطية المعقدة”. التي سببت حسبه ظاهرة الرشوة في غالب الأحيان. ودعا بن فليس إلى عقد وطني صادق ضد الرشوة، يتمحور حول جملة من الإجراءات تهدف إلى نبذ تدخلات السياسي في سير العدالة، فضلا عن تفعيل أو تقوية آليات مراقبة الدولة بشكل واضح وشفاف ”كون الشفافية عامل جدا أساسي للمواطن وللمؤسسات الاقتصادية التي تسعي إلى الاستثمار والتي تطالب باستقرار تشريعي وتفعيل الضمانات التي يمنحها إياها القانون”. كما التزم علي بن فليس بطي صفحة اللاعقاب وتجسيد مبدأ مساواة الجميع أمام القانون وأن مع تقديم عرض مفصل وشفاف عن كل دينار ينفق في الجزائر. كما نفى بن فليس أن تكون الرشوة المنتشرة اليوم في الجزائر جزءا من ثقافة الجزائر، مشيرا ”لذا فإنها ليست أمرا محتوما لا مفر منه بل هي بكل بساطة جريمة غير أخلاقية مرفوضة اجتماعيا، فيجب إذن عزل المرتشين ومحاربتهم، وبالنسبة لي كما هو بالنسبة للكثير من الجزائريين الآملين في مستقبلهم غير يائسين”.