فارس مسدور: "الاقتصاد الجزائري "مافياوي" ويفتقر لسياسة الانفتاح المؤسساتي" حميدوش: "الحكومة متخوفة من دخول منطق الانفلات الاقتصادي" أجمع المختصون في المجال الاقتصادي على أن هناك مؤشرات تدعو إلى ضرورة تبنيها للوصول إلى مصاف الدول النامية والتي تفتقر لها الجزائر في الوقت الراهن، مؤكدين أن الحكومة متخوفة من دخول منطق الانفلات الاقتصادي لاسيما وأن هناك ما وصفوه ب”الاقتصاد المافيوي”. كشف الخبير الاقتصادي لدى المؤسسات المالية والدولية، امحمد حميدوش، أن هناك مؤشرات تدعو إلى ضرورة تبنيها للوصول إلى مصاف الدول النامية حيث أن النمو الاقتصادي يقارب 4 بالمائة بالمقارنة مع نسبة النمو العالمية والتي تصل إلى 2.5 بالمائة والذي نعتبره إيجابي، إلى جانب تطور الدخل الفردي الذي ارتفع إلى 5 آلاف دولار بالنسبة للمواطن الجزائري بالرغم من أنه لا يعني زيادة في إنتاجية العمل وإنما عدالة نوعية فيما يخص توزيع الريع على المستوى الاحتياطي الذي يقارب 200 مليار دولار، بالإضافة إلى احتواء مستوى التضخم إلى ما يعادل 5 بالمائة. وأكد حميدوش في تصريح خص به ”الفجر” أن السياسة المالية التي تتبناها معظم دول العالم تعتبر محور تقاطع النظرة الاقتصادية والجيوسياسية في الدول، بما فيها الدول المتقدمة، معتبرا أن هشاشة الاقتصاد الجزائري جعلها تنطوي ضمن منظومة اقتصادية هشة، وهو ما أدخلها في نطاق الدول التي تفرض عليها سياسة الانغلاق الاقتصادي على مستلزماتها المالية والمصرفية، وهو الأمر الذي يجعل الجزائر متخوفة من دخول منطق الانفلات الاقتصادي. من جانب آخر قال الخبير الاقتصادي أن المؤشرات الراهنة تجعل الجزائر تصنف من بين 25 دولة رائدة في العالم ومن بين المراكز الثلاثة الأولى في إفريقيا، بميزانية تجهيز تفوق 4 ملايير سنويا والمتمثلة في قطاع السكن والتجهيزات العمومية والطرقات والهياكل العمومية وقطاع الري، كما أن، يضيف نفس المتحدث، تغطية العجز في هذه الميادين على المدى القصير يمثل ”لوجيستيك” هاما للتنمية، وبالتالي يؤدي إلى الخروج من منطق إدارة المستعجل وتحكيم في الأولوية إلى نمط وضع إستراتيجية التنمية والتفكير على المدى الطويل لجعل مؤشرات الاقتصاد الجزائري تخدم الاقتصاد الكلي. فيما تأسف امحمد حميدوش، كون أن الادخار يدور في حلقة مفرغة، مشيرا إلى أن الهيئات التي لها صلاحيات جمع الادخار لم يتم وضع مخطط موجه لتربيته نحو الاستثمار المنتج، بحيث أن معظم القروض الموجهة من قبل البنوك التجارية لمؤسسات الاستيراد بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية موجه لعمليات غير مهيكلة، أما بالنسبة لاستيراد خطوط القرض الموجه لاستيراد حاجيات المؤسسات مع العلم أن العديد منها يمكن إنتاجها محليا من مواد غذائية بسيطة إلى مواد نصف مصنعة أيضا مواد استخراج المعادن وتحويلها. وأوضح حميدوش أنه لا يمكن الحديث عن تفاقم الدين العام في ظل وجود صندوق ضبط الإيرادات الذي ناهزت موارده 80 مليار دولار، بالرغم من تنبؤ وزير المالية بتسجيل عجز بالميزانية يناهز 18 بالمائة سنة 2014 مشيرا إلى الخزينة العمومية يمكن أن تتحمل ذلك، سواء بطرح سندات في السوق من أجل تغطية هذا العجز، أو الاعتماد على موارد صندوق ضبط الإيرادات. وحسب حميدوش فإن الجزائر بعيدة كل البعد عن أي أزمة اقتصادية على المدى البعيد، لأن الاحتياطي من النقد الأجنبي يقدر بنحو 200 مليار دولار، وهو ما يمنح البلاد إمكانيات للاستيراد والاستغناء عن أي استدانة لثلاث سنوات، وهي ليست بحاجة ملحة إلى ترشيد الإنفاق العمومي، والبحبوحة المالية، برأي حميدوش، تمنح للجزائر الحرية في اتخاذ القرار. وفي المقابل، أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية فارس مسدور، أن الجزائر تفتقر لسياسة انفتاح المؤسسات خاصة مع ظهور الأزمة الاقتصادية العالمية بالنظر إلى المستوردين الذين لديهم ممارسة احتكارية لعدد من المنتوجات المستوردة من الخارج كالقهوة والسكر، متسائلا ”هل نتكلم عن اقتصاد فيه حرية أو اقتصاد ”مافياوي” تتحكم في جوانب أساسية خاصة في الإستراتيجية المصرفية حيث يجب تصحيح في المسار لكي يكون انفتاح حقيقي، منها محور الرسوم الجمركية مثل الضرائب وتسهيلات مصرفية لحماية المستوردين الصغار في القوانين التي تحارب كل اطر الاحتكار، وهو الأمر الذي يجعلنا نقول أن اقتصادنا هو اقتصاد ”مافياوي” تتحكم فيه المافيا بشكل خطير جدا كالحديد والإسمنت والسكر والقهوة، فكلها مواد محرم التقرب منها ومسلطة على فئة معينة من المجتمع. وفي الأخير، ذكر الخبير الاقتصادي أن مشكل الجزائر هو الصاينة والتسيير بالنظر إلى الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الجزائر، مؤكدا أن الحلول ممكنة وترتكز على الانسجام والانتقال من الكفاءة الفردية إلى الكفاءة الجماعية، كما يجب الحفاظ على القطاع الطاقوي كقطاع استراتيجي للتفاوض، إضافة إلى ضرورة المرور من الأصول الملموسة إلى الأصول غير الملموسة.