أتهم جميع الأحزاب لأنّها لا تنتمي للوطن الشعب التونسي ماض في أخذ حريته ولو كره الكافرون أشار الشاعر التونسي، جمال الصليعي بأنّ هناك من السياسيين الذين يحكمون تونس اليوم يريدون فقط الجلوس والاستحواذ على الكرسي الذي خلّفه الرئيس الفارّ زين العابدين بن علي، ولا يهمهم الشعب ولا طموحاته، مؤكدا بأنّ منهم عاد بأزلام ”عابديين” جدد. أكدّ الشاعر التونسي، جمال الصليعي، صاحب ديوان ”وادي الرمل”، بأنّ الشعب التونسي في خضم الحكومة الحالية التي جاءت بعد الثورة وبعد فرار بن علي، الرئيس السابق، يبحث كما كان في السابق عن حياة عادية يحقق فيها طموحاته وآماله بعد سنوات من الدم والثورة التي راحت من أجلها العشرات. غير أنّ الصليعي قال ”لكن جاء هؤلاء السياسيون وقدموا لنا أحزابهم وكأنّهم يريدون أن يسكنوا الوطن، حيث يوجد في تونس اليوم 160 حزبا، ولدى كل حزب انتماء أي غرابة هذه؟. وأضاف المتحدث بأنّه يتهمهم جميعا إذ لا أحد منهم ينتمي لهذا الوطن” تونس”. وفي السياق أوضح الصليعي لدى نزوله، أول، أمس، بقاعة الأطلس، ضيفا على برنامج ”موعد مع الكلمة”، الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام، بأنّ الشعب التونسي افتك حريته عنوة بفضل شهاداته وتضحياته وسيمضي في تحقيقها بالكامل ولو كره الكافرون ورفض السياسيون، لأنّ القائمين على كرسي الحكم اليوم همه الوحيد هو وراثة الكرسي القديم بل نهبه. وأكدّ في السياق ذاته بأنّ ثورة الياسمين أساء لها هؤلاء بالظلم واللاعدالة، فبعد أن أزاحت الظلم أمس يجب أن تزيحه اليوم وغدا وتنظيف السلطة من مثل هؤلاء ممن لا يمتون بصلة إلى الوطنية والوطن حتى لا يأتي ظلم أخر. وفي سياق حديثه عن انشغالات التونسيين ردّ الصليعي بأنّهم يريدون حياة عادية لا متطورة ولا متدنية وهو شيء بسيط من خلال توفير فرص العمل للشباب والتكوين والعيش بسلام في ظل ظروف مريحة وآمنة بعيدا عن التهميش والإقصاء. كما كشف الصليعي في معرض حديثه عن حرية الكتابة في بلاده بأنّ الأديب والكاتب والفنان وغيرهم يفتك حريته بشكل بأي شكل من الأشكال سواء توظيف الرمز أو التمويه أو غيرها، باعتبار أنّ الرقابة كانت تمارس عليهم في ظل حكم بن علي لمجرد الرقابة وبدون أي معنى، فلو يروك تتحدث إلى شخص معين أو تكتب شيئا ما يراقبوك وكفى على حدّ تعبيره. لكن يقول صاحب نص ”أنباء القرى”: ”لا أفرض ميولاتي على الحكومة فنحن مجموعة نختلف واختلافنا طبيعي وهو الذي يشكل وجه الجمال الذي تسير به الإنسانية، لكن ليس بتلك الطريقة”. وعن تجربته في الكتابة ومساره الشعري كشف المتحدث بأنّه ابن البادية وغذى موهبته الشعرية بقراءته الأولى للقرآن الكريم، كما لا ينسب نفسه لأي تيار مهما كان رغم أنّ قرائه ينسبونه إلى تيار الكلاسيكية ورغم رفضه باعتباره عربيا صميما لا علاقة له بالآخر إلا بالاطلاع والتلاحق، من أجل التأسيس لحالة أدبية تخصه، وينطلق هذا على حدّ قوله تحت لواء التعاون مع الأخر سيما الأجانب وبالمشاركة وليس بالاستهلاك. وبصريح العبارة أجاب عن سؤال صحفي حول الترجمة في الشعر ”لا أثق بالترجمة في الشعر، حتى لا تنتقل روح الأدب والشعر لأنّه مرتبط بوجدان الأمة لأنّ روحها تنتقل عبر هذه التغيرات اللغوية التي تحملها المفردة، وهناك مفردات لها دلالة تختلف عن دلالة أخرى عند الأمم الأخرى وتحمل وصفا محايدا، وكمثال على ذلك النمل عن الفرنسيين كلمة محايدة ليس لها عمق في لغتنا عكس في اللغة العربية”. وفيما يتعلق بإبداعيته الغزيرة التي تخللتها فترات شح أجاب ” خلال مسيرتي الشعرية لم أتغير في الكمّ والكيف، ولا في المضمون، أكتب بنفس القدر، إلا أنّ السنوات الثلاث للثورة قللت من إنتاجي بالنظر إلى ثوابتي الواحدة التي لا تتغير تجاه الأمة التي أسعى لأن تكون في مراتب أفضل”. وتابع قوله دون أن يخفي العوائق التي حدّت ربما من كتاباته على غرار تواجده ببيئة صحراوية بعيدة عن مظاهرة الحياة والحضارة ”لست شحيحا ولا غزيرا في الإنتاج بل اتخذت منهجا أسير عليه”. من جهة أخرى أكدّ بأنّ بعض قصائده الشعرية التي كتبت بنوع من السخرية والتهكم بمنتهى الجدية والمرارة في نفس الوقت راجعة إلى وجود تيار فرانكوفوني، في الحكم لا يوظف لغة الضاد في خطاباته مثلما حدث خلال اعتلاء الحكومة الجديدة سنة 2011، السلطة في تونس حيث تم تعيين وزير فرانكوفوني لا يحسن العربية على رأس وزارة الثقافة وبالتالي نظم قصيدة تسخر منه. على صعيد يحضر جمال الصليعي لمجموعة من الأعمال على غرار قصائد شعرية مسرحية ستقدم في فعاليات مسرحية قادمة خاصة بيوم الافتتاح أو الاختتام، كما سبق له وأن تعامل مع الشاعر خالد الوعلاني والفنانة صونيا مبارك في عرض مسرحي بعنوان ”عودة الثعبان المقدّس”، مقتبس من نص شعري للراحل أبو القاسم الشابي، وقدم في أيام قرطاج المسرحية.